– جمعية الإصلاح الاجتماعي أسسها كبار رجالات الكويت المشهورين بالصلاح وحب الخيرات
– دعوة الإسلام شاملة ينضوي تحتها المطالبة بالحريات التي جاء بها الإسلام
– تخوف الحكام من الإسلاميين لا مبرر له
– الإسلاميون أصحاب مروءة ونخوة وشهامة.. وليسوا أصحاب مكر
– ليتني كنت من تلمذة حسن البنا.. فهذا شرف أتمناه
مجلة «المجتمع» تلتقي «بأبي بدر» رغم أنه يرأس الجمعية التي تصدرها لا لهدف الشهرة والبريق، فهذا هدف دنيوي لا يسعى له مسلم.. ولا يحتاجه رجل مثل «أبي بدر».. بل إن «أبا بدر» يكره بريق الأضواء ومواطن الشهرة.. مجلة «المجتمع» تلتقي بأبي بدر كلقاء ضمن لقاءاتها المستمرة مع الشخصيات العالمية والعربية والمحلية..
عبد الله علي المطوع، اسم إسلامي على مستوى الحركة الإسلامية في الخليج والجزيرة العربية.. وأحد الشخصيات المعروفة في الحركة الإسلامية عمومًا.. ورئيس أشهر جمعية إسلامية في الخليج والجزيرة.. «جمعية الإصلاح الاجتماعي» في الكويت.. معظم العاملين في الدعوة الإسلامية يعرف «أبا بدر».. بيته استقبل وما يزال معظم الوافدين الدعاة إلى الكويت.. وصلاته وعلاقاته متعمقة بينهم..
ساهم في تنمية الدعوة الإسلامية في الكويت منذ بواكير عهدها الجديد.. واشترك في إنشاء جمعية الإرشاد الإسلامي.. كما ساهم في تأسيس جميعة الإصلاح الاجتماعي.. وكان عضوا دائمًا ومستمرًا في مجلس إدارتها وأحد مؤسسي جمعية الهلال الأحمر الكويتية.. علاقته بأهل الخير في الكويت وثيقة.. ويعتز بصداقتهم وإخوتهم.. وهو عضو في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وعضو في المجلس الأعلى العالمي للمساجد، وصديق حميم لعلماء الجزيرة العربية.. فضلًا عن كثير من العلماء المعاصرين، وهو أحد تجار الكويت المعروفين.. ومن الفعاليات السياسية في البلد.. «وأبو بدر» رغم أنه في العقد السادس من عمره إلا أنه ينافس الشباب حيويةً ونشاطًا، يعمل معظم ساعات اليوم.. بين دعوة وتجارة، له تقدير واحترام في معظم الأوساط الإسلامية.
في نهاية الأربعينيات ومع مطلع الخمسينات شهدت الكويت صحوة إسلامية قوية تمثلت في جمعية الإرشاد الإسلامي.. لقد ساهمت في تأسيسها.. فهل تحدثنا عن ذلك؟
– إن الدعوة الإسلامية في الكويت قديمة قبل التاريخ المذكور في السؤال، وكانت البداية في جمعية الإرشاد الإسلامي التي ساهمت في تأسيسها في بداية الخمسينيات، حيث كانت الحاجة ماسة لوحدة الصف والعمل على إعلاء كلمة الله ونشر الوعي الإسلامي بين الشباب والفتيات، وكان للجمعية نشاط طيب ونتائج ملموسة في تنشئة الشباب الإسلامية والتوجيه الصحيح، ودعت الجمعية عددًا من كبار الدعاة أمثال: الأستاذ الفضيل الورتلاني، والبشير الإبراهيمي، ومحيي الدين القليبي، وغيرهم كثير من الأقطار الإسلامية الأخرى لإلقاء المحاضرات ونشر الوعي الإسلامي، فكانت ظاهرة طيبة لم تشهد الكويت مثيلًا لها من قبل.
