الثقافة هي كلمة راقية وجميلة، ذات دلالات متعددة، وتناولها في الكتابة ممتع وذو فائدة عظيمة وأصبحت كلمة “الثقافة” شائعة في الحياة العصرية، وعلى الرغم من صعوبة تعريفها بشكل دقيق، فإنها تشمل عناصر العلم والمعرفة والفكر والأخلاقيات، والتجارب والمهارات، والآداب والفنون وكل صنوف الإبداع. حتى العنف والإرهاب يمكن اعتباره ثقافة في بعض السياقات. ببساطة، الثقافة هي طريقة حياة تنقل بين الأجيال، تحافظ على شخصية المجتمع، وتظل متجددة باستمرار.
مقدمة الكتاب
يستهل د. خليفة الوقيان كتابه بمقدمة ثرية يوضح فيها الأسباب التي دفعته لإعداد هذه الدراسة الشاملة. يذكر منها: عدم كفاية التوثيق للجهود الثقافية في الكويت، اختزال مفهوم الثقافة لدى بعض الدارسين بالأدب فقط، الصورة المشوهة التي يحملها البعض عن منطقة الخليج العربي، والحاجة إلى تصويب المعلومات المغلوطة ويركز الكتاب على الجهود الثقافية المبكرة في الكويت، ويعرض توثيقًا وتحليلًا لهذه الجهود.
الفصل الأول: عوامل الاهتمام المبكر بالثقافة
يبدأ د. الوقيان بفصل عن عوامل الاهتمام المبكر بالثقافة في الكويت، مشيرًا إلى أن الكويت ارتبطت بالثقافة منذ نشأتها. يوضح أن اهتمام الكويت بالثقافة يعود إلى عدة عوامل: طبيعة السكان، الموقع الجغرافي، النظام السياسي، والمؤثرات الخارجية ويذكر أن المهاجرين إلى الكويت جلبوا معهم معارفهم وثقافاتهم، مما أدى إلى تنوع ثقافي إثرى المجتمع الكويتي. كما أن النظام السياسي في الكويت القائم على الشورى كان له دور إيجابي في تعزيز الثقافة.
الفصل الثاني: مظاهر الاهتمام المبكر بالثقافة
يتناول الفصل الثاني مظاهر الاهتمام المبكر بالثقافة، مثل نسخ المخطوطات، التأليف، إصدار الصحف، وإقامة المؤسسات الثقافية ويشير الباحث إلى الجهود الأولى في مجال الكتابة في الكويت، سواء من حيث نسخ المخطوطات أو التأليف وكما يتطرق إلى تجربة إصدار الصحف وأهمية العمل المؤسسي الأهلي في مجال الخدمات الاجتماعية والثقافية ويبرز د. الوقيان دور المكتبات والمطابع والنادي الأدبي والديوانيات الثقافية في تعزيز الثقافة في الكويت.
الفصل الثالث: اتجاهات فكرية
في هذا الفصل، يرصد د. الوقيان أهم الاتجاهات الفكرية في الكويت منذ القرن التاسع عشر ويركز على الاتجاه الإصلاحي وكيف أن الكويتيين كانوا يواجهون التيارات المتطرفة بالرفض القاطع. يوضح أن طبيعة الانفتاح والتسامح في المجتمع الكويتي أدت إلى عدم قبول الدعوة السلفية “الوهابية” فكما يتناول المواجهات الحربية والفكرية بين الكويتيين والوهابيين، مشيرًا إلى قصائد الشعراء المتذمرين من الإرهاب الفكري.
يوضح د. الوقيان أن الثقافة في الكويت تعكس تنوعًا ثقافيًا وتفاعلاً إيجابيًا مع الآخر، مما أسهم في إثراء النموذج الكويتي الثقافي فالكتاب يبرز الجهود المبكرة في مجال الثقافة في الكويت ويوثق التاريخ الثقافي للكويت بأسلوب دقيق وواضح، مشددًا على أهمية الثقافة كوسيلة للحفاظ على هوية المجتمع وتجديدها باستمرار.