– المصراتي: إعلان حفتر الانقلابي جاء عقب كلمة لعقيلة صالح تضمنت مقترحاً لحل سلمي لأزمة البلاد
– واصلت قوات الوفاق تحقيق المكاسب العسكرية وكثفت ضرباتها لخطوط إمداد قوات حفتر نحو ترهونة
– هزائم قوات حفتر أمام قوات الشرعية في طرابلس دفعت إلى بوادر خلاف مع قبائل المنطقة الشرقية
تتواصل تداعيات انقلاب اللواء المتقاعد خليفة حفتر على الشرعية في ليبيا بعد إعلانه، الإثنين 27 أبريل 2020، تنصيب نفسه مع القيادة العامة لجيشه على رأس قيادة البلاد بعد ما زعم أنه حصل على تفويض شعبي بذلك.
إذ أعلن قائد كتيبة التوحيد المدخلية الداعمة له أن رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح “هو ولي أمر البلاد”، واعتبر أن الخروج عليه “غدر ونقض للبيعة”.
وقال أشرف الميار، الذي شاركت مليشياته المسلحة في معارك حفتر، عبر مقطع مصور (فيديو) نشر في مواقع التواصل الاجتماعي: إن ولي الأمر في هذه البلاد هو مجلس النواب المتمثل في المستشار عقيلة صالح.
وتابع: لذلك لا يجوز الخروج عليه في أي حال من الأحوال، ومن خرج عليه فقد نقض البيعة وهذا من الغدر.
خسارة الداعمين
جاءت تصريحات الميار في إطار الخلاف الذي بدأ يظهر للعلن، بين حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح الداعم له، حيث شكل إعلان حفتر انفراده بالسلطة، إطاحةً بمجلس نواب طبرق، وإخراج له من معادلة الحكم خاصة في الشرق الليبي.
وكشف الصحفي الليبي مفتاح المصراتي، لـ”المجتمع”، عن تلقي حفتر رسالة حملها ممثلون لزعامات قبلية من الشرق الليبي، تضمنت رفضاً لتهميش دور مجلس نواب طبرق ورئيسه عقيلة صالح، وإدارة شؤون البلاد بشكل منفرد.
وأضاف أن حفتر وعد ممثلي القبائل بإجراء تعديلات على مشروعه الذي أعلنه، وأن التعديل سيتضمن القبول باستمرار وجود مجلس النواب بطبرق في الواجهة السياسية كجهة تشريعية، مؤكداً لهم أن إعلانه لا يعني إقصاء مجلس النواب.
المصراتي اعتبر هذا التحرك القبلي دليلاً على أن حفتر بدأ يخسر والقبائل والكتائب الداعمة له، ما يشي ببداية انقسام في قواته.
وأشار إلى أن إعلان حفتر الانقلابي جاء عقب كلمة لعقيلة صالح تضمنت مقترحاً لحل سلمي لأزمة البلاد، التي استنزفت مواردها في حرب أهلية أثبتت أن الجميع خاسر فيها، فاتفاق الصخيرات المعترف به دولياً كان بمثابة خارطة طريق لتقسيم السلطة بين شرق وجنوب ليبيا، وخطوة حفتر جاءت مفاجئة وأحادية الجانب دون موافقة برلمان طبرق الداعم له أو حتى التشاور معه.
وفي ذات السياق، كشفت السفارة الأمريكية في ليبيا عن أن السفير يتشارد نورلاند أجرى اتصالاً هاتفيا برئيس مجلس نواب طبرق، وأنهما اتفقا على عدم وجود حل عسكري في ليبيا.
وحسب بيان للسفارة، فقد اتفق الجانبان خلال المكالمة على أهمية استمرار المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، كما اتفقا على أهمية احترام العملية الديمقراطية، وضرورة تجنب المحاولات الفردية لإملاء مستقبل ليبيا من جانب واحد وبقوة السلاح.
وأشار البيان إلى أن السفير الأمريكي حذر من خطر استمرار الصراع المسلح الذي من شأنه توفير مناخ لإعادة تجميع المنظمات الإرهابية في كل أنحاء ليبيا، مؤكداً أهمية مكافحة الإرهاب.
وما يؤكد خسارة حفتر للدعم الأمريكي إعلان المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي، كيلي كرافت، رفض بلادها إعلان حفتر أنه في حِل من اتفاق الصخيرات.
وقال المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة طاهر السني، في تغريدة عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إن السفيرة الأمريكية أكدت له في محادثة هاتفية أن موقف بلادها هو رفض المواقف الأحادية ومحاولة فرضها بقوة السلاح، والحرص على السعي لإيجاد حلول سلمية لدعم المسار الديمقراطي واستقرار ليبيا.
وأضاف السني أن المندوبين الألماني كرستوف هيوسغن، والروسي فاسيلي نيبينزيا اتفقا معه على أهمية الالتزام بقرارات مجلس الأمن وشرعية الاتفاق السياسي الليبي، ورفض بلديهما الإعلانات الأحادية، ودعمهما الدعوة إلى إيجاد حل سلمي للأزمة الراهنة.
