تصريحات نتنياهو الأخيرة حول الدولة الفلسطينية، ورغبته بالعمل على منعها بكل الأحوال، ليس جديداً على سياسة الكيان الصهيوني الذي رفض كل قادته قيام دولة فلسطينية؛ لأنها تشكل تهديداً وجودياً على الكيان الصهيوني، ويقف كل الكيان بقيادته الحالية والسابقة خلف منع قيام دولة فلسطينية مهما كلف الأمر.
إلى جانب تلك التصريحات، تحدث نتنياهو أن بقاء السلطة بزعامة محمود عباس وفريق أوسلو في مصلحة الكيان، وسيعمل على تزويدها بالمال والدعم حتى تستمر ولا تنتهي لأنها مصلحة للاحتلال.
كل هذا الحديث المعلوم بالضرورة، والذي بات يدركه الشعب الفلسطيني إدراكاً كاملاً بعد فترة من الخداع الذي تعرض له على أيدي سلطة أوسلو، والوهم الذي عاشه سنوات طويلة، أدركه اليوم وبات يعمل على تعزيز مقاومته للاحتلال ودفع كل ثمن يتطلبه التحرير وإقامة الدولة.
سلطة أوسلو التي جاءت وفق اتفاق أمني لحماية الكيان ومستوطنيه وليس لحماية الشعب الفلسطيني الذي بات اليوم يتعرض لعمليات قتل وحرق ومصادرة أراض من قبل حكومة مستوطنين لا تؤمن بالسلام، بل لديها إستراتيجية تعمل عليها وبشكل علني من أجل قتل الفلسطيني، وما تحدث به بن غفير للإعلام العبري بشكل واضح يؤكد هذه السياسة عندما قال: «قتلنا منذ بداية العام ما يزيد على مائة وعشرين فلسطينياً، ونطمع أن نزيد في عدد القتلى، هذه رغبة شعبنا، وسنعمل على تحقيق ذلك في الأيام القادمة»!
هذا الأمر لم يدركه فريق أوسلو بعد، وما زال يعتبر التعاون الأمني مع الاحتلال شيئاً مقدساً، وسيحافظ عليه، وسيعمل على محاربة «مظاهر الإرهاب» التي يقوم بها الفلسطينيون بكل الوسائل والطرق؛ كملاحقة المقاومين واعتقالهم والوشاية بهم للاحتلال، بل العمل على تمكين الاحتلال من الوصول إليهم وتصفيتهم للحفاظ على هذه المهمة التي من أجلها جيء بهم لحكم الشعب الفلسطيني.
لأجل ذلك يريد الاحتلال الحفاظ على هذه السلطة، ويعمل ألف حساب لليوم الذي سيلي غياب عباس عن الحياة، وسيعمل بكل ما لديه من قوة على تنصيب شخص يقوم بنفس المهمة التي يقوم بها عباس، بل بشكل أكبر؛ لأن الاحتلال يرى أن زوال هذه السلطة بداية لزوال الكيان، خاصة بعد التطور الحادث لدى المقاومة في الضفة الغربية الذي ظهر في جنين، والعملية البطولية ما بين نابلس ورام الله التي أدت إلى مقتل 4 صهاينة، هي مؤشرات أولية على تطور المقاومة وفعالية تصديها للاحتلال، وأن الصورة القادمة ستكون أكثر تطوراً، ولذلك بات حريصاً على بقاء هذه السلطة للحفاظ على وجوده فترة أطول من الزمن.