أحيّا الصحفيون في تونس، أمس الثلاثاء، اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تزامناً مع صدور التقرير السنوي الخامس حول سلامة الصحفيين، الذي أكد زيادة حدة الاعتداءات ضد الصحفيين بعد انقلاب 25 يوليو الماضي.
224 اعتداء
وسجلت وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خلال الفترة الممتدة بين 1 نوفمبر 2020 و25 أكتوبر 2021م أعلى نسبة اعتداءات ضد الصحفيين خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغت 224 اعتداء.
ولاحظت منسقة وحدة الرصد خولة شبّح في تقديمها للتقرير السنوي الخامس حول سلامة الصحفيين، أمس الثلاثاء، خلال ملتقى انتظم بمناسبة إحياء اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، بالعاصمة التونسية، أن الفترة التي يشملها التقرير هي أحلك الفترات التي عرفتها سلامة الصحفيين منذ 5 سنوات، وتحديداً على إثر إعلان الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو، وأثناء الاحتجاجات التي سبقتها بأيام.
كما سجلت وتيرة الاعتداءات على الصحفيين “ارتفاعاً مخيفاً”، حسب وصف التقرير خلال الأشهر بين يوليو وسبتمبر الماضيين، حيث بلغت 20 اعتداء.
الميدان هو الأخطر
وكان الصحفيون الذين تعرضوا للاعتداءات يعدون في الغالب مواضيع تتعلق بالشأن السياسي والحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، وكان الميدان هو الأخطر على الإطلاق على الصحفيين والمصورين، حيث وجدوا أنفسهم، وفق التقرير، ضحية للاعتداءات الجسدية واللفظية وشتى أشكال المضايقات، كما أدت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً خطيراً، حسب وصف التقرير، في التحريض على الصحفيين وتهديدهم والاعتداء عليهم.
كما بلغ عدد الاعتداءات على الصحفيين الميدانيين 174 اعتداء مقابل 50 اعتداء في الفضاء الافتراضي، ويتصدر الأمنيون والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قائمة المعتدين سواء عن طريق المضايقة أو الاعتداءات اللفظية أو الجسدية، ويبلغ عدد حالات التحريض ضد الصحفيين خلال الفترة المذكورة 26 حالة، إلى جانب حالات التهديد بالعنف أو بالقتل التي بلغت 10 حالات.
الأمنيون في المقدمة
ويشير التقرير إلى أن الأمنيين كانوا مسؤولين على 72 اعتداء توزعت بين حالات المنع والمضايقة والاحتجاز التعسفي والتتبع العدلي وغيرها، كما سجلت وحدة الرصد 18 اعتداء من موظفين عموميين مسؤولين، و18 اعتداء من نواب الشعب، و8 حالات من قبل مسؤولين حكوميين، و4 حالات من الجهاز القضائي.
وأشار التقرير إلى أن الصحفيات عرضة للاعتداءات أكثر من الصحفيين خلال تواجدهن وحيدات أثناء أعمال ميدانية، وقد سُجلت أنواع جديدة من الاعتداءات التي تطال النساء فقط، كالتحرش الجنسي والاختراق الإلكتروني، وتتوزع حالات الاعتداء التي بلغت عددها 104 اعتداءات، بين المنع من العمل 22 حالة، والاعتداءات اللفظية التي بلغت 21 حالة، والاعتداء الجسدي 14 حالة، والاحتجاز التعسفي والتحريض عليهن عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها.
ويتصدر الأمنيون قائمة المعتدين على الصحفيات بـ38 حالة، إلى جانب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وموظفين عموميين ونواب شعب ولجان تنظيم وأنصار أحزاب سياسية ومحتجين، وهي اعتداءات وجدت أغلبها في ولاية تونس ولا سيما خلال القيام بأعمال ميدانية أو في مقرات العمل.
الاعتداءات بعد الانقلاب
وخلال الفترة الممتدة بين 25 يوليو و25 أكتوبر الماضي فقط، سجلت وحدة الرصد 66 حالة اعتداء من بين 224 حالة تم تسجيلها خلال الفترة التي يشملها التقرير، وقد عرفت سلامة الصحفيين تحديات كبيرة إبان إعلان الرئيس قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية، وخاصة خلال الأيام الخمس الأخيرة من يوليو التي سجل فيها 20 حالة اعتداء.
وذكر التقرير أن وحدة الرصد سجلت 120 اعتداء خطيراً من جملة 224 اعتداء؛ أي بنسبة 54% وهي النسبة الأكبر منذ 5 سنوات، وكانت الصحفيات ضحايا اعتداءات خطيرة في 54 حالة، وتصدر الأمنيون قائمة المعتدين بـ14 حالة.
39 شكوى ضد الاعتداءات
وتقدم الصحفيون بـ39 شكوى تعلقت باعتداءات خطيرة من ضمن 120 اعتداء بنسبة 32.5%، ومن بين الشكايات المرفوعة لم يتم إصدار سوى حكم قضائي وحيد بالإدانة في القضايا التي رفعها الصحفيون، إلى جانب أنه من بين 120 اعتداء قام بها منتسبو الجهات الرسمية، تمت إدانة علنية في 10 مناسبات فقط أي بنسبة 9% بتراجع نقطة واحدة عن السنة المنقضية، كما تم تبرير الاعتداءات في 17 مناسبة؛ أي بنسبة 15% واتخاذ إجراءات تصحيحية في 14 مناسبة.
توصيات التقرير
ومن أهم التوصيات التي تضمنها التقرير مطالبة الرئيس سعيّد بالإدانة العلنية للاعتداء المسلط على الصحفيين وحرية الصحافة، ووضع خطة اتصالية أكثر انفتاحاً فيها ضمانات الشفافية والتقيد بحق الصحفي في الحصول على المعلومة، إلى جانب الدعوة إلى بذل مجهود دبلوماسي إضافي في إطار دفع ملف الصحفي سفيان الشورابي، والمصور الصحفي نذير الكتاري (فقدا في ليبيا وقيل أعدمهما حفتر) في اتجاه كشف الحقيقة.
وطالب المرصد الحكومة بتركيز آلية وطنية دائمة ومستقلة لرصد الاعتداءات المسلطة على حرية الصحافة وحرية التعبير، ونشر نتائج التحقيقات الإدارية مع موظفي الدولة المتورطين في الاعتداءات على الصحفيين، إلى جانب دعوة القضاء إلى إيقاف إحالة الصحفيين خارج إطار القانون المنظم للمهنة (المرسومان 115 و116)، وأمام القضاء الخاص كالقضاء العسكري.
وطالب المرصد وزارة الداخلية بالقيام بالتحقيقات الضرورية والتلقائية في الحالات التي تورط فيها عناصرها في الاعتداء على الصحفيين وضمان محاسبتهم، ودعم مجهودات خلية الأزمة داخلها للتدخل لفائدة الصحفيين وتعزيز التنسيق الميداني مع النقابة خلال التظاهرات والأحداث ذات الطابع الأمني.