تصدع بصفوف الأنصار
ويرى مراقبون أن هزائم قوات حفتر أمام قوات الحكومة الشرعية في طرابلس، التي يعترف بها المجتمع الدولي، بالإضافة إلى سعيه الأخير للانفراد بالسلطة، دفعت إلى بوادر خلاف مع قبائل المنطقة الشرقية، التي بقيت كتلة متماسكة جغرافياً، داعمة له عبر تمركزها في مناطق شرق ليبيا وعاصمتها الثانية مدينة بنغازي إضافة إلى موقعها بالهلال النفطي.
المحلل السياسي الليبي خالد السعيد، أشار إلى أن استياء كبيراً يسود بين قيادات اجتماعية وعسكرية وأمنية لقبائل العواقير التي تشكل حزام مدينة بنغازي، وقبيلة المغاربة القاطنة بالهلال النفطي، بسبب ازدياد عدد القتلى بين أبنائهما في مناطق جنوب طرابلس وقاعدتي الوطية والجفرة جنوب وجنوب غرب ليبيا.
وأضاف، في حديثه لـ”المجتمع”، أن حفتر اعتمد منذ إطلاق “عملية الكرامة” منتصف عام 2014، على دعم القبائل بشرق ليبيا، حيث شكل أبناء هذه القبائل وقوداً لحروبه المتتالية في بنغازي وأجدابيا والهلال النفطي ودرنة، وانفضاض هذه القبائل يعني تفككاً للمليشيات التي يتشكل منها جيشه الذي يحارب به الحكومة الشرعية.
وتحدث السعيد عن حالة استياء شديدة تسود شرق ليبيا، بسبب ما وصفه بـ”استشراء الفساد”، حيث تتهم القبائل رئيس الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا عبدالله الثني بنهب المال العالم، حيث تسربت أنباء عن إسناد الأخير لشركة مملوكة لنجله محمد، مهمة توريد معدات ومستلزمات طبية خاصة بمكافحة فيروس كورونا.
وتابع: الثني كان قد خصص 300 مليون دينار (213 مليون دولار) لمكافحة وباء كورونا وشراء المستلزمات والمعدات الطبية، وتسربت معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى إسناد المهمة للشركة التي يمتلكها نجل الثني، إضافة إلى شركتين أخريين مملوكتين لأعضاء عن المنطقة الشرقية في مجلس النواب الليبي، هما عيسى العريبي وبدر النحيب، مقابل عمولات مالية كبيرة.
وأكد المحلل الليبي أن هذه التسريبات تسببت بحالة استياء واسعة في صفوف داعمي حفتر، وفي ظل غياب الحسم الذي وعد به في معركة طرابلس، وازدياد قتلى أبناء القبائل، قد تشهد خارطة التحالفات في الأيام المقبلة تغيراً كبيراً، خصوصاً في ظل وجود مؤشرات على استياء مصر من تصرفات حفتر، حيث ترشح أنباء غير مؤكدة عن وجود لقاءات بين المخابرات المصرية ورئيس مجلس نواب طبرق، والتي إن صحت قد تكون عملية إعادة ترتيب للأوراق في المنطقة، بعد احتراق ورقة حفتر.
تطورات ميدانية
في الميدان، تواصلت الخسائر التي منيت بها قوات حفتر خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما استعادت قوات حكومة الوفاق مدينتي صبراتة وصرمان الإستراتيجيتين في الغرب، وطوقت مدينة ترهونة، أكبر قاعدة خلفية لقوات حفتر، وتبعد 80 كيلومتراً جنوب شرق طرابلس.
حيث واصلت قوات الوفاق تحقيق المكاسب العسكرية، وكثفت ضرباتها لخطوط إمداد قوات حفتر نحو ترهونة، وقالت قوات الوفاق: إنها قصفت حافلة كانت تقل مرتزقة بالقرب من بلدة نسمة، ونشر المركز الإعلامي لعملية “بركان الغضب” صورة للحافلة وهي تحترق.
وكانت قوات الوفاق قصفت قبل ذلك شاحنة وقود وسيارتين مسلحتين جنوب شرق المدينة، في إطار سعيها لقطع الإمدادات العسكرية المتجهة نحو ترهونة.
كما جددت طائرات حكومة الوفاق استهداف آليات في قاعدة الوطية الجوية (جنوب غربي طرابلس)، التي يتحصن فيها مسلحون موالون لحفتر، وأسفرت الغارات الأخيرة عن عدة قتلى.
وكانت حكومة الوفاق الوطني الليبية أعلنت، في وقت سابق، رفضها الهدنة التي اقترحها حفتر بمناسبة شهر رمضان، وقالت: إن أي هدنة لا بد أن تكون بضمانات ورعاية دولية، مؤكدة أنها ستستمر في ضرب بؤر التهديد أينما كانت.