قال وزير الخارجية الجزائري الأسبق، المسؤول السابق بالأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي: إن الحرب العالمية الباردة انتهت بانهيار الاتحاد السوفييتي في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وأصبح هناك قطب منتصر وآخر منهزم، واليوم نعود مرة أخرى لتلك الحرب بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
جاء ذلك خلال ورشة نظمها منتدى مؤسسة عبدالحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، بعنوان “العرب في عصر الحرب الباردة الثانية”، في العاصمة الأردنية عمَّان.
وأضاف الإبراهيم: قيل لنا آنذاك: إن القطب المنتصر من حقه أن يفرض نظاماً جديداً على العالم، وإنه سوف يستمر في السيطرة لمدة طويلة قد تمتد إلى نحو 100 عام.
وأشار إلى أن البعض كانوا يدركون أن الحرب الباردة انتهت ودخل العالم فترة انتقالية قد تكون طويلة أو ربما قصيرة مع تأكدهم بقيام نظام عالمي جديد تكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الأقوى، وربما تجد من يكون نداً لها من القوى الجديدة في العالم.
ونوه إلى ظهور قوى عظمى جديدة عالمياً؛ وهي الصين الشعبية، التي أصبحت نداً قوياً للولايات المتحدة، كما أشار إلى أن التكهنات جميعها تفيد بأن الصين ستسبق الولايات المتحدة في بعض المجالات وخاصة الاقتصادية في غضون 30 عاماً.
الصين منافس قوي لأمريكا
وكشف الإبراهيمي عن أن الولايات المتحدة كانت قد ساعدت الصين في بداياتها على أن تتطور وتتقدم، لأن الصين في نهاية القرن الماضي كانت علاقاتها متوترة مع الاتحاد السوفييتي، في سعي منها لتكون الصين حليفة لها ضد الاتحاد السوفييتي.
وتابع قائلاً: الصين أصبحت الآن منافسة قوية للولايات المتحدة في مجالات مختلفة، وقد تغير موقف الولايات المتحدة تجاهها، وقد ظهر هذا التغير بداية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وتأزمت العلاقات بين الطرفين في عهد الرئيس السابق ترمب، واستمر كذلك إلى الآن.
وحذر الإبراهيمي من الأزمات المحلية والعالمية؛ لأن أي واحدة منها قد تتطور إلى الأسوأ، كما نشهد الآن في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمح إلى إمكانية استعمال الأسلحة النووية في الحرب.
وبين أن الأزمات العالمية يتزايد عددها سنة بعد أخرى، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة لاحظت أنه بعد نهاية الحرب الباردة تضاءل عدد الحروب المحلية حتى عام 2005 – 2006، حيث بدأ يرتفع من جديد.
وقال: إنه في نهاية الحرب الباردة كانت هناك وعود صريحة من قبل حلف “الناتو” بعدم التوسع شرقاً، وقد خالف وعده في ظل عدم مبالاة الدول الغربية حتى وصلنا إلى اندلاع حرب قاسية على الشعب الأوكراني من جانب روسيا.
حرب باردة جديدة
وقال الإبراهيمي: إن تلك الحرب أعلنت بوضوح أننا سندخل في حرب باردة جديدة، ليست بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وإنما بين الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين الشعبية، موضحاً أن هذه الحرب لم تتضح معالمها بعد فيما يتعلق بالدول التي ستنضم إلى الجانبين.
وأشار إلى العديد من الأزمات السياسية في عالمنا العربي مثل أزمات العراق وسورية وليبيا، إضافة إلى القضية العربية الأساسية وهي فلسطين، تأثرت سلباً بتلك الحرب الباردة التي يشهدها العالم الآن.
وأوضح أنه لا يمكن لأي أزمة أن تبقى داخلية، بل لا بد لها أن تتحول فوراً إلى إقليمية ثم دولية، وهذا ما شهدناه في منطقتنا، مستعرضاً الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السلبية التي خلفتها تلك الأزمات على الدول والشعوب العربية.
وحول القضية الفلسطينية، قال: أيدت مقاطعة جنوب أفريقيا، وأنا اليوم كذلك أقاطع وأؤيد مقاطعة “إسرائيل”؛ لأن النظام الذي قاطعته في جنوب أفريقيا هو نفسه القائم الآن في فلسطين.