من كان وراء هذه الفكرة؟
– إن فكرة قيام حركة إسلامية في الكويت مرتبطة بتحسس الشباب المسلم الكويتي لقيام حركة على غرار الحركات الإسلامية التي قامت في مصر وسوريا والعراق وغيرها من البلاد العربية، ورأت الكويت ألَّا تحرم هذا الخير فتنادى شبابها إلى تجمع إسلامي اختير له اسم «جمعية الإرشاد الإسلامي»، وقد ساهم في التأسيس شخصيات عديدة نذكر منها على سبيل المثال: المرحوم عبد العزيز المزيني، وعبد العزيز العلي المطوع، والمرحوم عبد الرزاق الصالح المطوع، محمد يوسف العدساني، عبد الرحمن العتيقي، خالد المسلم، عبد الله سلطان الكليب، الشيخ علي الجسار، عبد الرزاق العسكر، محمد اليوسف بودي، عبد الله يوسف بودي، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الإخوة الطيبين الذين لا أتذكرهم في هذه العجالة، ومع هذا السؤال المفاجئ.
لقد قامت الحكومة بحل الأندية الرياضية والثقافية والجمعيات الأخرى.. إلا جمعية الإرشاد الإسلامي، فلماذا لم تحل الجمعية؟
– لم تكن هناك جمعيات في ذلك الوقت حتى نقول: إن الجمعية استثنت، وقد حلت الحكومة جمعية المعلمين لخلاف معها ومع بعض النوادي، وبما أن الجمعية جمعية إسلامية، فإن الحكومة لم تتخذ موقفًا مباشرًا بحلها، وإنما قامت بوضع قوانين جديدة دعت فيها الجمعيات الراغبة باستئناف نشاطها أن تتقدم وفق القانون الجديد.
هل لهذا السبب بقيت الجمعية؟
– تقدمت الجمعية بطلب جديد واسم جديد وأشخاص جدد، حيث رأى الإخوة بعد فترة زمنية محددة استئناف النشاط الإسلامي وفق الأنظمة المعمول بها.
باسم جديد تنادت هذه المرة مجموعة من رجالات الكويت، نذكر منها على سبيل المثال: فهد الحمد الخالد، محمد عبد العزيز الوزران، عبد الرحمن الرويح، يوسف النفيسي، يوسف الحجي، عبد اللطيف الشايع، صبيح البراك، عبد العزيز المزيني، عبد العزيز القطيني، حسن الجار الله، سليمان الرهيماني، عبد الرحمن المحجم، عبد الرزاق صالح المطوع، محمد مطلق العميمي، علي عبد العزيز الخضيري، محمد علي الدخان، عبد الله سلطان الكليب.
وأعداد كبيرة من شخصيات الكويت، وكان أول لقاء لها في ديوانية المرحوم فهد الحمد.
بعد ثلاثين عامًا من نشأة جمعية الإرشاد الإسلامي وسبعة عشر عامًا من نشأة جمعية الإصلاح الاجتماعي، هل تعتقد أن الجهود الإسلامية استطاعت أن تثمر وتحقق مكاسب؟
– كان للجمعية دور فعال في نشر الوعي الإسلامي التي تنعم به الكويت في الوقت الحالي، وقد غزت الشارع وبعض المؤسسات العلمية كالجامعة أفكار معادية للإسلام لقيت تشجيعًا إعلاميًّا مكثفًا من خلف الحدود، لا سيما في عنفوان الناصرية والدعوات القومية والبعثية واليسارية وغيرها من الدعوات الدخيلة على الأمة الإسلامية، التي أنشأها ودعا إليها أعداء الإسلام، وقد وفق الله الجمعية والمخلصين المتعاونين معها بقلب تلك الموازين السيئة، وإيجاد البديل الأمثل، فإذا دخلت المساجد تجدها ملأي بالشباب، أما الجامعة فقد وصل إلى قيادة الاتحاد شباب مخلصون يدعون إلى الله، ويحملون راية التوحيد بعد أن سيطر عليه اليسار ردحًا من الزمن، أما بالنسبة للإعلام والصحف اليومية التي كانت في يوم ما تهاجم الاتجاه الإسلامي والمسلمين والإصلاح أصبحت تفرد صفحات دينية في جرائدها اليومية.
