شهدت منطقة شرقية من مدينة دلهي، عاصمة “أكبر ديموقراطية “في العالم، أسوأ موجة من العنف وأعمال شغب تستهدف مسلمي البلاد؛ أودت فيها بحياة أكثر من 46 شخصا معظمهم من المسلمين، إضافة إلى إحراق المساجد وتمزيق المتاجر والممتلكات وتمزيق المصاحف.
وقد ذكرت صحيفة “الأوبزرفر” اللندنية أن العنف الذي تشهده العاصمة الهندية دلهي ليس اضطرابا أمنيا، وإنما هو وحشية تستهدف المسلمين، محملة مسؤولية الدماء التي تراق في شوارع الهند للحزب القومي الهندوسي وأيديولوجيته برئاسة ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند.
قلق دولي
وقد أعربت المنظمات الدولية والعربية وبعض الدول المسلمة -بما فيها تركيا وباكستان وإندونيسيا وإيران- عن قلقها ضد هذه الاضطرابات الطائفية، وقد أصبحت إيران رابع دولة ذات أغلبية مسلمة ترد بشكل رسمي؛ حيث أدان وزير خارجيتها جواد ظريف موجة العنف المنظم ضد المسلمين الهنود، الذي أضاف قائلا: “منذ قرون كانت إيران صديقة للهند، ونحث السلطات الهندية على ضمان رفاهية جميع الهنود، وعدم السماح للبلطجة الحمقاء أن تسود”، مؤكدا أن الطريق إلى الأمام يكمن في الحوار السلمي وسيادة القانون.
من جانبها استدعت وزارة الشؤون الخارجية بالهند سفير إيران لديها، اليوم الثلاثاء، وطلبت منه عدم إدلاء المسؤولين الإيرانيين بتصريحات في الشؤون الداخلية للهند.
وقد نقلت إندونيسيا مخاوفها بشأن أعمال الشغب إلى المبعوث الهندي في جاكرتا بعد أن أصدرت وزارة الشؤون الدينية بإندونيسيا بيانًا أدان فيه العنف ضد المسلمين الهنود.
وفي إشارة إلى أعمال شغب وعنف في دلهي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هناك مذابح ضد المسلمين تنتشر في الهند. كما حذر رئيس وزراء باكستان عمران خان من نشاطات متطرفة ضد المسلمين الهنود، مضيفاً أنه ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على المنطقة بل على العالم كله.
كما قامت منظمة التعاون الإسلامي بإدانة أعمال الشغب والاضطرابات الطائفية في أعقاب تصاعد التوترات والاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين مؤيدي ومعارضي قانون المواطنة الجديد؛ حيث ذكر بيان صادر عن المنظمة يوم الخميس الماضي أنها تدعو السلطات الهندية إلى تقديم المحرضين على أعمال العنف ضد المسلمين ومرتكبي هذه الأعمال إلى العدالة وضمان سلامة وأمن جميع مواطنيها من المسلمين، وحماية الأماكن المقدسة الإسلامية في جميع أنحاء البلاد.
لكن الهند رفضت تصريحات منظمة التعاون الإسلامي، ووصفتها بأنها غير صحيحة من الناحية الواقعية وانتقائية ومضللة، مضيفة أن الجهود مستمرة لاستعادة الحياة الطبيعية والأوضاع الأمنية في دلهي.
قلق أممي
كما أعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السيدة ميشيل باشليت يوم الخميس الماضي عن قلقها الشديد بشأن قانون الجنسية المثير للجدل، وحول تقارير تقاعس الشرطة في مواجهة الاضطرابات الطائفية في نيودلهي، وحثت القادة السياسيين على اتخاذ خطوات حاسمة وفورية لمنع العنف.
وردا على ذلك صرح المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية بالهند رافيش كومار بأن الهند ستواصل العمل بشكل بناء مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية ترفض في معظم الأحيان تصريحات دولية بشأن مثل هذه القضايا، وتؤكد أنها قضايا داخلية لها، وأن دستورها قادر على التعامل مع كل هذه المشاكل، لكن رغم تأكيد الحكومة على رعاية حقوق الانسان وحقوق الأقليات، تحدث مشاكل متكررة مماثلة مستهدِفة الأقليات لا سيما المسلمين، منذ أن تولى حزب بهارتيا جاناتا الحزب القومي المتطرف الهندوسي برئاسة ناريندرا مودي مقاليد السلطة في عام 2014م.