قال الكاتب والسياسي اليمني ياسين التميمي، على صفحته بموقع “فيسبوك”: هذا اليوم في مارب أقيمت ندوة مهمة بعنوان “الهدنة من جانب واحد.. المآلات والمخاطر”.
في هذه الندوة تجمع أبرز رموز المقاومة والشخصيات المناضلة والسياسيين والناشطين ومسؤولين حكوميين ليقولوا كلمتهم بشأن الهدنة التي توصف بأنها من طرف واحد.
الهدنة بالتأكيد من طرف واحد، أي أن الشعب اليمني لم ينعم بالسلام في وقت يجني الانقلابيون والمتمردون والمنخرطون ضمن مشروع تفكيك الدولة مكاسب سياسية وإستراتيجية تكاد تصيغ النهاية الكارثية للحرب، وتحول اليمنَ إلى غنيمةِ حربٍ لصالح هذه القوى المرتبطة بنفوذ خارجي عدائي واضح ضد السيادة والكيان القانوني للجمهورية اليمنية.
الجديد في النشاط العام الذي أقيم بمدينة مأرب أكثر مدن اليمن نمواً وحيوية وتعبيراً عن التعايش الوطني في أوضح صوره، هو أن المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية عاد ليمارس دوره الوطني النضالي في أقدس ساحات المواجهة مع جماعة الحوثي الإرهابية بصفتها إحدى الأدوات القذرة للمشروع الإيراني الطائفي الذي يستهدف المنطقة برمتها، ويسعى إلى تفجير مجتمعاتها من الداخل عبر استجرار الروايات الباطلة والكاذبة حول الأحقية الطائفية في الحكم.
عودة تبعث الثقة في نفوس اليمنيين الذين لطالما أدهشتهم تلك الهبة البطولية لرجال المقاومة الشعبية التي وضعت حدوداً من نار أعاقت الانقلابيين الذين كانوا عملياً يضعون يدهم على الدولة ومقدراتها ومعسكراتها.
إن خطورة المشروع الانقلابي للحوثيين يكمن في أنه فرع عبر المعسكرات المغلقة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية.
مشاريع أخرى عمقت التشققات السياسية في بنية المجتمع الواحد وحفرت التصدعات المناطقية التي تكاد تتحول إلى مشاريع تفكيك لكامل الجغرافيا اليمنية.
وطبعاً ما كان للمشروع الطائفي أن ينجح في ذلك لولا التلاقي الاستثنائي للمصالح بين إيران وبعض دول المنطقة، ولولا التخادم من جانب رئيس (…) وطبقة سياسية انتهازية أقنعت نفسها بأن استعادة النفوذ سيكون ممكناً إذا تم التخلص من القوة السياسية التي تدعم ثورة فبراير وخيار التغيير السياسي الديمقراطي.
ما نراه اليوم في مأرب وقبل ذلك في تعز من نهوض جديد لروح المقاومة الشعبية يأتي فيما تعاني الأحزاب والقوى السياسية من حالة شلل تام، ويجري تطويع قطاعات الجيش الوطني بوسائل مختلفة للتعاطي مع هدنة لم توقف الحرب على هذا الجيش ولا على المدنيين من الأطفال والنساء الذين يحميهم الجيش الوطني.
إن استعادة زمام المبادرة من جانب المقاومة الشعبية هو أحد أهم الحلول الإستراتيجية والتكتيكية إن شئتم في مواجهة الهدنة التي تُعقدُ بشروط تقييدية تدفع الشعب اليمني برمته إلى الاستسلام.
من السهل أن تتعرض المقاومة ومجلسها الأعلى ورموزها للهجوم من جانب الجوقة المعهودة والمرتبطة بأجندة كسر الإرادة الوطنية وتلميع المليشيات، لكن أدعو كل المتوجسين من التحرك الوطني الجديد بقيادة المقاومة الشعبية ومجلسها الأعلى إلى تدبر المعاني العميقة للظهور العسكري الاستعراضي في ميدان السبعين بصنعاء عشية إعلان المبعوث الأممي تجديد الهدنة لمدة شهرين، حيث تبقى الحرب بالنسبة لهذه الجماعة الطائفية المدعومة من إيران خياراً أساسياً، والأهم من ذلك أن الحوثيين ربطوا ذلك الاستعراض بالمنطقة العسكرية الرابعة المرتبطة صورياً بمسرح عملياتي يشمل جنوب غرب اليمن بما فيها باب المندب ويمتد ليشمل عدن وأبين.
وفيما تتكرس المهمة البيروقراطية لمجلس القيادة الرئاسي الذي يعكف من قصر معاشيق المحاصر على استكمال برنامج التعيينات في المنطقة الجغرافية الواسعة والمحررة التي يتقلص فيها نفوذ الشرعية بشكل مذهل.
فإنه من الواضح أن هذا المجلس صمم بتركيبته المتضخمة والمتباينة ليكون حصان طروادة لتمرير كل المليشيات وبحصص متفاوتة إلى نهاية مشوار الحرب، حيث من المقرر أن يتم السطو الكامل على الجغرافيا والدولة وإنشاء خارطة سياسية جديدة فسيفسائية ومتصارعة لا سمح الله، وما من خيار لمواجهة السيناريوهات الكارثية هذه سوى الاصطفاف حول المقاومة الشعبية بأجندتها النضالية المفتوحة وأهدافها الواضحة.