تتواصل معاناة المرأة الفلسطينية في قطاع غزة، مع استمرار الحرب «الإسرائيلية» للشهر السادس على التوالي، وسط تخاذل من الحركات المناصرة لحقوق المرأة، ومنظمات النسوية العالمية.
وبحسب فلسطينيات تحدثوا لـ«المجتمع»، فإن حرب غزة كشفت الوجه القبيح للمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة حول العالم، رغم أن جرائم الاحتلال تجاه نساء فلسطين موثقة بالأدلة، والصوت والصورة.
تقول أسماء أبو غالي، الصحفية الفلسطينية المقيمة في مصر حالياً: إن تلك الحركات اعتبرت المرأة الفلسطينية بشراً من الدرجة الثانية، وبعضهن لم يعتبرهن بشراً من الأساس، وأن تعرضهن لانتهاكات بشعة أمر عادي.
وهو ما اتفقت معه رحاب مرزوق، المدرسة التي نزحت من غزة إلى القاهرة مؤخراً، قائلة لـ«المجتمع»: إن الصهاينة يعرفون غيرة رجال غزة على نسائهن، ولأنهم جبناء لا يستطيعون مواجهة الرجال، فهم يتعمدون إهانة وإذلال النساء.
وتضيف أنها كأم لأربعة أطفال، اضطرت إلى إطعام أطفالها أي شيء حتى لو كان طعامًا فاسدًا، مشيرة إلى أن الوضع في غزة أكبر من أن يوصف.
بينما تقول إيناس عقيل، الطالبة الغزاوية: إن الصهاينة يتحكمون في العالم، وهذه الحركات تحصل على دعم صهيوني سواء مادي أو معنوي؛ لأنهم يتشاركون نفس الأهداف، وبالتالي لا نسمع أصوات هذه الحركات إلا في قضايا بعينها لها علاقة بخلع الحجاب أو المساواة في الميراث وتعدد الزوجات وغيرها، أما قتل الآلاف من النساء والأطفال وهدم البيوت على ساكنيها وممارسة أبشع أنواع الجرائم فهو أمر لا يشغلهم.
تضامن انتقائي
ويعلق د. أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، بالقول: إن الوضع أصعب بكثير، وسكان غزة باعتراف الجميع يتعرضون إلى إبادة جماعية، مشيراً إلى أن عدد الضحايا في غزة لو كانت في مكان آخر غير فلسطين لتحرك العالم ووقف على قدم واحدة لوقف هذه المأساة.
ومن جانبها، تشير المحامية والحقوقية فاطمة حسن، في حديثها لـ«المجتمع»، إلى أن التضامن الغربي دائماً «انتقائي»، مؤكدة أن بعض المنظمات صمتت بينما البعض الآخر تبنى الرواية «الإسرائيلية» وبررت جرائم الاحتلال الموثقة ضد نساء وفتيات غزة.
وترجع فاطمة حسن التخاذل الحقوقي إلى قلق هذه الأصوات من أن تكون في مواجهة الأنظمة الغربية التي تدافع عن الاحتلال، وتشير إلى تصريح أورور بيرجي، وزيرة المساواة بين الجنسين ومكافحة التمييز في فرنسا، التي هددت فيه بقطع التمويل عن الجماعات النسوية التي تحيد عن الرواية «الإسرائيلية».
وتضيف: عندما يتعلق الأمر بالحرية الجنسية وخلع الحجاب والمساواة بين النساء والرجل، فهذه قضايا تتفق فيها الحكومات مع الحركات النسوية؛ وبالتالي لا توجد مشكلة في إعلان الدعم والتضامن.
تجاهل قديم
وتشير أسماء أبو غالي إلى أن التجاهل الحادث الآن ليس جديداً، مشيرة إلى أن الفلسطينيات يتعرضن للكثير من التنكيل على أيدي جنود الاحتلال والمستوطنين قبل 7 أكتوبر، ومع ذلك لا يستمع أحد لصرخاتهن.
وتضيف: الحرب أظهرت للعالم أن مثل هذه الحركات تتحدث عن النساء اللاتي يشبههن وليس عن النساء بشكل عام.
وتروي أبو غالي أسماء أنه في العام 2022م تعرضت إحدى صديقاتها وكانت تعمل مدرسة في الضفة الغربية لاعتداء وحشي من أحد المستوطنين، زاعماً أنها حاولت التعدي على سيارته وهو ما لم يحدث، وأضافت أن هذه الفتاة ظلت في المستشفى نحو شهرين جراء اعتداء هذا المستوطن ولم يتحرك أحد للتضامن معها رغم أن قصتها نشرت في الصحف وقتها.
أرقام مرعبة
وكانت هيئة الأمم المتحدة للمرأة قد كشفت، في تقرير لها مطلع مارس الجاري، أنه بعد مرور 5 أشهر على الحرب في غزة، قُتلت نحو 9 آلاف امرأة على يد القوات «الإسرائيلية» في غزة، وأنه من المحتمل أن يكون هذا الرقم أقل من الواقع، حيث تفيد التقارير أن العديد من النساء لقين حتفهن تحت الأنقاض.
وأضافت أن كل يوم تستمر فيه الحرب سيتواصل قتل 63 امرأة في المتوسط يوميًا، وأن نحو 37 أمًا تُقتل كل يوم.
وبحسب التقرير الأممي، أفادت 84% من نساء غزة أن أسرهن تأكل نصف الطعام أو أقل مقارنة بما اعتادت عليه قبل بدء الحرب، وأن أحد أفراد أسرهن على الأقل اضطر إلى تفويت وجبات خلال الأسبوع الماضي، وفي 95% من هذه الحالات لا تتناول الأمهات الطعام ويتخطين وجبة واحدة على الأقل لإطعام أطفالهن، بحسب المنظمة الدولية.
وأشارت بعض نساء غزة، بحسب التقرير، إلى البحث عن الطعام تحت الأنقاض أو في صناديق القمامة؛ ما يؤكد مأساوية الأوضاع في القطاع الذي يقف على حافة مجاعة قاتلة للأطفال والنساء والمرضى، وذلك على مرأى ومسمع من العالم الذي يوصف بالمتحضر والمتقدم!