في أول ليلة في رمضان المبارك، كانت تركيا تشهد حدثاً تاريخياً انشغل به المسلمون في شتى أنحاء العالم، حيث أقيمت أول صلاة للتراويح بمسجد “آيا صوفيا” في مدينة إسطنبول منذ 88 عاماً.
وكان العلماني مصطفى كمال أتاتورك قد حول المسجد إلى متحف لإرضاء حلفائه الغربيين، وأعاده الرئيس رجب طيب أردوغان مسجداً -كما وعد في حديثه لمجلة “المجتمع” عام 1994- يذكر فيه اسم الله كثيراً، وقد امتلأ المسجد عن آخره في الليلة الأولى المباركة من رمضان، وامتدت الصفوف بالمصلين إلى خارجه في الساحات المحيطة به.
بينما هذا الحدث يشغل العالم الإسلامي بالفرح والسرور، إذا بكاتب السلطة العلماني إبراهيم عيسى، يشذّ عن هذا الفرح والسرور، ويعلن من خلال البرنامج التلفزيوني الذي يتحدث من خلاله أن التراويح ليست سُنة، وإذاعتها في مكبرات الصوت إرهاب!
ويضيف أن دخول الميكروفون حيز التدين “حاجة تانية”، والسلفيون عندهم معتقد أنه كلما زعقت في الميكرفون وأزعجت الآخرين تكون أكثر إيماناً!
وقال عيسى الذي تخصص في انتقاد الإسلام والمسلمين: إقامة التراويح جماعة اختراع تنظيمي من الخليفة عمر، والتراويح ليست سُنة، وصلاتها في مكبرات الصوت ليست تديناً، والتشويش بـ20 ميكرفوناً في الشارع يعد “عافية” (قوة) وإرهاباً.
ويتجاهل عيسى أن وزارة الأوقاف وضعت شروطاً قاسية للتضييق على المسلمين في الصلوات عامة والتراويح خاصة، منها عدم استخدام مكبرات الصوت وتقليل وقت الصلاة، وأن عمر رضي الله عنه لم يقم التراويح بوصفها اختراعاً تنظيمياً، ولكنها سُنة أداها الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يتجاهل أن السلفيين الذين يسند إليهم معتقد الزعيق أكثر إيماناً، ليسوا كذلك، فهم مثل بقية المسلمين يصلون الفرائض والسنن، ولكن يبدو أنه يقصد جماعة من السلفيين (المداخلة) الذين توظفهم السلطة مثله، لتأييدها وتشويه الإسلام بأفكار وسلوكيات تشبه سلوكه وأفكاره!
وقد عقب أحد علماء الأزهر وهو الشيخ عبدالغني هندي قائلاً: «هذا الكلام خالٍ من الصحة، وحديث إبراهيم عيسى ظني».
كما أشار هندي، في تصريحات صحفية، إلى حديث البخاري: «عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ».
وأكد هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عيسى في أمور دينية بشكل خاطئ، وبالطبع سيدنا عمر أولى بالتصديق، حيث قال: صلاة التراويح بلاغنا عنها سيدنا عمر، كما أن سيدنا عمر لم يأخذ عنه كذباً من قبل؛ لا مجال أن يكون كلامه رضي الله عنه غير صحيح أو به شكوك!
من جانب آخر، تكلم عيسى عن جنينة الحيوانات وأشاد بالبقرة، وذكر أن هناك نحو مليار و370 مليون بقرة في الوجود، لكن البقرة المصرية خاصة حمولة وصبورة وشريكة حياة وثروة بالنسبة للفلاح، ولهذا يقدّسها الهنود، وكذلك تم تقديسها في مصر القديمة حيث قُدّس وعُبد العجل أبيس عند الفراعنة.
وتابع: “أكتر شيء ينغص عليَّ لما حد يسخر من تقديس الهنود للبقرة، تعامل الهنود مع البقر فيه رقي (لم يذكر ما يفعله الهنود بالمسلمين!)، كل واحد فينا لديه احترام للحيوان وكلما تتعامل مع الحيوان بغلظة أو وقاحة فأنا أشعر بشكوك تجاه عواطفك وضميرك”.
جدير بالذكر أن عيسى أحيل إلى نيابة أمن الدولة قبل أكثر من شهر للتحقيق معه في الكسب غير المشروع وازدراء الدين الإسلامي، ولم يتم تنفيذ القرار حتى الآن، بل إنه تحدى النيابة والقضاء وظهر في حديقة قصره بالجلباب البلدي يغني “الهوا هوايا”!