إن هذا توفيق من الله لجمعية الإصلاح التي قامت بمكافحة الرذيلة والآفات الاجتماعية.
ولكن البعض يقول: إن الجمعية لم تحارب الفساد السياسي، ولم يكن لها مواقف في القضايا الوطنية، كما كان لها مواقف في القضايا الاجتماعية كالخمور والاختلاط.
– هذه تهمة مغرضة.. وقائلها إن كان جادًّا فهو جاهل.. وإن كان هازلًا فلا يستحق اعتباره..
أولًا: الدعوة إلى الإسلام دعوة شاملة ينضوي تحتها المطالبة بالحريات التي جاء بها الإسلام..
ثانيًا: محاربة المنكر شاملة؛ سواء كان المنكر سياسيًّا أو اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا.. وأصدق دليل على ما نقول هو مجلة «المجتمع».. فمنذ أن حصلت الجمعية على ترخيصها، وهي تطالب بالحريات، وتحارب كل أنواع الفساد..
– ألسنا نحن الذين اتخذوا موقفًا عند الإعلان عن تنقيح الدستور؟؟!
– ألسنا نحن الذين في تاريخ قانون التجمعات طبق عليهم هذا القانون؟
– هل نسوا المهرجان الشعبي الذي أقيم ضد معاهدة الاستسلام الساداتية؟
– هل نسوا جميع مواقفنا الواضحة ضد كافة الحلول الاستسلامية؟
– هل نسوا مواقفنا في دعم الجهاد الإسلامي في العالم والوقوف معه؟
إن المجاهدين في فلسطين وأفغانستان والفلبين وأريتريا يعلمون ذلك وغيرها.
يقول بعض المتحاملين: إن جمعية الإصلاح الاجتماعي تحاول فرض وصاية دينية على المجتمع الكويتي، وتحاول أن تصبح سلطة أخرى بعد السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.. فما هو رأيك؟
– هذا التقسيم لا يتفق مع الواقع.. حيث إننا نتطلع أن يكون أمر الله هو السلطة الأولى في الكويت؛ متمثلًا بالقيادات السياسية العليا، ومتمثلًا بجميع قوى وقطاعات ومؤسسات الشعب.. إننا نتطلع.. بل إننا نعمل جاهدين- ما استطعنا- على ذلك.. منتهجين النهج الإسلامي الواضح.. عاملين بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يحكم كتاب الله فينا.. ولا نرضى دون ذلك بديلًا أو مساومةً.. ولا شك أن هذا الأمر آت بإذن الله.. فالأمر أصبح مطلبًا شعبيًّا.. وقبل كل ذلك هو أمر إلهي رباني يجب أن يخضع له الجميع.. لقد قال ربنا: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء: 65)..
كما قال سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: 44)، وقال تعالى: (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة: 45)،وقال سبحانه: (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: 47).
أبو بدر.. يقال: إن الجمعية يهيمن عليها طبقة التجارة، بدليل مؤسسها؛ لذلك لا تهاجم الجمعية الانحراف الاقتصادي في البلد، ولا تتحدث عن جشع التجار وامتصاصهم أقوات الناس.
