ما يجري من حراك دراماتيكي متسارع ومذهل، من قبل المعارضة السورية، يمكن قراءته على النحو التالي:
1- مخزون ملغوم ضد نظام «القرداحة» من سليمان، إلى حافظ، إلى رفعت، إلى باسل، إلى بشار، في سجل إجرامي لم يعرف التاريخ المعاصر له مثيلًا من الوأد والرعب والقتل والترويع والإبادة.
2- احتقان الداخل التركي بقرابة 4 ملايين مُهَجّر سوري، بما وراءهم من مشكلات اضطرارية ينوء بها الواقع التركي المجهد.
3- موافقة أوروبية ضمنية ومسبقة على حلحلة وضعية المهاجرين السوريين بتركيا، والعمل الخلفي على إعادتهم إلى الداخل السوري، بدلاً من قنبلة الهواء المضغوط التي يمثلها هذا الواقع المأزوم، كثقل إنساني ضاغط على أوروبا التي تسمح بالهجرة، مروراً من سم الخياط.
4- معاجلة النظام السوري بمطرقة العودة، استباقًا لأي عمليات إسناد من قبل «حزب الله»، خاصة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني، وحصول الحزب على فرصة لالتقاط الأنفاس ببعض الأريحية.
5- انتهاز الفرصة السانحة، في ذبذبة البوصلة العالمية، أوروبيًا وروسيًا وصينيًا وأمريكيًا، بما يسمح بوجود فرصة عالمية لانتهاز اللحظة، في تثبيت أوضاع جديدة، بما تتطلع إليه طموحات المظالم المعطلة، والجغرافيا السياسية السورية المجيّرة.
6- استغلال حالة انكشاف الظهير السياسي والعسكري السوري إيرانيًا (المهدَّد)، وروسيا (المستهدَف).
7- عملية «فجر الحرية» التي تجري في سورية الآن، وتتمدد بصورة مذهلة، تتم من خلال فصائل منوعة من عسكريين وعشائريين ونخب ومعارضين وشباب، وليسوا «دواعش» أو «قاعدة» ولا هم «جبهة النصرة»، التي انتهي أمرها، منذ أكثر من 5 سنوات.
وهذا التشكيل المعارض المسلح الجديد لديه تطور فكري وسلوكي في التعامل مع المدنيين، على غير المعهود السابق تمامًا من «القاعدة» و«داعش» و«النصرة».. ولكن هذه الوضعية الدراماتيكية الشديدة السريعة التفجر، والشديدة التغير والتطور، ربما تنسحب بالسلب الشديد على الداخل الفلسطيني، خاصة حرب الإبادة في غزة.
8- لعل هذا الارتباك الشديد للساحة السورية، يجعل الأيام المقبلة حافلة بالمفاجآت المتوقعة وغير المتوقعة، بشأن حماة، ودمشق، واللاذقية، وسائر مدن الجنوب السوري الذي يشهد اضطرابات غير عادية.
9- هذا التوسع المتسارع للانتشار غير المتصور، من المعارضة، يحمل من الأخطار أضعاف ما يحمل من الفرحة الذاهلة، حيث أغرى ذلك الوضع المعارضة بأن تقضم أكثر مما تهضم؛ مما ستترتب عليه مشكلات حتمية بخصوص القيادة والإدارة والسيطرة، وتدبير شؤون الأمن والحياة للملايين من سكان هذه القرى والمدن، وكذلك الضغوط الضخمة المتوقعة جراء عودة النازحين، وهو المستهدف الأول من هذا الحراك الخشن للمعارضة، التي أغراها تقهقر النظام، بالمضي في المشوار.. ربما إلى نهايات غير متوقعة، سيجني ثمرتها حتمًا صاحب المصلحة الذي يقوم بالدعم والتسليح، فضلًا عما يعانيه الواقع السوري، من تقاطعات عقدية وصراعات إثنية، ومذهبية، وتدخل اللاعبين الدوليين الكبار، الذين يديرون المشهد عن بُعد معروف ومشهود.