في الوقت الذي دعت فيه قوى المعارضة للانقلاب في تونس لاجتماع تشاوري على تخوم العاصمة التونسية في ضاحية بومهل لتنسيق التحركات الاحتجاجية الرافضة للانقلاب ودراسة الإستراتيجيات والتكتيكات الواجب اتباعها في المدى المنظور، تتجمع بعض الأحزاب المؤيدة للانقلاب في عدة مدن، اليوم الأحد، لتأييد الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، في 25 يوليو و22 أغسطس الماضيين.
وعبّر العديد من الأطراف السياسية والناشطة في المجتمع المدني والإعلاميين عن مخاوفهم من تطور الأمر إلى صدام بين الطرفين في الشارع، واعتداءات كالتي تعرض لها النائب محمد القوماني من قبل أنصار الرئيس سعيّد أمام البرلمان، يوم الإثنين الماضي.
وذلك وسط أزمة اقتصادية خانقة بعض ذيولها فجوة كبيرة في ميزانية 2021 تقدر بـ9 ملايين دينار، وتوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتدفق الاستثمارات الخارجية على تونس بسبب الوضع السياسي، وغياب خارطة طريق سياسية، يمكن أن تمثل نقطة ضوء في نفق مظلم تعيش فيه تونس، منذ 25 يوليو الماضي.
تنسيق المعارضة
إلى ذلك، دعا الناشط السياسي وأستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك معارضي، الرئيسَ سعيّداً إلى اجتماع شعبي سياسي بالضاحية الجنوبية للعاصمة “بومهل”، دعت له مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”.
وقال بن مبارك، وهو أحد منسقي المبادرة: إن الهدف من الاجتماع هو ضبط خطة للتحرك، وأن المبادرة في حاجة لتجذير حراك الشارع وضبط آفاقه وأدواته في الأسابيع المقبلة.
وكانت هذه المبادرة المدعومة من أنصار وقيادات حركة النهضة وحلفائها، قد أعلنت خروجها للشارع للتظاهر وبشكل دوري ضدّ قرارات سعيد، ونظمت يومي 19 سبتمبر و26 سبتمبر مظاهرات احتجاجية بشارع حبيب بورقيبة بالعاصمة.
وأكد بن مبارك أن الأمر لا يتعلّق بمسيرة أو بوقفة احتجاجية بل باجتماع سياسي، مفتوح لكل المواطنين.
كما أفادت الحملة على صفحتها الرسمية بـ”فيسبوك” بأن الحملة هي إحدى فعاليات مقاومة الانقلاب وليست بديلاً عنها، معتبرة أن المقاومة المواطنية ليست فقط تحشيداً جماهيرياً في الشوارع، بل أيضاً اجتراح رؤى ورسم أفق للخروج من النفق.
وأضافت أن الاجتماع سيحضره سياسيون ونشطاء ميدانيون وفاعلون حقوقيون (قضاة ومحامون) وإعلاميون.
احتشاد مقابل
مقابل ذلك، دعت أحزاب “حركة الشعب” و”التيار الشعبي” -كانتا حركة واحدة وانقسمتا (تيارات قومية)- والتحالف من أجل تونس (يساري فرانكفوني)، أنصارهم إلى المشاركة في مسيرات ووقفات بمختلف الولايات داعمة لسعيد، اليوم الأحد.
وكانت دعوات أطلقها مناصرون للرئيس على صفحات التواصل الاجتماعي للخروج إلى الشارع تعبيراً عن مساندتهم لقراراته منذ 25 يوليو الماضي، وذلك رداً على وقفة احتجاجية مناهضة لسعيد نفذها أنصار حركة النهضة وحلفاؤها، الأحد الماضي في العاصمة.
وقالت حركة الشعب، في بيان لها، أمس السبت: إنها تدعو جميع هياكلها ومناضليها ومناضلاتها وكل القوى الوطنية المؤمنة بمسار التصحيح وعموم أبناء شعبنا إلى المشاركة بكثافة في هذه التحركات.
وشددت على ضرورة الالتزام الصارم بمقتضيات التحرك السلمي، والإعراض عن كل حملات التحريض والتشويه والمغالطة.
وأكدت أن مشاركتها تأتي انتصاراً لإرادة أبناء الشعب في بناء حياة كريمة تصان فيها حقوق الإنسان وكرامته واستئنافاً لشعارات ومطالب ثورة 17 ديسمبر ودفاعاً عن الدولة في وجه عصابات الفساد والإفساد وسماسرة السياسة ناهبي قوت الشعب وثرواته، وفق نص البيان.
من جهته، دعا حزب التحالف من أجل تونس كل أنصاره ومنتسبيه وأفراد الشّعب للمشاركة في مسيرة سّلمية، الأحد، بشارع الحبيب بورقيبة.
وأكد الحزب (غير ممثل في البرلمان)، في بيان له، أن المسيرة هدفها إتمام المسار التّصحيحي وتجسيد رغبة الشعب التّونسي في إقرار سيادته ومواصلة مسيرة التأسيس والبناء للجمهورية الثّالثة.
إصرار على الحوار
الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات النقابية)، وبعد أن رفض الرئيس سعيّد مبادرته للخروج من الأزمة ودعاهم للبحث عنها في كتب الجغرافيا، عقد، أمس السبت، يوماً دراسياً حول إعداد تصورات ومقترحات حول القانون الانتخابي والنظام السياسي بحضور عدد من الأساتذة والخبراء في المجال.
وبيَّن الاتحاد، في بلاغ له، أن اللقاء يأتي في إطار متابعة وضع البلاد ما بعد 25 يوليو، وتعميق رؤية الاتحاد للمرحلة القادمة، وضرورة فتح النقاشات السياسية والمجتمعية حول مشاريع مراجعات القانون الانتخابي والنظام السياسي وقانون الأحزاب والجمعيات.
وبين الاتحاد أن اللقاء التشاوري كان مناسبة قدّم خلالها الخبراء الحاضرون قراءتهم للواقع الحالي، وقدموا رؤيتهم ومقترحات وتصورات قانونية ومجتمعية واقتصادية وسياسية للمرحلة القادمة، مشدداً على أن أعمال الاجتماع ستتوج بإصدار ورقتي عمل حول القانون الانتخابي والنظام السياسي استعداداً للمرحلة المستقبلية.
وأضاف أن الهدف المنشود يتمثل في محافظة الاتحاد على دوره كقوة للاقتراح والتعديل والبناء من أجل المحافظة على مكاسب الجمهورية وعلى الحقوق والحريات.
وتم الاتفاق على مواصلة النقاش مع الاستئناس بكل الطاقات الخيرة التي تتقاطع مع الاتحاد والمدافعة عن دولة ديمقراطية اجتماعية، حسب نص البلاغ.