في الوقت الذي كان أعداء الحركة وخصومها من الخارج ينتظرون انشقاقها وانقسامها إلى تيارين، فاجأت حركة النهضة بإعلان عدد من قياداتها التاريخية التي استقالت أو جمّت في وقت سابق إلى العودة إلى عرين الحركة من أبرزهم القيادات البارزة حمادي الجبالي، الأمين العام السابق للحركة، ورئيس الحكومة التونسية بين 2012 و2013 والأكاديمي رياض الشعيبي، وقبلهما زبير الشهودي الذي عمل مديراً لمكتب زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي.
عودة الشعيبي
يوم 24 سبتمبر الماضي، أعلن القيادي السابق والأكاديمي د. رياض الشعيبي عودته لحركة النهضة، بناء على سلسلة من اللقاءات مع قيادات نهضوية على رأسهم الشيخ راشد الغنوشي، وقال الشعيبي، في بيان للعموم، اطلعت عليه “المجتمع”: “بعد النداء الذي توجّه به الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لقدامى المناضلين في الحركة، ممن استقالوا منها في مراحل سابقة، وبعد اجتماعات عديدة جمعتني به قبل هذا النداء وبعده لمست خلالها رغبة حقيقية في الانفتاح على كل الكفاءات الوطنية”.
وتابع: “وبعد حوارات مهمة وعميقة مع العديد من الأصدقاء ممن أعتزّ باستشارتهم، وبسبب التزامي القوي بالتعاطي الفاعل والإيجابي مع الشأن العام، واستشعار مسؤولية المساهمة في النهوض بوضع البلاد، أعلن التحاقي بصفوف حركة النهضة والعمل من داخلها على ما آمنتُ به من مبادئ وقيم وطنية أصيلة”، وأردف: “كما يهمني أن أجدّد لكل الأصدقاء ممن وثقوا بي وجمعتني بهم عهود الصدق الوفاء، احترامي لكل آرائهم وإصغائي لكل ملاحظاتهم كما كنت أفعل باستمرار”.
عودة الجبالي
وقبل إعلان الشعيبي عن عودته إلى صفوف الحركة، كان نبأ عودة الأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي حدثاً نهضوياً وتونسياً بامتياز، أثلج صدور النهضويين الذين يكنون للجبالي الاحترام والتقدير، ولكنهم منضبطون حيث مكانة الحركة أكبر من أي ناشط فاعل فيها مهما بلغت منزلته داخلها، فلم تنجر قواعد النهضة وراءه بعد استقالته، كما لم تنجر إلى قيادات وازنة مثل عبدالفتاح مورو، نائب رئيس الحركة سابقاً، عندما ترشح لانتخابات 2014 كمستقل، وأكدت الحركة أن جسمها يبقى متحداً مهما كان وزن أي شعرة متساقطة من رأسها.
وكان فرح النهضويين كبيراً عندما كشف رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبدالكريم الهاروني، أن رئيس الحكومة الأسبق الأمين العام السابق لحركة النهضة، حمادي الجبالي، سيعود إلى الحركة.
وأضاف، في حوار تلفزيوني: حمادي الجبالي سيعود إلى بيته الذي كان من بين مؤسسيه طيلة سنوات (..) لا نريد الحديث عن تفاصيل المشاورات مع الجبالي للعودة إلى النهضة، لكنها موجودة.
وكان الجبالي قد شارك، في وقت سابق، باجتماعات للنهضة منذ عام 2015، وكان يجلس بجانب راشد الغنوشي في العديد من الفعاليات وهو مستقيل من النهضة.. ويعتبر حمادي الجبالي من أبرز مؤسسي حركة النهضة، وقد تولى رئاسة الحكومة في ديسمبر 2011 بعد فوز حركة النهضة في الانتخابات البرلمانية، لكنه قدم استقالته عقب رفض الأغلبية الحاكمة مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط، كما استقال من حركة النهضة عام 2014 بسبب خلافات مع قيادة الحركة.
وتأتي بعد محاولات أزهقت فيها روح أحد القياديين البارزين وهو عبد الزواري الذي توفي في حادث مرور سنة 2014 أثناء عودته من زيارة للجبالي هدفها ثنيه عن الاستقالة، كما تأتي عودة الجبالي في ظل الجدل القائم حالياً في حركة النهضة حول هوية رئيس الحركة القادم، الذي سيحدده المؤتمر الحادي عشر، الذي من المتوقع عقده قبل نهاية العام الجاري، في وقت دعت فيه مائة شخصية في النهضة رئيسها، راشد الغنوشي، إلى عدم الترشح مجدداً لرئاسة الحركة، ومن بينهم لفيف كان قد عمل قبل الثورة على المصالحة مع بن علي الذي اشترط عليهم عدم إدراج اسم راشد الغنوشي في هوية الحزب الذي كانوا ينوون تشكيله.
ودخلوا في خصومة مع راشد الغنوشي لهذا السبب قبل الثورة، وكان بعضهم وفق معطيات من داخل الحركة أن يقدموا اعتذاراً لبن علي لا أن يعتذر هو لضحاياه، وكان بعضهم من بينهم.
عودة الرشودي
وقبل الجبالي، والشعيبي، أعلن القيادي السابق بحركة النهضة زبير الشهودي، في وقت سابق، عودته لمنصبه كعضو مجلس شورى للحزب، وكان الشهودي قد قدم استقالته، في 17 سبتمبر 2019، وأوضح الشهودي، في تصريح لإذاعة “موزاييك”، أنّ قرار الإعلان عن العودة جاء تزامناً مع الإعداد للمؤتمر 11 نهاية هذا العام الذي سيكرس مبدأ التداول داخل الحركة وسيفرز قيادة جديدة.
ومن المتوقع أن تعود قيادات تاريخية إلى الحركة سواء تلك التي قدمت استقالتها أو جمدت أو توارت قليلاً عن الأنظار وشكّلت وفق قرارات المؤتمر العاشر جمعيات نفع عام وجمعيات دعوية على غرار المهندس الحبيب اللوز، ود. الصادق شورو، والمهندس محمد بن سالم، ووليد البناني، وغيرهم.
لا انشقاق داخل النهضة
إلى ذلك، قال القيادي في الحركة وعضو مجلس الشورى، لـ”المجتمع” في اتصال إلكتروني: إنه لا يوجد طرف داخل الحركة ينوي الانفصال أو تكوين حزب جديد أو الوصول إلى حالة القطيعة، وذكر جراد بأن جلسات مجلس الشورى واللقاءات داخل الحركة تكون عاصفة في بعض الأحيان، ولكن الأمور تعود إلى طبيعتها بعد ذلك.
وحول ما يدور في وسائل الإعلام أفاد بأن وسائل الإعلام أو أغلبها دأبت على التهويل والتأويل البعيد كل البعد عن الحقيقة، وأكد وحدة الحركة أولوية في نظر الجميع، وما يجري هو اجتهادات ستحسمها مؤسسات الحركة وفق الآيات المعمول بها.