– أولًا الجمعية لا يهيمن عليها إلا الإسلام.. وأعضاؤها فيهم التاجر والموظف والعامل.. وهذا شيء طبيعي.. فالإسلام ليس حكرًا على فئة دون فئة.. والجمعية تحارب الانحرافات الاقتصادية في البلد دون جدال.. وحربنا على المعاملات الربوية التي تمثل قمة الجشع وامتصاص أقوات الناس- غنية عن التعريف.. وكان لنا دور واضح بالتعاون مع المخلصين في إنشاء البديل الإسلامي بيت التمويل الكويتي- ومجلة «المجتمع» لم تهمل هذه الجوانب.. ولكن حربنا على الانحراف الاقتصادي يختلف عن غيرنا ممن يسعون لنشر الحقد الطبقي وتأليب فئات المجتمع على بعضها وإيجاد الصراع الطبقي.. هذا ليس مسلكنا.. نحن ندعو بالحكمة والموعظة الحسنة.
من هو المعوق الأساسي لتحقيق أهداف الجمعية.. ومن هو العدو الأول.. العلمانيون.. الماسونيون.. المرابون أم الشيوعيون؟
– من عادى الله ورسوله فنحن أعداؤه وحرب عليه.. نحن نقيس مواقف الناس وفقًا لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.. ومن لم يحارب دعوة الله وسار على النهج القويم؛ فهو أخ لنا ونحن إخوة له.
أما من ذكرت من أصحاب المبادئ والأفكار المغايرة للنهج الإسلامي؛ فإننا ندعو الله لهم بالهداية.. ولا شك أن الله سيبدد الظلام ويظهر النور.. إننا لم نفقد الأمل من عودة أصحاب الأفكار والمبادئ إلى طريق الله.. وإننا نعمل على تحقيق ذلك.
غابت المعارضة السابقة من المجلس الحالي.. فهل تعتبر هذا خسارة للحياة النيابية، أم ربح؟
– إذا تعاونت السلطة التنفيذية مع أعضاء مجلس الأمة في تحقيق مطالب وأماني الشعب، وتأمين الحريات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحكيم شرع الله.. إذا تحقق هذا.. فإن غياب المعارضة السابقة عن المجلس ليس خسارة.
الشرط الذي وضعته؛ لكيلا يصبح غياب المعارضة السابقة خسارة هو تعاون الحكومة مع الشعب.. ولكن ما هو حاصل أن الحكومة مررت كثيرًا من القوانين تتعارض مع حريات الشعب.. كقانون التجمعات.. ومحاولة تمرير قانون المطبوعات.. وجمعيتنا ومجلتنا أكثر المؤسسات تضررًا من تلك القوانين؟ ولو كانت المعارضة متواجدة لما مرت هذه القوانين.
– الحقيقة أن منطلقات المعارضة السابقة تختلف عن منطلقاتنا كدعاة نطالب بالعودة للإسلام.. وأهدافها تختلف عن أهدافنا.. وهي لا توافق على مطالبنا الإسلامية.. والقول بأنه لو كانت المعارضة السابقة متواجدة في المجلس؛ لما مرت هذه القوانين قول غير صحيح مطلقًا.. لقد تغيرت الظروف الداخلية والخارجية، وتلك القوانين تدارسها النواب وتشكلت اجتهادات مختلفة عندهم منهم من كان مخطئًا باجتهاده، ومنهم من كان مصيبًا.. وما علينا إلا تغليب حسن الظن في السلطتين التنفيذية والتشريعية، مع سعينا الحثيث في قول كلمة الحق جهارًا، ودعوة المجلس والحكومة إلى الحق.. والعمل ما استطعنا على تحقيق الخير للكويت والأمة الإسلامية.. ولا شك أن البقاء للأصلح بإذن الله.
هل تعتقد أن هذا المجلس قادر على تحقيق مطالب الشعب؟
– لكي نحكم على مجمل أعمال المجلس علينا بالتريث والصبر لكي تمر هذه الدورة.. فهو ما زال في دورة انعقاده الثانية.. وعندما تنقضي نستطيع أن نُكَوِن رأيًا حول المجلس والحكم على منجزاته.. لكن المطلوب منا أن نقف مع المجلس بجميع فئاته ومعاونتهم؛ لتحقيق الخير لبلدنا العزيز والأمة الإسلامية.. ولنكن يدًا واحدةً تنشد الخير، وتستهدف مرضاة الله، ونبني مجتمعنا الكويتي على أساس من تقوى الله وتحكيم شرعه..
