مر نبأ انتخاب حركة النهضة التونسية لمكتبها السياسي الجديد كخبر من الأخبار في نشرات الأنباء ومراسلات وكالات الأنباء رغم الأهمية القصوى للحدث السياسي على مستوى الحركة والوضع السياسي بالبلاد، فالأمر لم يكن تجديداً لبعض الأعضاء ولا تثبيتاً للبعض الآخر من بين الـ17 عضواً من أعضاء المكتب السياسي، بل هناك معطيات جديدة لم يتم إبرازها حتى يوم الثاني من يناير 2021، إذ اكتفت الأنباء بالحديث عن الدورة الـ47 لمجلس شورى الحركة وإفرازها لمكتب سياسي ضم أعضاء جدداً، أو تم تبادل مواقع النشاط داخل الحركة والمجتمع الذي تعيش فيه.
دورة استثنائية
كانت الدورة الـ47 لمجلس شورى حركة النهضة استثنائية بكل المقاييس، حيث بلغ عدد الحضور 112 عضواً، وهو رقم مهم يدل على وحدة الصف داخل الحركة، لا سيما إذا نظرنا إلى عدة معطيات من بينها الوضع الوبائي في البلاد والعالم وإحجام الناس على الاختلاط والسفر.
ثانياً: تزامن موعد الدورة مع رأس السنة الإدارية، كما تسمى في تونس، وتفضيل كثير من الناس البقاء في منازلهم مع أطفالهم، لا سيما في ظروف مناخية باردة.
والأهم من ذلك مشاركة بعض ممّن عرفوا بمجموعة المائة في مجلس الشورى، ليس ذلك فحسب، بل دخولهم إلى المكتب التنفيذي، وفي مقدمتهم وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي؛ وهو ما أعطى لدورة شورى حركة النهضة، والمكتب التنفيذي الجديد روحاً متجددة من الصفاء والإخاء والوحدة بين أبناء الحركة، في وقت كان البعض يراهن على انقسامها وتمزقها، وهو ما أقلق كثيراً قواعد الحركة.
تقاسم الأعباء
لقد كان الإعلان عن أسماء المكتب التنفيذي لحركة النهضة بشرى للقواعد، بأن المخاوف السابقة لم يعد لها مكان، وأن النسور الغاضبة عادت إلى أوكارها والأسود إلى عرينها، لا سيما إذا كان الحديث عن قيادي بوزن عبداللطيف المكي، الذي سيكون وبقية أعضاء المكتب السياسي الجديد للحركة أمناء على تنفيذ قرارات المؤتمر العام ومجلس الشورى، ووضع برامج عمل سنوية، ووضع مشروع الميزانية العامة ومتابعة تنفيذها بعد إقرارها من طرف مجلس الشورى.
مرحلة جديدة
يمكن القول: إن الأزمة التي أحدثتها رسالة المائة قد حلّت أو حلّ معظمها، وستكتمل بعون الله بتراجع عدد قليل ممّن قدموا استقالاتهم من الحركة، وهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، رغم أن العبرة ليست بالأرقام، ولكن بالمعايير، ولم يسبق أن رفضت قيادة الحركة أياً من أبنائها الذين استقالوا منها تحت أي ظرف من الظروف.
ومن المؤكد أن الجهود ستتظافر من أجل إنجاح مهمات الحركة في المحطات السياسية القادمة، كالحوار السياسي، ورسم إستراتيجيات الحركة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، واختيار مرشحيها للانتخابات وغيرها من الصلاحيات.
الاستحقاقات القادمة
لقد أدى زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي دوراً رائداً في ترميم صفوف حركته، فهو من دعا المكي وإخوانه للانضمام إلى المكتب التنفيذي للحركة، وقبلوا برحابة صدر العرض لتواصل حركة النهضة واجبها مستعدة للاستحقاقات القادمة، وقد تكون من بينها انتخابات مبكرة، وهي متراصة الصفوف ثابتة الخطى ترنو لهدفها في خدمة بلدها وأمتها وبناء تعاون إنساني عملاً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).
يشار إلى أن المكلف بالإعلام بالمكتب التنفيذي لحركة النهضة خليل البرعومي كان صرح لوكالة “تونس أفريقيا” للأنباء (وات)، يوم 11 مايو الماضي، أن رئيس الحركة راشد الغنوشي قرر حل المكتب التنفيذي للحركة، وأعلن المكتب الحالي مكتب تصريف أعمال، مضيفاً أن قرار الغنوشي جاء في إطار تقييمه لعمل المكتب وفي إطار التفاعل مع المستجدات.
ويبلغ عدد أعضاء المكتب التنفيذي للحركة، حسب المصدر ذاته، 28 عضواً، و4 مستشارين، و4 مكلفين بمهام، ومقرراً.