حذّر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن الصراع المستمر منذ 12 عاماً في سورية دفع 90% من سكانها إلى العيش دون خط الفقر، منبهاً إلى أن الملايين سيواجهون تقليصاً في المساعدات الغذائية الشهر المقبل بسبب نقص التمويل.
وقال غريفيث إن نداء الأمم المتحدة الإنساني لسورية بقيمة 5.4 مليارات دولار، وهو الأكبر في العالم، جرى تمويله بنسبة 12% فقط، ما يعني أن المساعدات الغذائية الطارئة لملايين السوريين قد تنقطع بنسبة 40% في يوليو/تموز المقبل، حسبما أوردت “أسوشييتد برس”.
وسلّم غريفيث النبأ الكئيب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناشداً الأعضاء تجديد الإذن بتسليم المساعدات إلى شمال غربي البلاد والذي ينتهي في 10 يوليو.
لكن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، الذي تعتبر بلاده أهم حليف للنظام السوري، وصف عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود بأنها “لعبة محصلتها صفر” تقوّض سيادة سورية، وتميّز ضد الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة.
وتسببت الثورة السورية التي تحولت إلى صراع، في عامها الثالث عشر، في مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص، وتشريد نصف سكانها قبل الحرب البالغ عددهم 23 مليوناً. كما ضرب زلزال قاتل بقوة 7.8 درجات مناطق شاسعة من سورية في فبراير/شباط، مما زاد من بؤسها.
وغريفيث الذي عاد الأربعاء من دمشق، قال إن الشعب يواجه “تحديات إنسانية عميقة”، وقال إن السوريين يتجمعون في عيد الأضحى المبارك “مع طعام أقل على أطباقهم، القليل من الوقود في مواقدهم، ومحدودية المياه في منازلهم”، وتأتي معاناتهم في وقت كانت لدى الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني وسائل محدودة للمساعدة.
من جهته، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن النداء الإنساني الطارئ بمبلغ 397 مليون دولار لمساعدة ضحايا الزلزال جرى تمويله في الأشهر الأولى، لكن نداء الأمم المتحدة العام لسورية مُوّل بنسبة 12% فقط قرب نهاية يونيو.
واتهم الولايات المتحدة وحلفاءها بإنفاق المزيد على الأسلحة لأوكرانيا أكثر بكثير من مبلغ 55 مليار دولار الذي تسعى إليه الأمم المتحدة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العالمية هذا العام، قائلاً: “هذا يحدد الأولويات الغربية بوضوح شديد”.
لكن سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، ردت بأن تعهد المملكة المتحدة البالغ 190 مليون دولار في 15 يونيو أدى إلى زيادة مساهمتها في سورية إلى أكثر من 4.8 مليارات دولار حتى الآن، وقالت: “أتطلع إلى إعلان روسيا مساهمتها في الوقت المناسب بعد الإعلان الأخير عن إنفاقها مليارَ دولار في السنة على مجموعة فاغنر”.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، بعد أن قام مؤسس جماعة “فاغنر” المرتزقة، يفغيني بريغوجين، وقواته بتمرد داخل روسية، إن فاغنر ومؤسسها تلقيا ما يقرب من ملياري دولار من الحكومة الروسية العام الماضي.
من جانبه، قال نائب السفير الأميركي جيفري ديلورينتيس إن الولايات المتحدة قدمت أكبر التزام لها لسورية بقيمة 920 مليون دولار في 15 يونيو، وصفه بأنه “ضروري” لإبقاء المعابر الثلاثة مفتوحة لمدة 12 شهراً.
واستشهد بتقرير غوتيريس الأخير الذي قال إن أي شيء أقل من ذلك سيكون غير كاف لتلبية الاحتياجات الإنسانية في الشمال الغربي التي لم تكن أكبر من أي وقت مضى. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة ذلك بأنه “واجب أخلاقي وإنساني”.
وحث غريفيث على إجماع دولي أقوى على أهمية هذه البرامج وتخفيف القواعد للسماح ليس فقط بالتدريب المهني ولكن بالتوجيه للشباب، وبناء أنظمة الري دون تأهيلها كمشاريع “تنموية”، وفتح المدارس بغض النظر عما إذا كانت توصف بأنها “أعيد تأهيلها” أو “أعيد بناؤها”.