لو أقر المجلس الحالي قانون المطبوعات الجديد أو مادة (٣٥) مكرر.. فما حكمك عليه؟
– إن الإجابة على هذا السؤال سابقة لأوانها.. دع هذا لأوانه..
إذا أقر فهل ستحسن الظن في النواب وفي مبرراتهم؟
– على الرغم من المبررات المطروحة حول هذا الموضوع.. فإني أرى من الخير للكويت أن تطلق فيها الحريات.. ومن الخير للكويت ألا تكبل الصحافة المحلية بحجج غير موضوعية.. مثل الإحراج مع الدول الشقيقة.. كيف تصبح تلك الدول شقيقة بحق، والمسلمون يذبحون فيها ذبح الخراف، ويعلقون على أعواد المشانق! وكل ذنبهم أنهم مسلمون.. إن السكوت عما يجري من مجازر في تلك البلاد منكر لا يقره ولا يرضاه الإسلام، وجريمة لن تغفرها لنا تلك الشعوب.. والمساهمة في السكوت عن ذلك أو منع النشر حول ذلك اشتراكٌ في الجريمة لا يرضاه أحد في الكويت.
لو عرض على الإسلاميين دخول الوزارة فهل يقبلون أم يكتفون بالمجال الشعبي والوطني كمجلس الأمة وغيره؟
– رأي الشخصي لست ضد المشاركة من حيث المبدأ، إذا كان للوزير حرية اتخاذ القرار وحرية الممارسة في العمل، وألا يرتكب ما يخالف الشرع الإسلامي في آية جزئية.. وأن يكون وقوفًا في الحق مجاهرًا به داعيًا إليه.
أبو بدر.. هل أنت من تلامذة الإمام الشهيد حسن البنا؟
– ليتني كنت من تلامذة حسن البنا.. فهذا شرف أتمناه.. لكنني- حقيقة الأمر- من المؤمنين بخط سيره الإسلامي الواضح الداعي إلى الله على بصيرة.. وإنه تربطني بالرجل إخوة في الله من خلال لقاءين في الحرمين الشريفين، وليس ثمة أقوى من هذه الرابطة.
لقد وجدت فيه مثال الداعية المربى.. وإنني أعتقد أنه من خيرة رجال عصره الداعين إلى الله بإخلاص وشجاعة.. ولقد قدم حياته في سبيل إعلاء كلمة الله.. فكتب له الله الشهادة.. وإننا لنرجو الله أن يلحقنا بهم شهداء في سبيله، مقبلين غير مدبرين، مخلصين إلى الله.. نقول الحق ولا تأخذنا في الله لومة لائم..
ما موقعك ودورك في الحركة الإسلامية في العالم؟
– أنا رجل مسلم.. أعتبر نفسي جنديًا في الحركة الإسلامية.. وأرجو الله أن أكون صادقًا مخلصًا بهذه الجندية.. وأن ألقاه وهو عني راضٍ..
إنني رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي.. تلك الجمعية التي ترى في الدعوات الإسلامية مثل دعوة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية في باكستان والهند الدعوات المخلصة منقذًا للأمة.. ونحن نلتقي مع كل داعية مخلص وكل جماعة مخلصة.. ولا أرى فرقًا بين هذه التسميات ما دامت الغاية واحدة ومحددة، وهي إعلاء كلمة الله والعمل بإخلاص لدينه.. إن الجمعية منبر يخدم كل دعوة مخلصة إلى الله.
لماذا إذن تحجم بعض الفئات الإسلامية عن المشاركة في الجمعية؟
– هذا غير صحيح.. إن كثرة الانتماء إلى الجمعية دليل واضح على أنها ليست حكرًا على أحد.. بل واضح جدًّا أن جميع الفئات الإسلامية تشارك في النشاط.. والجمعية جمعية الدعاة إلى الله في الكويت.
