ما أعنيه بالعنوان أعلاه “كورونا والقانون” أو “القانون الكوروني” القانون الذي تحمله فيروسات كورونا، التي لا تميز بين كبير وصغير، وتاجر وفقير، وحاكم ومحكوم، ورفيع وحقير؛ أي.. كورونا تقف من الجميع على مسافة واحدة، كورونا.. الناس عندها جميعهم سواسية من حيث المسافة بينها وبينهم، نعم سواسية كأسنان المشط.
هذه مقدمة وددت أن أبدأ بها قبل أن أعبر عما أريد من وضع نعايشه ونعيشه هذه الأيام التي نتعاون فيها قدر ما استطعنا في مقاومة هذا الوباء لينجلي عن الأمة وتُرفع بإذن الله تعالى الغمة.
هذه الأيام نتذكر فيها أيام اجتياح العراق للكويت، وقد تحدثت في بعض الخواطر حينها في مسجد خبيب في منطقة العمرية عن سيادة القانون والتلاحم والتعاون الذي كنا نعيشه ونعايشه حينها وأقول: هو أمر محمود نعم، ولكن الأصل فيه يكون في حال الهدوء والطمأنينة وعدم وجود الأزمات، نعم الأصل فيه يكون في الحياة الاعتيادية لترتقي الأمم، أما في الأزمات فيكون طارئاً لشعور الجميع ومن غير تفرقة بفقدان مصالحه، والدليل أنه بعد التحرير كان ما كان من سرقات للأموال العامة، وأدعياء البطولات، ومن أجل البطولات المزيفة “عفنت” بعض سيارات الأغذية وألقيت في المزابل لرفض تسليمها إلى الناس إلا عن طريق الأبطال المزيفون المصنّعون للمستقبل!
كورونا اليوم حرك الجميع، العامل والوزير، والمواطن العادي، والكل؛ لأن كورونا عملياً يقول: الجميع عندي مستهدف لا أميز بين ولد “بطنها” أو ولد “ركبها” أو ولد “ظهرها” أو ولد “قاعة رجولها!” الكل مستهدف! نعم.. فلذلك الكل يعمل في النهاية للحفاظ على مصالحه، والكل يعمل لأولاده، والكل يعمل للبلد، والكل يعمل حتى لا يكون من المقصرين فيشار إليه بالتقصير! والكل يعمل لأنه حتى الهروب من الديار لا يتوفر وصعب، لا مُستَقبِل لأهل الدماء الزرقاء، ولا سبيل للخروج من البلاد هرباً، لأن كورونا حتى الدول الأخرى تعامل معها حسب قانونه الذي لا يميز بين إنسان وإنسان!
ونذكر أيضاً أنه لا يمنع أن هناك الكثير من يعمل لله ولوجه الله تعالى لا شك ولا ريب.
الغريب أن البعض من الأقزام يستبق المستقبل ويحضر استباقاً! ويتكلم مع الشارع الكويتي بالمقايضة الكريهة الممقوتة التي كلنا يعيشها منذ سنوات! والمقايضة تقول بشكل أو بآخر: “تريدون تطويراً ومساواة وقانوناً، يجب عليكم التنازل عن هذه الحرية التي أنتم فيها”! ولا شك محور هذه الحريات التي تعيشها وتنعم فيها الكويت وشعبها؛ الحياة النيابية ومجلس الأمة، وبغض النظر عن المجلس كان ممتازاً أو انبطاحياً، أو استعراضياً أو “انبطاحياً استعراضياً” كمجلسنا اليوم، أنا أتكلم عن الأساس والنظام النيابي الذي منذ فترة طويلة ونحن نشعر بالمساومة الضمنية ميدانياً ومعايشة، خصوصاً بعد ما حصل مع رجال في أقوى مجلس أرادوا إظهار الحقائق فكانوا هم المجرمين، وأصبح اللصوص القبيضة هم الأبطال أصحاب الأيادي البيضاء على الأمة!
أقول: شكراً كورونا؛ أن بينت لنا وللمسؤولين إذا أخلصوا وتعاون الجميع ووقف الجميع أمام القانون، والقانون حينها الحكم على الإنتاج العملي، والكل أمامه سواسية، كيف نكون حينها في المقدمة، فأرجو أن يستمر درس كورونا إلى ما بعد كورونا بإذن الله تعالى.
أكرر.. الشعوب الحية والحكومات النزيهة تحزم وتحسم قانوناً بلا تميز في الرخاء للوصول إلى المقدمة، أما إذا تأثرت مصالح الجميع وأصبح الضرر لا يميز بين الجميع نتكاتف فهذا ليس دليل وعي بقدر ما هو دليل محافظة على المصالح، وإن كان هذا الترابط والتعاون من الأمور المطلوبة وطنياً وشرعاً وإنسانياً وبقوة، فلذلك أقول لمن يدعي أن نجاح الحكومة بسبب انعزال المجلس عنها؛ أقول له: اتقِ الله ولا تساهم بهذه المساومة السلبية المقيتة بشكل أو بآخر كما ذكرتها بداية، التي تقول ضمناً وأحياناً ظاهراً: “تريدون التطوير تنازلوا عن الحرية”، ونحن على يقين حتى وإن تنازلنا ستكون الأمور أسوأ، والتجارب الماضية تشهد على ذلك.
أخيراً.. حتى لا أبخس الحقيقة..
شكراً الحكومة وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء، شكراً للعاملين من المتطوعين، وشكراً خاصاً للداخلية والجيش والإعلام والصحة، وما أدراك ما الصحة ومجهودها العظيم، بارك الله فيها والعاملين فيها؛ وعلى رأسها معالي الوزير.
أسال الله تعالى أن يرفع الداء والبلاء، وأن تكون هذه الأيام درساً آخر لنا بعد درس اجتياح العراق ونستفيد منه في الرخاء، ونلاحظ ونتعلم منه أنه عند تطبيق القانون وتنازل المسؤولين عن الترفع كيف نكون في مصاف أكبر الدول.
_____________________
(*) إعلامي كويتي.