لم تكن تعلم الصيدلانية المصرية العاملة بالكويت بسمة علي حسنين أن إجازتها بالقاهرة ستكون الأخيرة، وتكتب نهايتها المأساوية وتضع باقي أفراد أسرتها رهن إصابات متنوعة بعد خلافات مع جار لهم انتقم منهم بحادث دهس مروع أثار جدلاً واسعا بالبلاد، حول سبل معالجة تكرار جرائم العنف المجتمعي بشكل دام من بينها قضايا أثارت قلقاً واسعاً كمذبحتي «الإسماعيلية» و«الريف الأوروبي»، ومقتل الشابتين نيرة أشرف، وسلمى بهجت.
وأنهت النيابة العسكرية التحقيقات في تلك القضية التي حملت رقم (170/ 2023 جنايات عسكرية شرق القاهرة) ضد القاتل الذي يعمل طبيباً بالمؤسسة العسكرية، وقد تم إحالة الدعوى إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنايات العسكرية، وفق بيان رسمي.
صورة من فيديو متداول لحادث مدينتي – تويتر
د. جعفر: ما يحدث في المجتمع نذير خطر ولا بد من التدخل
نذير خطر
من جانبه، يرى الخبير في العلوم السياسية والاجتماعية الأكاديمي د. هشام جعفر، في حديث لـ«المجتمع»، أن تآكل منظومة المؤسسات الاجتماعية الفعالة التي تتدخل كرمانة ميزان في المجتمع كلجان المصالحات وكبار العائلات فاقم العنف المجتمعي.
د. هشام جعفر
ويضيف د. جعفر أن غياب الحراك الاجتماعي وقنواته التي تستوعب تلك الظاهرة، وتوجِد مسارات لتفريغها، مع انتشار السياسات النيوليبرالية والرأسمالية الشرسة والأزمة الاقتصادية كل ذلك غذَّى العنف الكامن في نفوس بعض المصريين؛ ما أدى إلى انفجاره في أنماط مختلفة.
ويشير إلى أن الشعور بـ«الفوقية» واتجاه ذوي النفوذ والمال إلى تقديم تسويات خارج إطار المحاكمات القانونية، بسبب قدرتهم على ذلك مالياً في مجتمع يسيطر عليه العوز، كما حدث في تعويضات ابن أحد رجال الأعمال الذي تسبب في حادث مروع مؤخراً، قلل من تأثير قيمة العدالة التي يعتريها التآكل على مستويات عدة، وغذى أساليب الخروج عن القانون وعدم المبالاة به.
د. عبدالله: أسباب العنف المجتمعي متصاعدة بلا كوابح تقريباً
ويوضح د. جعفر أن ضعف المجتمع المدني الحالي وانشغال السلطة بأولويات أخرى، وعدم قيام مؤسسات التنشئة (المدرسة، المسجد، الكنيسة) بدورها المنوط بهم، واستهلاك طاقة الأسرة في أولويات توفير لقمة العيش دون وجود وقت للتربية والرعاية؛ أمور مقلقة، ونذير خطر، ضارباً المثل بالغضب المتصاعد في فرنسا، الذي لم ينتبه له أحد حتى صار عنيفاً وفوضوياً.
تضافر الجهود
من جانبه، يرى أستاذ الطب النفسي بمصر د. أحمد محمد عبدالله، في حديث لـ«المجتمع»، أن للعنف في أي زمان ومكان أسباباً بيولوجية ومجتمعية واقتصادية وسياسية ونفسية، موضحاً أن تلك الأسباب في الحالة المصرية متصاعدة متزايدة وبلا كوابح تقريباً.
ويؤكد د. عبدالله أن علاج تلك الأسباب وتقوية الكوابح، يؤديان إلى وقف العنف، مشيراً إلى أن عقد طاولة حوار مجتمعي، على سبيل المثال، لوضع حلول من المختصين سيفيد بلا شك في تقديم الحلول.
حقوقي يطلق صيحة تحذير.. وقانوني يطالب بتحرك قبل أحكام القضاء
ويرى المحامي والمستشار القانوني عمرو علي الدين، في حديث لـ«المجتمع»، أن القضاء لن يتحمل بمفرده مواجهة العنف المجتمعي، وليس معنى إصدار أحكام مشددة أو بالإعدام في قضايا عنف مجتمعي مؤخراً نهاية للأمر، بل يجب أن تتضافر الجهود مجتمعياً على كافة المسارات لتقويض تلك الممارسات قبل وصولها إلى سيف العدالة المفترضة.
عمرو علي الدين
وأطلق عضو مجلس أمناء الحوار الوطني بمصر الحقوقي البارز نجاد البرعي، في وقت سابق، ما وصفه بـ«صيحة تحذير»، مؤكداً، في منشور على حسابه الرسمي على موقع «فيسبوك»، أن حادث مدينتي المروع وغيره من أحداث تتسم كلها بعنف غير مبرر، تدفعه إلى إطلاق صيحة تحذير؛ لأن عدم الوصول إلى نقطة تفريغ الاحتقان داخل المجتمع المصري سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.