1- المباركة والتهنئة بدخول شهر رمضان:
اعتاد المسلمون في بداية شهر رمضان المبارك أن يهنئ بعضهم بعضاً، وقد توارثت الأجيال هذا العرف الحسن، ولم يرد في السُّنَّة عبارة محددة لهذه التهنئة ليس للمسلم أن يتعداها، إلا أن عبارات المباركة والتهنئة تدخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «كل سُلامَى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة»(1).
ومن العبارات التي تعارف عليها المسلمون «مبارك عليك الشهر»، و«كل عام وأنتم بخير»، وليس في هذا محظور شرعي.
2- مضاعفة الحسنات والسيئات في رمضان:
يتساءل البعض عن صحة تضاعف السيئات كتضاعف الحسنات في رمضان؟ وهذه حقيقة، فالحسنات والسيئات تضاعف في الزمان والمكان الفاضلين، ولكنْ هناك فرق بين مضاعفة الحسنة ومضاعفة السيئة، فمضاعفة الحسنة مضاعفة بالكم والكيف، والمراد بالكم: العدد، فالحسنة بعشر أمثالها، أو أكثر، والمراد بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر.
وأما السيئة: فمضاعفتها بالكيف فقط؛ أي: أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد، وأما من حيث العدد: فالسيئة بسيئة واحدة، ولا يمكن أن تكون بأكثر من سيئة.
وتُضاعف الحسنة والسيئة بمكان فاضل، كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، وبزمان فاضل، کيوم الجمعة، والأشهر الحرم ورمضان.
ومضاعفة الحسنات لا خلاف فيه، وأما مضاعفة السيئات فقال بها جماعة، تبعاً لابن عباس، وابن مسعود، رضي الله عنهما، وقال بعض المحققين: قول ابن عباس، وابن مسعود في تضعيف السيئات: إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية(2).
وسئل الشيخ ابن باز: الصيام، هل يُحصِّل به المسلم تكفير الذنوب صغيرها وكبيرها؟ وهل إثم الذنوب يتضاعف في رمضان؟
فأجاب: المشروع للمسلم في رمضان وفي غيره: مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء، حتى تكون نفساً مطمئنة آمرة بالخير راغبة فيه، وواجب عليه أن يجاهد عدو الله إبليس حتى يسلم من شره ونزغاته، فالمسلم في هذه الدنيا في جهاد عظيم متواصل للنفس والهوى والشيطان، وعليه أن يكثر من التوبة والاستغفار في كل وقت وحين، ولكن الأوقات يختلف بعضها عن بعض؛ فشهر رمضان هو أفضل أشهر العام، فهو شهر مغفرة ورحمة وعتق من النار، فإذا كان الشهر فاضلاً والمكان فاضلاً ضوعفت فيه الحسنات، وعظم فيه إثم السيئات، فسيئة في رمضان أعظم إثماً من سيئة في غيره، كما أن طاعة في رمضان أكثر ثواباً عند الله من طاعة في غيره، ولما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم، ومضاعفة كثيرة، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره، فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات، والإقلاع عن السيئات؛ عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول، ويوفقه للاستقامة على الحق، ولكن السيئة دائما بمثلها، لا تضاعف في العدد، لا في رمضان ولا في غيره، أما الحسنة تضاعف بعشر أمثالها، إلى أضعاف كثيرة؛ لقول الله عز وجل: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (الأنعام: 160)(3).
3- التعب أثناء الصيام:
إذا تعب الصائم في نهار رمضان تعباً شديداً، بحيث إنه سيتضرر لو استمر في صيامه، أو غلب على ظنه ذلك، فله أن يفطر، بل يرى بعض العلماء أنه يجب عليه الفطر إذا خاف على نفسه، لأن حفظ النفس واجب، ويعتبر الصائم في هذه الحالة كالمريض الذي يفطر بسبب المرض، لكن لا يجوز له أن يفطر اليوم التالي بناء على تعبه في اليوم الأول، ويكون حكمه كحكم أصحاب المهن الشاقة، فعليه أن ينوي الصيام في الليل، ويستمر على صومه حتى تلحقه المشقة، ويحس بالتعب، فيفطر حينئذٍ، وأن يقضي هذا اليوم فيما بعد.
4- الصلاة والصيام عن الميت:
اختلف العلماء في حكم من توفي في رمضان، وعليه بعض الأيام التي لم يصلها ولم يصمها، فقالوا:
أما الصلاة فلا تصح النيابة فيها عند المذاهب الأربعة، وأما الصوم فعند الشافعية قولان؛ أحدهما وهو الأظهر: تجوز النيابة في الصوم، فيصوم ولي المتوفى عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه»(4).
والثاني: لا تصح النيابة فيه، لأنه عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في حال الحياة، فكذلك بعد الوفاة؛ لكن النيابة في الحج جائزة، قال بها جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة، ويقيد جواز النيابة بالعذر، بأن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى الشفاء منه، أو كبيراً، هذا بالنسبة للنيابة في حال حياة الشخص، وأما بعد الوفاة بالنسبة للحج فتصح النيابة فيه عند المذاهب الأربعة، لما روى بريدة قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم تحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «حجي عنها»(5).
5- كبر السن وقضاء الصيام:
يُقصر البعض في قضاء ما فاته من صيام رمضان، خصوصاً المرأة التي كثيراً ما تفطر بسبب الحمل والرضاعة، ثم تؤجل القضاء حتى تعتل صحتها وتعجز عن الصيام، ويرى العلماء في مثل هذه الحالة أن المسلم إذا عجز عن أداء ما وجب عليه، فإما أن يكون له بدل، أو لا يكون له بدل، فإن كان له بدل، انتقل إليه إن كان قادراً على البدل، وإن لم يكن له بدل، أو عجز عن البدل سقط عنه، ومن عجز عن الصيام، وجب عليه الإطعام مع تقصيره في التأخير.
__________________________
(1) أخرجه البخاري (2989)، ومسلم (1009).
(2) مطالب أولي النهى (2/ 380).
(3) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز يرحمه الله – 15/ 446).
(4) البخاري (14/ 91)، ومسلم (2/ 803).
(5) مسلم (2/ 805).