قال النائب زكرياء بلخير، منسق مبادرة برلمانية حول مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 – 1962م): إن كافة الأطياف السياسية في البلاد تدعم هذه الخطوة؛ لأن الجزائريين تألموا كثيراً من الذهنية الكولونيالية (الاستعمارية) الفرنسية.
وأودع نواب، بينهم بلخير، الأحد الماضي، لدى رئاسة المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون بتوقيع أكثر من مائة نائب (من أصل 407)، بالتزامن مع أزمة بين الجزائر وباريس، ومع الذكرى 67 لاندلاع الثورة التحريرية ضد الاستعمار، في 1 نوفمبر 1954م.
وقال بلخير، وهو نائب عن حزب حركة مجتمع السلم، في مقابلة مع “الأناضول”: إن هذا المشروع تدعمه “كافة الأطياف السياسية في الجزائر وكافة الجزائريين، مهما اختلفت التوجهات السياسية والأيديولوجية”.
أكثر من 100 نائب من أصل 407 وقعوا على قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر
وأضاف: “حتى التيارات التغريبية المعروف أنها متأثرة بالثقافة الفرنسية لا نعتقد أنها ستقف أمام هذا المشروع؛ لأن الجزائريين تألموا كثيراً من الذهنية الكولونيالية (الاستعمارية) الفرنسية”.
ورأى أن “الفارق هو حجم التفاعل مع المبادرة بين طيف سياسي وآخر، ولا أقول تيارات وإنما أشخاص ونواب يعيشون في ذهنية النظام السابق”.
وتابع: “هؤلاء (غير المتفاعلين) لا يعلمون أن الجزائر بعد الحراك (انتفاضة 22 فبراير 2019م) قد تغيرت، وأن السلوكيات تغيرت كثيراً في الشارع ولدى السلطة الحاكمة”.
وأجبرت هذه الانتفاضة بوتفليقة على الاستقالة، في 2 أبريل 2019م، بعد 20 عاماً في الرئاسة.
مسار المشروع
وعن مسار مشروع القانون حتى يدخل حيز التنفيذ، قال بلخير: إنه “يتم تقديم المقترح لدى مكتب المبادرات البرلمانية، ثم مكتب البرلمان المكون من رئيس المجلس الشعبي الوطني ونوابه”.
وأردف: “وبعد مراجعته من مكتب البرلمان، يُحال إلى الحكومة للاطلاع عليه ليحال مجدداً للمناقشة والتصويت من قبل النواب، وهذا ما نتطلع إليه بفارغ الصبر؛ لأن الشعب الجزائري ينتظر القانون منذ الاستقلال (عام 1962م)”.
وزاد: “لا نتوقع أبداً أن النواب سيعارضون هذا المشروع، وبالتالي بعد التصويت عليه سيحال إلى مجلس الأمة للمناقشة والتصويت، ثم إلى رئيس الجمهورية لكي يصادق عليه ويصدر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ”.
درس لفرنسا
واعتبر بلخير أن مشروع القانون “رسالة واضحة بأن الشعب الجزائري بكل توجهاته يجتمع على سيادة التراب الوطني والعداء لفرنسا الكولونيالية والذهنية الكولونيالية التي لا تزال فرنسا الحديثة تمارسها عن طريق هذا الرئيس المراهق (يقصد إيمانويل ماكرون)”.
وتزامن إيداع المشروع لدى رئاسة البرمان مع أزمة متصاعدة بين الجزائر وفرنسا، إثر تصريحات لماكرون، وصفت بـ”المسيئة”، حيث طعن في تاريخ الجزائر، ما دفع الأخيرة إلى سحب سفيرها من باريس، ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي في أجوائها.
وشدد بلخير على أن “الأزمة بين البلدين قديمة جديدة وتتجدد، ولا يمكن القول: إنها جاءت مع تصريحات ماكرون، ولكن ربما النظام القديم (بوتفليقة) كان متساهلاً جداً في حق سيادة الجزائر مع دولة فرنسا”.
واستدرك: “لكن نرى أن السلطة الحالية وجزائر ما بعد الحراك كان رد فعلها قوياً، لذلك تبدو الأزمة كبيرة على غير العادة، ونعتقد أن السلطة الحالية اتخذت قرارها بحماية السيادة وأن تلقن فرنسا وغير فرنسا درسا حول التعامل بالندية”.
بلخير: التيارات التغريبية المتأثرة بالثقافة الفرنسية لا نعتقد أنها ستقف أمام هذا المشروع
الاعتراف بالجرائم
ويتكون مشروع القانون من 6 أبواب و54 مادة، وورد في مادته الـ(23) أن “الدولة الجزائرية تعمل على إلزام السلطات الفرنسية بتقديم اعتذار للشعب الجزائري عما لحقه من أذى خلال الفترة الاستعمارية”، وترفض باريس تقديم اعتذار رسمي.
فيما تنص المادة (49) منه على أن “الدولة الجزائرية تلتزم بعدم إبرام أي اتفاقية مع فرنسا حتى استيفاء شروط الاعتراف بجرائمها الاستعمارية”.
وفي باب الأحكام الجزائية، يقترح المشروع عقوبة بين 6 شهور إلى سنتين سجناً نافذاً بحق كل جزائري يقوم بتمجيد الاستعمار الفرنسي بأي وسيلة من وسائل التعبير.
وباءت بالفشل، في عام 2009م، محاولة نواب جزائريين لسنّ قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي، وذلك لأسباب مجهولة، فيما قال معارضون: إن نظام بوتفليقة قام بتجميده لأسباب سياسية.