قالت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية إن تقدم الجيش الروسي توقف تقريبا بعد أسبوع من بدء غزوه لأوكرانيا بسبب المقاومة الأوكرانية الشرسة، وأيضا بسبب أخطائه الإستراتيجية وعيوبه اللوجيستية التي أصبحت تمثل كابوسا حقيقيا.
وضربت الصحيفة مثلا بالمركبات المدرعة المهجورة بسبب نقص الوقود، وبالجنود الذين ينصرفون إلى نهب المحلات التجارية، وبالطوابير من الآليات العسكرية التي تنتظر التزود بالوقود، وهو ما وصفه مصدر عسكري فرنسي بالقول إن “الروس لديهم مشكلة حقيقية في إمداد الوقود، إنها علامة على الفوضى“.
ويضيف الضابط أن هذا الأمر مثير للدهشة بالنسبة لجيش روسي شديد الاعتماد على الآليات؛ لأن من يريد كسب الحرب يجب أن يضمن العدد الكافي من الذخيرة والبنزين اللازم للتقدم، إضافة إلى حصص الإعاشة لإطعام الجنود على الجبهة، ومن لا يستطيع ضمان ذلك لا يمكنه القتال، و”التخطيط لمناورة واسعة النطاق مثل غزو أوكرانيا، يعني أن تكون قادرا على الصمود لوجيستيا”، حتى إن وجود الإمدادات والمستشفيات الميدانية يجب الانتباه له بوصفه شرطا مسبقا للغزو.
وقد فشل جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هذه الجبهة -كما تقول الصحيفة- ولذلك لا يزال الطابور الذي يستعد لفرض حصار على كييف متوقفا شمال المدينة يوم الأربعاء، حتى إن وزارة الدفاع الأميركية تحدثت عن “كابوس” لوجيستي روسي حقيقي، قائلة إن الروس “يواجهون انهيارا لوجيستيا ونفاد الوقود من المركبات ونفاد الطعام”، خاصة بالنسبة للجيشين القادمين من بيلاروسيا، أما القوات الموجودة في دونباس أو في جنوبي شرقي أوكرانيا فلا تواجه صعوبات الإمداد نفسها.
عملاق بأرجل من طين
وكلما مرت الأيام -تقول الصحيفة- بدا أكثر أن الجيش الروسي عملاق ولكن بأرجل من طين، كما يقول ماتيو بوليغ المتخصص في الشؤون الروسية في معهد تشاتام هاوس إن “الجيش الروسي هو بحكم تعريفه جيش بري بتموقعه، بالنظر إلى حجمه والمسافات على أراضيه، ولذلك فإن اللوجيستيات هي كل شيء بالنسبة له، ولكنه يبدو كعملاق أرجله من الطين“.
ومع أن الجيش الروسي فتح جبهات كثيرة في آن واحد، فإن المسافات التي يريد قطعها من قواعده الخلفية تحسب بمئات الكيلومترات، وقد ظهر أن لديه صعوبة في التسلسل القيادي وفي التنسيق، ولذلك أدركت المقاومة الأوكرانية أهمية استهداف التدفقات اللوجيستية أو شاحنات صهاريج الخصم؛ ما أدى إلى إبطاء تقدمه.
هذه الهشاشة -كما تقول الصحيفة- قديمة لدى الجيش الروسي، إذ حدد البرنامج العسكري الروسي لعام 2027 من بين أهدافه ترشيد اللوجيستيات، بعد أن كشف التدخل في سوريا عن نقاط ضعف في هذا المجال، وقد كتب السيناتور سيدريك بيرين في تقريره الصادر في نوفمبر 2020 أمام الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) عن الجيش الروسي “إن أوجه القصور في مجال النقل العسكري لها تداعيات خطيرة على قدرة القوات البرية الروسية على القيام بحملة استكشافية“.
وختمت الصحيفة بأن إدارة التدفقات اللوجيستية ستصبح، مع استمرار الصراع، أحد مفاتيح المعركة بالنسبة للجانب الروسي من أجل القدرة على الصمود في بيئة معادية، وبالنسبة للقوات الأوكرانية من أجل أن تقاوم مع مرور الوقت.