ما رأيك في قيام جمعية دينية جديدة تحمل نفس الأهداف.. أهذا شيء محزن أم مفرح؟
– لا أعتقد بأن جمعية أخرى تحمل نفس منهج وأهداف جمعية الإصلاح.. ولو قامت جمعية كهذه لعرضنا عليها الانضمام إلينا والتعاون معنا؛ لنكون يدًا واحدةً في الدعوة إلى الله.. إننا نرحب بأية جمعية إسلامية في الكويت تنضم إلينا لنعمل كالجسد الواحد والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا.
ما تفسيرك للخلافات القائمة في الحركة الإسلامية؟
– لا أعتقد أن هناك خلافات.. وما نقرأه بين الحين هي آراء واجتهادات شخصية تحمل الخطأ والصواب.. ولا شك أنه يحزنني جدًّا أن يسيء المسلم إلى أخيه المسلم بكلمة مسموعة أو مكتوبة..
يحاول البعض تخويف السلطات من الإسلاميين، وتصويرهم بالعنف، والاغتيالات، والغدر.. وأحيانًا تستجيب بعض السلطات الساذجة لهذا التخوف.. فما تعليقك على ذلك؟
– إن الإسلاميين لم يتربوا على الغدر والمكر والخيانة.. بل هم على عكس ذلك أصحاب مروءة ونخوة وشهامة.. أوفياء إذا عاهدوا ووعدوا.. رجال.. وقافون عند كلمتهم.. يكرهون العنف متى تيسرت له السبل إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
أما الذين ليس لهم كلمة وأهل غدر ومكر فهم أصحاب المبادئ والأفكار الأخرى… لأن معظمهم لا يفرق بين الوسيلة والهدف وغاية تبرر قبح وسيلته…
أما تخوف الحكومات من الإسلاميين فلا مبرر له… وما يحصل في بعض البلاد من الدفاع عن النفس بالسلاح فهو رد فعل لظلم قائم… وانتهاك للحرمات… وقتل للأبرياء وهتك للأعراض… وواجب المسلم في مثل هذه الأحوال أن يدافع عن عرضه ونفسه… فالإسلام يأمره بذلك… ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه أو نفسه فهو شهيد… وهذا ليس عنفًا… بل أسلوب حكام تلك البلاد هو العنف والتعسف، ويجب أن يأزر أصحاب العقيدة والنخوة والمروءة والشهامة تلك المقاومة المشروعة، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ (الشورى: 39-40).
ولكن ادَّعى البعض أن الجماعات الإسلامية لها تجارب في العنف… كمحاولة الإخوان لاغتيال عبد الناصر في المنشية؟
– هذا ادعاء باطل… وأكذوبة صنعها عبد الناصر لضرب الإخوان وتفنيدها له مجال آخر… ولو أراد الإخوان قتل عبد الناصر لكان الأمر ميسورًا لهم… أما قتل حاكم خائن ينشر الكفر البواح وينتهك حرمات الإسلام ويبيع بلده للأعداء فأمر ليس فيه مخالفة شرعية… بل الإسلام يدعو بالضرب على يد الحاكم إذا أمر بالكفر البواح… وما أروع قولة الأعرابي لعمر عندما قال: «من رأى فيَّ اعوجاج فليقومه» فأجابه: لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا».
