في بيان صادر عن “ملتقى فلسطين” وصل “القدس العربي” نسخة منه، أعرب القائمون على الملتقى عن رفضهم للممارسات والمواقف التي تختزل الشعب الفلسطيني وكفاحه في شخص أو في مجموعة أشخاص، أو في فصيل.
كما أدان الملتقى، في بيانه الصادر اليوم، سياسات الهيمنة والتخويف والإفساد ومصادرة الحريات، التي تكرّس القيادة الفردية، وتقدّس الرئيس، وتستهتر بالمبادئ والأطر والقوانين والمؤسسات، الغريبة عن روح الحرية والكرامة، التي تشكل جوهر نضالنا التحرري ضد الكيان الصهيوني وسياساته الاستعمارية الاستيطانية العنصرية.
وجاء في البيان، الذي حمل توقيع “ملتقى فلسطين”، الذي يضم مئات من الأكاديميين والنشطاء السياسيين والصحفيين والمفكرين في فلسطين التاريخية ودول اللجوء والشتات، أن الملتقى يعتقد أن الرئيس محمود عباس هو المسؤول عن التدهور الحاصل، بحكم طريقته في الإدارة، وتفرّده في تحديد الخيارات السياسية، وإحكام قبضته على السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وتحكمه بالموارد، وفرض إرادته في كل صغيرة وكبيرة، إنه هو الذي يقرر من يترشّح ومن ينتخب ومن يعيّن في فتح والمنظمة والسلطة والمجلسين التشريعي والوطني، وهو الذي يقرّر أعضاء المحكمة العليا، وبقاء المجلس التشريعي أو حله، سيما أن الأمر وصل حد توجيه تهديدات، مباشرة أو غير مباشرة، لكل من يفكر بالخروج عن إرادته، أو يفكر بالترشح للانتخابات، والمفترض أنها من بديهيات الديمقراطية.
وتابع بيان الملتقى مؤكداً استحالة الفصل بين أزمة الكيانات السياسية (المنظمة والسلطة والفصائل) وأزمة المشروع الوطني، ويعتقد بأن هاتين الأزمتين مرتبطتان بالطبقة السياسية المهيمنة، التي باتت عبئاً على شعبنا وقضيته وحركته الوطنية، كما أن طريقة إدارة الرئيس، والطبقة المهيمنة، تتناقض مع اعتبار الشعب مصدراً للسلطات ولكل الشرعيات، ناهيك عما تضمره من استخفاف بإطارات الوطنية وتضحياته وعذاباته لأكثر من نصف قرن. وإن هاتين (الطبقة والإدارة) حرفتا مسيرتنا الوطنية، بالتحول من حركة تحرر وطني بـُنيت على مبدأ وحدانية الشعب والأرض والقضية والرواية التاريخية إلى سلطة لجزء من شعب في جزء من أرض مع جزء من حقوق، وبالتالي التخلي عن الرواية التاريخية المؤسسة، باعتبار الصراع كأنه بدأ عام 1967.
وجاء في البيان أن هذا المسار أدى إلى خلق تلك الطبقة الطفيلية التي تتعيّش على شعارات: فوضناك وقدوتنا رئيسنا، وملاك السلام والمرشح الوحيد لـ”فتح”، مع مباركتها استيلاء الرئيس على كل السلطات، وإغفاله قانون تحديد ولايته، وفرضه قانوناً يحول دون ترشح أكثر من شخص للانتخابات بتهديدهم بفرص عملهم، بل إن تلك الطبقة تصفق لأي خيار سياسي أو لأي قانون ونقيضه، فهي مع التنسيق الأمني وضده، وهي تسكت عن تأخير الانتخابات لعشرة أعوام، ثم تتحمس لعقدها، وهي تبرر الانقسام وتحتفي بمباحثات الوحدة والمصالحة، تتحمس لاتفاق أوسلو ولاستئناف المفاوضات ولعكس ذلك، وهو ما لا يليق بشعب مكافح لديه أكثر نسبة من المثقفين، وأكثر نخبة سياسية متمرسة، في العالم العربي.
وتابع البيان: نعم المشكلة مع محمود عباس، خاصة اعتقاده أن ثمة شخصاً مختاراً أو مجموعة مختارين يقررون كل شيء، أما الشعب فلا وزن له، وضمن ذلك الإطار، ما يفسر تبنيه مسار أوسلو من خلف الشعب وإطاراته الشرعية.
واختتم البيان قائلاً: نحن في ملتقى فلسطين نعتقد بأن كل ما يجري، وضمنه الدعوة للانتخابات، وفقاً للمراسيم والقوانين الرئاسية، يستهدف تحويل الانتخابات التشريعية إلى مسرحية لتعويم الوضع السلطوي القائم وتجديد مسار أوسلو الكارثي، لذا فالمطلوب تنحي الرئيس ومعه تلك الطبقة المهيمنة، ووضع الممهدات السياسية والقانونية والتنظيمية اللازمة لإحداث التغيير السياسي، سيما لجهة التحرر من التزامات أوسلو، واستعادة الحركة الوطنية الفلسطينية لطابعها كحركة تحرر وطني، وإعادة بناء منظمة التحرير، انطلاقاً من وحدانية الشعب والأرض والقضية والرواية التاريخية.