منذ الأسبوع الأول للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، بدأت تبعات الأزمة على أسعار الغذاء وتذبذب سلاسل الإمدادات في السوق العالمية.
ويرى خبراء أن تداعيات تصاعد الهجوم الروسي على أوكرانيا تلقي بظلالها على أسعار الغذاء، ولا سيما القمح، في الدول الأفريقية.
وقال ديرك كوتزي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب أفريقيا، لوكالة “الأناضول”: إن جنوب أفريقيا تستورد القمح من أوكرانيا وروسيا.
لكن بسبب الصراع المستمر، من المتوقع أن تشهد البلاد نقصاً في كميات القمح، إضافة إلى تغييرات في أسعار النفط التي ارتفعت بالفعل.
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تعتبر روسيا وأوكرانيا من كبار منتجي ومصدري الغذاء العالميين.
وتعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم، وتأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة، حيث توفران معاً 19% من إمدادات الشعير و14% من القمح و4% من الذرة، وتشكلان أكثر من ثلث صادرات الحبوب العالمية.
كما تستحوذ الدولتان على 52% من سوق تصدير زيت عباد الشمس في العالم، وتعد وروسيا من أكبر منتجي الأسمدة في العالم.
وفي حديثه لـ”الأناضول”، قال وانديل سيلوبو، كبير الاقتصاديين في غرفة الأعمال الزراعية بجنوب أفريقيا: إن جنوب أفريقيا لن تواجه مشكلات نقص الغذاء في المستقبل المنظور، لكن أسعار المواد الغذائية سترتفع بالتأكيد.
وأكد الخبير الاقتصادي أن جنوب أفريقيا تستورد بشكل أساسي القمح وزيت عباد الشمس من روسيا وأوكرانيا.
وأضاف: على مدى 5 سنوات (2016-2020)، استوردت جنوب أفريقيا متوسط 1.8 مليون طن من القمح سنوياً، أي ما يقرب من نصف احتياجات استهلاك القمح السنوي في البلاد، حيث بلغ متوسط واردات القمح من روسيا وأوكرانيا 34%، و4% على التوالي.
وأفاد أن جنوب أفريقيا استوردت بالفعل هذا العام 40% من وارداتها المقدرة بـ1.5 مليون طن من القمح، بينما سيتم استلام الكميات المتبقية من دول أخرى وبتكلفة أعلى بكثير من تكلفة الكميات المستوردة من روسيا وأوكرانيا.
ونوه إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار القمح في جنوب أفريقيا.
بدورها، تصدر جنوب أفريقيا منتجات مثل الحمضيات والمكسرات والخضراوات والتبغ إلى روسيا وأوكرانيا.
توسيع فجوة عدم المساواة
إقبال جسات، المسؤول التنفيذي في مؤسسة “ميديا ريفيو نتوورك للأبحاث” في جوهانسبرغ، قال: إن أفريقيا ستتأثر سلباً من الهجوم العسكري الروسي.
وأوضح أن حقيقة اعتماد القارة الأفريقية على المصادر الخارجية للإمدادات الغذائية الأساسية مثل القمح وزيت الطهي النباتي والوقود، استمرت لفترة طويلة بعد نيل الاستقلال عن القوى الاستعمارية، مما يجعل أفريقيا ضعيفة للغاية.
كما أعربت العديد من الدول الأفريقية عن قلقها من أنه في حال استمرار الصراع وبقاء العقوبات ضد روسيا، فسيتعين عليها تحمل أسعار القمح المرتفعة من مصادر أخرى.
وقالت ريباكا غرينسبان، رئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في تقرير صدر مؤخراً: إن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود سيؤثر على الفئات الأكثر ضعفاً في البلدان النامية، مما يزيد الضغط على أفقر الأسر التي تنفق الجزء الأكبر من دخلها على الغذاء، ما سيؤدي في نهاية الأمر إلى المشقة والجوع.
وأشارت غرينسبان إلى أن التدخل العسكري الروسي جاء أثناء جائحة فيروس كورونا، وسيؤدي إلى تسريع نقاط الضعف الحالية، وتوسيع نطاق عدم المساواة في جميع أنحاء العالم.
كما أكد سلطان كاكوبا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيامبوجو الأوغندية، أنه طالما استمر الصراع، فلن يكون اقتصاد الدول الأفريقية آمناً، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط التي تؤدي إلى وارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم.
وفي 24 فبراير الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية مشددة على موسكو.
وتشترط روسيا لإنهاء العملية، تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف تدخلاً في سيادتها.
_______________________
(*) جوهانسبرج- وكالة “الأناضول”.