هل أنت مستهدف من أعداء الإسلام، كما صرح بعض المسؤولين في بعض الدول المعادية للإسلام؟
– لا أدري كيف أجيب على هذا السؤال… ولكن أعداء الإسلام كثيرون… ولأنني أمثل اتجاهًا إسلاميًّا؛ فلا أستبعد شيئًا كهذا… وسبق أن استهدفت الجمعية بوضع متفجرات فيها… عمومًا هذا الاستهداف الذي تذكره لا يزيدني إن شاء الله إلا إصرارًا ومضيًا على طريق الحق والدعوة إلى الله… ماذا يريد الإنسان من هذه الحياة؟ أليس إحدى الحسنيين؟ نرجو الله أن يرزقنا الإخلاص والثبات وقولة الحق ونصرة المظلوم والدفاع عن الإسلام، والمسلمين… ويجب أن يعلم أعداء الإسلام أن ردود الفعل لأي عمل طائش أو حماقة ترتكب بحق أي داعية مسلم سوف تجابه مجابهة لا يعلم مداها إلا الله…
أنت كتاجر… هل تتعامل بالأسهم والمضاربات؟
– من فضل الله أنني لا أتعامل بالأسهم ولا بالمضاربات التجارية، ولا أمتلك إلا أسهمًا في بيت التمويل الكويتي، وهو مؤسسة إسلامية، وما فعلت ذلك إلا تشجيعًا لتلك المؤسسة المصرفية التي تقوم على محاربة الربا وتقديم النظام المصرفي الإسلامي البديل.
هل تستثمر أموالك في الخارج؟
– يسرني أن أؤكد هنا أنني لا أستثمر أموالي خارج الكويت.
ألم يكن لك ممتلكات في مصر وصادرها عبد الناصر؟
– لم يصادر عبد الناصر لي شيئًا، فلم تكن لي ممتلكات هناك.
إذن كيف تتعامل في تجارتك مع البنوك؟
– أتعامل كرجل مسلم ملتزم بأوامر ربه وسنة نبيه… لا آخذ فائدة ربوية ولا أدفعها مهما تضاءلت… ومن فضل الله أنني استطعت أن أبتعد عن كل أنواع المعاملات المحرمة التجارية…
إن البنوك الربوية تأخذ فائدة منذ يومها الأول من شحن البضاعة إلى وصولها إلى الكويت… كيف تتجنب هذه الفائدة الربوية؟
– إن اتفاقي مع البنوك جميعها أنه عندما تسلم أوراق الشحن للبنوك الأجنبية؛ فإن تلك البنوك تبرق للبنوك المحلية في الكويت باستلام أوراق الشحن، ويقتطع المبلغ من حسابي مباشرة؛ كي أتجنب دفع أي فائدة عن أي مدة زمنية… وهذا ميسور لجميع تجار الكويت، لو أرادوا التخلص من الربا.
سؤال أخير باعتبارك رئيسًا لجمعية الإصلاح الاجتماعي التي من أنشطتها إصدار «مجلة المجتمع» هناك من يعترض على بعض الموضوعات التي تنشرها المجلة… فما رأيك بذلك؟
– لا شك أن «مجلة المجتمع» لا تهدف إلا الخير، وذلك بعون الله، وأنني لا أبرئ المجلة من أن تقع في خطأ غير مقصود، أو إساءة غير متعمدة -شأنها شأن المجتهد الذي يخطئ ويصيب- وبصفتي رئيسًا لهذه الجمعية، فإنني أرجو من جميع قراء المجتمع أن يصفحوا إذا أخطأنا، وأن يعينونا إذا أصبنا، وصدورنا وقلوبنا مفتوحة؛ لتقبل النصح والتوجيه، وإنني -دائمًا- أوصي إخواني المسؤولين عن المجتمع وتحريرها بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتجنب تجريح الأشخاص والهيئات، والتزام جانب الحكمة فيما تكتب، وآمل ألَّا يتكرر خطأ إن شاء الله مع رجائنا من قرائنا أن يأخذوا أخطاءنا مأخذ حسن النية وسلامة القصد، وإنني كثيرًا ما أوصي أخي رئيس التحرير بالحرص على جمع القلوب حول «المجتمع» وما ينشر فيها وسبحان الذي لا يخطئ(1).
____________________________________________
(1) منشور في العدد (552)، 19 صفر 1402هـ/ 15 ديسمبر 1981م.