مع بدء دوران عجلة الحوار الوطني بمصر تحت رعاية رئاسة الجمهورية، ومع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، تتجدد آمال بعض أسر سجناء الرأي والموقوفين سياسياً، خاصة ممن هم رهن الحبس الاحتياطي في حدوث انفراجة سياسية تفتح لهم أبواب الفرحة.
فبعد تدشين لجنة الحوار الوطني، تم العفو السياسي عن رمزين بارزين في العمل العام المصري؛ وهما الصحفي حسام مؤنس، والمهندس يحيى حسين عبدالهادي.
وبالتزامن، أطلق عدد من الحقوقيين حملة حقوقية جديدة تحت عنوان “حتى آخر سجين”، للمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي، الذين يدور جدل كبير بين الحكومة والمعارضة على أعدادهم، ففي حين تقدرهم المعارضة بالآلاف تقدرهم السلطات بالمئات.
ويراهن بعض ذوي الموقوفين سياسياً على بصيص الأمل الذي فتحته عودة عمل لجنة العفو الرئاسي وتدشين الحوار الوطني، بالتزامن مع دعوات سياسية لفتح أفق الحوار واستيعاب الجميع مع إقرار العدالة الانتقالية، مؤكدين أهمية الجدية في التنفيذ وتفعيل التوجهات الرسمية.
ننتظر عيدنا
وتقول إيمان محروس، زوجة الكاتب الصحفي الموقوف أحمد سبيع، في حديثها لـ”المجتمع”: استبشرنا خيراً بترؤس نقيب الصحفيين د. ضياء رشوان جلسات الحوار الوطني، ونتمنى أن تكون سبباً في الإفراج عن زوجي الذي تخطى مدة الحبس الاحتياطي المقررة بعامين.
وتضيف أن الأعياد تأتي بلا بهجة في ظل غياب شريك العمر، وهو ما يؤثر سلباً على الأولاد، الذين ينتظرون بين العيد والعيد خبراً ساراً بخروج والدهم الصحفي الذي لم يرتكب شيئاً للحبس، موضحة أنه كان يؤدي واجب العزاء في وفاة المفكر الإسلامي الراحل د. محمد عمارة حينما تم توقيفه.
وتشير زوجة سبيع إلى أن زوجها يعاني من بعض الأمراض، ولم ترَه منذ حبسه بعد منع الزيارات عنه، لكنها متفائلة خيراً أن تنتهي تلك الفترة قريباً بكل ما فيها من آلام شديدة، لفتح صفحة جديدة مع الحياة، وتتمنى استمرار فتح أبواب الأمل لها ولأمثالها.
وفي السياق نفسه، تقف أماني حمدي، زوجة المصور الصحفي حمدي الزعيم، الموقوف منذ 6 سنوات ما بين حبس احتياطي والمتابعة في الأقسام كتدابير احترازية، حيث تعلق آمالها على حدوث انفراجة قريبة مع بدء عمل لجنة الحوار.
وتقول، في حديثها لـ”المجتمع”: أبنائي يكبرون ووالدهم ليس معهم، والأعياد تأتي وغيابه يحزننا، وأولادي يسألونني دائماً: متى سيأتي بابا، ولا أجد رداً سوى ابتسامة حزينة وأقول لهم: قريباً بإذن الله.
وتوضح أن زوجها منذ 6 سنوات يعاني ما بين الحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية، وآخر عام ونصف عام دخل السجن مرة أخرى على ذمة قضية جديدة رغم أنه كان يحافظ على متابعة التدابير الاحترازية في القسم.
وتشير زوجة المصور الصحفي الموقوف إلى أن الأبناء باتوا في حاجة ماسة إلى أبيهم؛ فالابن الصغير بات صاحب 5 سنوات دون وجود أبيه بجواره حتى أثناء ولادته، والذي يكبره تربى في غيبة أبيه كذلك، والابنة الكبرى تخرجت في كلية الحقوق وأصبحت محامية تدافع عن والدها وهو لم يرَها بثوب التخرج، وهي نفس المعاناة مع ابنتنا الأخرى التي تضاف لمعاناتها من ضغوط الثانوية العامة.
