تقول: إذا حصلت أقل مشكلة بيننا يكون رد فعل زوجي الوحيد الهجر والسكوت، لا أسمع له صوتاً ولا رداً، حتى إلقاء السلام أو الرد عليه لا وجود له في قاموس هجره، يستمر الأمر أياماً، والحمد لله لا يصل لشهور، أكافح في سبيل محادثته وإرضائه، لأني ببساطة في هجره أكون في حكم الميتة، وبالطبع أمتثل لما يريده حتى ولو خطأ في سبيل عودته إليَّ.
مأساة تعيشها البيوت، أبواب من جحيم نفحتها على أنفسنا، شقاق وتباعد وتأزم للموقف وتوتر نفسي.. وغير ذلك من مفردات سالبة لسعادتنا قاتلة لحياتنا الزوجية، ولو بحثنا عن سبب كل هذا ربما ما وجدنا سبباً منطقياً مقبولاً، ولكن الشيطان الذي ينفث في كل صغيرة حتى تكبر، ونفس ضعيفة لا تعرف تجاوز الميسور من المواقف.
وننسى أن قدسية الحياة الزوجية تأبى كل ما يضعفها ويقف في طريق ثباتها وسلامتها، بل وسعادتها، فالمبالغة في عقوبة الهجر بين الزوجين تأتي غالباً بنتائج عكسية، فهي توسع الفجوة النفسية بين الزوجين، وتعمق مشاعر البعد والفراق بينهما، وتسقط الاحترام، أما ما يصيب الأطفال فقد يصل إلى مشكلات نفسية وسلوكية وعاطفية، قَلَق واكتئاب وتوتُّر وخوف دائم من عواقب هذا الهجر.
وبالطبع كل هذا لا يُقبل في ديننا الحنيف، فالهجر في الفراش لا يكون إلا عند نشوز الزوجة وتمردها على زوجها وعصيانها فيما هو مباح، بعد فشل كل أساليب النصح والإرشاد والتقويم بالكلمة، أما الإفراط في الهجر مما يعود بالضرر فلا يجوز ولا يقبل شرعاً، فأي شيء لو زاد عن حده انقلب إلى ضده، وصدق ربنا سبحانه وتعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء: 34).
والهَجْرُ: إهمالٌ للطرفِ الآخر، أو تجاهُلُه، أو الامتناع عنه بكلمة أو حتى نظرة، وأما في حياتنا الزوجية فيأتي نتيجة لتفاقُم مشكلات عديدة مما قد يسببه.
ولعلاج مثل هذه المشكلة:
– على الزوجين الشعور بالمسؤولية، والحفاظ على كيان الأسرة والأولاد، قبل تشتُّتها وضياعها.
– الابتعاد عند حدوث المشكلة حتى تهدأ النفوس، ثم نتكلم في العلاج بهدوء مع العَفْو والتسامُح.
– لا بد أن نعلم أن الهَجْر ليس علاجًا في حد ذاته، وله ضوابط لا يجوز الخروج عنها؛ وإنما وسيلة للعلاج، فإذا وجدت في استمراره وبالًا ومصيبةً على الأسرة فالتراجُع هو الأفضل.
– استشارة أصحاب الخبرة للمساعدة في حل المشكلة قبل تفاقُمها.
– الابتعاد عما يسبب التوتر والتشنج؛ كالانتقاد والاستهزاء أو رفع الصوت أو الحرمان أو الضرب.. وغيرها.
– تذكرا أنكما لستما ملائكة، فالخطأ وراد، ومن الحكمة الصبر وعدم الاستعجال في اتخاذ القرار المُدمِّر للحياة الزوجية.
نسأل الله تعالى أن يجعل بيوتنا عامرة بطاعته، والحب والتواصُل السليم، وأن يخرج الشيطان من بيوتنا.