وتدعو إلى النظر إلى أسرتهم ببعد إنساني، حيث إن المسؤوليات تزداد عليها ثقلًا ولا تملك إلا الدعاء لله بالفرج ثم التواصل مع المعنيين بأمر إخلاء السبيل والعفو الرئاسي، الذين وعدوها خيراً خاصة مع بدء العمل على انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، مؤكدة أن العيد الحقيقي هو يوم رجوع زوجها إلى بيته.
وتطالب مروة أبو زيد بالإفراج عن زوجها عبدالرحمن حسن الدابي، المحكوم عليه في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل، بحسب وصفها، مؤكدة أنها منذ 8 سنوات تحلم برجوعه منذ تم توقيفه ثم الحكم عليه ولا تستطعم طعماً للعيد بدونه.
وتؤكد لـ”المجتمع” أنه يكفي زوجها ضياع 8 سنوات من عمره داخل سجون تشهد جدرانها على اعتداله ورجولته وتدينه وأخلاقه.
عيد مؤجل
ويجد العديد من أسر سجناء الرأي والموقوفين سياسياً بمصر مواقع التواصل الاجتماعي متنفساً لهم للتعبير عن آمالهم، وفق رصد مراسل “المجتمع”.
وعلى وسمَيْ “عيدهم في الزنزانة”، و”عيدنا مؤجل”، الرائجين على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، دونت الكاتبة الصحفية إكرام يوسف، والدة المحامي الموقوف زياد العليمي، تطالب بالإفراج عن ابنها، وأكدت أن عيد أهالي سجناء الرأي مؤجل لحين خروج أبنائهم.
وأعربت عن عدم استيعابها عدم الإفراج عن ابنها وأمثاله مع استمرار الحديث عن الحوار الوطني وقبول الاختلاف في حب الوطن.
وأعلنت اعتذارها عن عدم قبول تهاني العيد في ظل غياب ابنها، وعدم اعتدادها بمنطق من يصمم على تهنئتها بالعيد الذي لا تراه إلا مع عودة ابنها زياد العليمي إلى بيته.
وأوضحت أنها لن تفرض على الناس انتظار عيدها ولكنها تعتقد أن مصر لن تفرح إلا عندما يخرج المعتقلون السياسيون، ولا يبقى معتقل واحد خلف الأسوار.
وعلى نفس الوسم، أشارت د. منى مينا، أمين عام نقابة الأطباء السابق، إلى أن زياد العليمي، وعلاء عبدالفتاح، وهيثم محمدين، ومحمد عادل، وهشام فؤاد من الشباب المحبوسين شديدي الطيبة والتسامح وحب الوطن والإيمان بالديمقراطية، وهم بعيدون عن العنف، ورغم ذلك يستمر حبسهم وغيرهم؛ ما يؤثر على مصداقية الحوار الوطني.
وأعرب الفقيه القانوني الأمين العام السابق لمجلس رعاية مصابي وأسر شهداء الثورة خالد بدوي، في تدوينات له، عن أسفه لتغييب زوجته عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الأسبق الحقوقية هدى عبدالمنعم خلف الأسوار.
ووصف ما يحدث بأنه “ابتلاء عظيم” حيث مر على حبس زوجته ما يقرب من 4 أعوام.
وقال، في رسالة مؤثرة لزوجته: لقد كنت في مثل هذه الأيام مضرب المثل في البذل والعطاء والذكر والدعاء والتواصل مع عباد الله حتى كأني بالشجر والحجر والزرع والثمر فضلاً عن البشر الجميع يدعو الله عز وجل أن يفرج كربك ويفك أسرك، ويردك سالمة غانمة الأجر العظيم.. أنت ومن هناك جميعاً خلف الأسوار.
وفي نفس الاتجاه، تحلم رشا صبري، زوجة الحقوقي الموقوف عزت غنيم، بإيجاد نافذة أمل لزوجها في العفو الرئاسي، خاصة بعد إحالته للمحاكمة مع آخرين.
وتشير، في تدوينات لها، إلى أن كل عيد لزوجها خلف الأسوار يمر كل مرة بمرارة في ظل استمرار تغييبه، مؤكدة أهمية الإفراج عنه رحمة بأولاده وبيته في ظل علم الداني والقاصي ببراءة ساحته، وإعلائه لسيادة القانون طوال مسيرته خلال عمله بالمحاماة أو أثناء توليه مسؤولية إدارة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات حتى تاريخ القبض عليه في مارس 2018.