اعتاد صهاينة العالم السعي لتجنيد شبكة الإنترنت ــ ضمن بنود آلة الدعاية المكثفة ــ في خدمة الدولة الصهيونية في حروبها ضد العرب
اعتاد صهاينة العالم السعي لتجنيد شبكة الإنترنت ــ ضمن بنود آلة الدعاية المكثفة ــ في خدمة الدولة الصهيونية في حروبها ضد العرب، لحشد الدعم الدولي لسياساتهم، والتدليس بإظهار الموقف الصهيوني بأنه على حق، وأن اليهود مضطهدون، وتشويه صورة العرب، إضافة لجمع التبرعات والضغط على مسؤولي الإدارة الأمريكية ونواب الكونجرس والحكومات الغربية الأخرى.
ومع أن هذا الحشد الصهيوني على شبكة الإنترنت له سوابق عديدة منذ تفجّر الانتفاضة الفلسطينية في صورة الدخول على مواقع إنترنت عربية، وتدميرها أو السيطرة عليها عبر القرصنة (هاكرز)، والدخول على مواقع التصويت لنصرة العدوان الصهيوني، وسبق أن تصدى له نشطاء الإنترنت العرب، فقد شهدت أجواء العدوان الصهيوني على لبنان وفلسطين الأخيرة، وما واكبها من انتقادات عالمية، محاولات صهيونية مكثفة لنصرة الدولة العبرية عبر شبكة الإنترنت بوسائل شتى.
فلم يقتصر الأمر على اصطفاف صهاينة «إسرائيل» للدفاع عن جرائم الحرب الصهيونية، ولكنه امتد لصهاينة العالم، خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وأخذ أشكالاً عدة تتراوح بين جمع التبرعات، وجمع متطوعين صهاينة للحرب، والضغط على نواب الكونجرس والحكومات الغربية لنصرة «إسرائيل»، وبين مساندة اقتصاد الدولة العبرية، والدخول على مواقع التصويت والصحف في جماعات لقلب التصويت لصالح «إسرائيل» عنوة!
«جنود إنترنت» لدعم الدولة العبرية!
البداية كانت في صورة خبر، كشفت خلاله صحف بريطانية وصهيونية أن الحكومة الصهيونية ألقت بثقلها وراء جهود يقوم بها أنصارها لمواجهة ما تزعم أنه نوع من «الانحياز السلبي ومدّ الدعاية المناصرة للعرب»، بعدما تصاعد رد الفعل العالمي المندد بالمجازر الصهيونية.
حيث ذكرت صحيفة تايمز البريطانية نهاية يوليو 2006م أن وزارة الخارجية الصهيونية أصدرت أوامرها للدبلوماسيين المتدربين لتعقب المواقع الإلكترونية وغرف الدردشة على الإنترنت لتسخير الشبكات الأمريكية والأوروبية التي تضم آلاف الناشطين اليهود لنشر الرسائل الداعمة لتل أبيب في أرجاء الفضاء الإلكتروني.
وتبع هذا قيام حوالي 5000 من أعضاء الاتحاد العالمي للطلبة اليهود بتحميل برنامج يسمى «ميجافون» وهو برنامج صهيوني خاص، يخطرهم بغرف الدردشة المعادية للدولة العبرية، أو استطلاعات الرأي الإلكترونية التي تدور حول الجرائم الصهيونية، حيث يدخلون عليها وينشرون وجهات نظر متعاطفة مع الاحتلال الصهيوني.
وتقوم هذه الفرق، من الطلاب الصهاينة في القدس، بتمشيط الشبكة العنكبوتية، لترك علامات مميزة في المواقع المستهدفة، لكي يتوجه إليها الناشطون اليهود للتأثير في استطلاعات الرأي أو مسار المناظرات بهدف دفعها باتجاه تأييد دولة الاحتلال، وتعاونهم في هذا وزارة الخارجية الصهيونية التي تكون على اتصال مباشر بالجماعات اليهودية الدولية والمنظمات المسيحية الإنجيلية (المؤيدة لإسرائيل)، التي تشكل قاعدة الدعم الرئيسة للرئيس بوش في الولايات المتحدة وتبدو مواقفها في أحيان كثيرة أكثر تعصباً لدولة الاحتلال من اليهود أنفسهم.
وتبع هذا قيام «الإسرائيليين» بفتح عدد كبير من المواقع التي تحمل أسماء مواقع مشابهة لتلك المواقع التي تنصر القضية العربية، بهدف تشويه العرب والدفاع عن إسرائيل، وهناك أكثر من 20 ألف متطوع «إسرائيلي» يساعدون هذه المواقع تطوعاً، بالإضافة إلى المساعدات المالية، حسبما تقول مصادر إعلامية صهيونية وغربية!
ويعتبر موقع (جيوس) أو www.giyus.org من أبرز المواقع الصهيونية التي تعد بمثابة ناقوس إنذار للصهاينة، لتوجيههم لمواقع واستطلاعات رأي إلكترونية للدخول عليها ونصر الكيان الصهيوني.
وشعار هذا الموقع المكتوب عليه يقول: «إن صراع اليوم يحسم عن طريق الرأى العام.. لقد حان الوقت الآن للعمل ولإيصال صوت «إسرائيل» والانحياز لها أمام العالم»!!
حيث يطالب هذا الموقع ــ كمثال ــ الصهاينة بتخصيص 3 دقائق من وقتهم لمساعدة «إسرائيل»، عبر أساليب مختلفة من الدعم المادي، وحتى الضغط على الحكومات الغربية لنصرة الكيان الصهيوني، وتهديد مسؤولي الأمم المتحدة والدول التي تعادي أو تناهض الموقف الصهيوني، ويشير إلى قيام جهات خاصة بوزارة الخارجية الصهيونية، تدعم هذا الجهد الإلكتروني، بحشد 100 ألف فرد للدفاع عن «إسرائيل» على شبكة الإنترنت.
وبمجرد اشتراك أي صهيوني في الموقع، تصله أولاً بأول رسائل بما يمكنه القيام به من مساعدة في تصويت لصالح «إسرائيل» أو هجوم وتصدٍ لمن ينتقدها.
كما أن هناك أيضاً وصلات إلكترونية لدعم موقف «إسرائيل» في (استطلاعات) على شبكات: «سى إن إن»، و«سكاي نيوز» و«البوابة» و«الجزيرة» وغيرها، كما يضعون وصلات لمقالات، إما في صالحهم لدعم وتشجيع كاتبيها، أو مقالات تهاجمهم والمطلوب الرد بقوة على الكتاب المعادين وإرهابهم واتهامهم بمعاداة السامية!!
هجوم النشطاء العرب
ومع أن العديد من الشباب العربي يستخدم الإنترنت كوسيلة للترفيه، أو لأغراض أخرى، فقد كشفت المحن الأخيرة التي تعرض لها الفلسطينيون واللبنانيون عن حالة من النضوج الفكري والإلكتروني لدى الشباب العربي والإسلامي، كان لها دور في مواجهة هذه الحملات الصهيونية.
فبالإضافة لتأكيد هؤلاء النشطاء العرب على الإنترنت ــ عبر مئات الرسائل الإلكترونية والمدونات ومواقع الدردشة ــ نجح «هاكرز النت» في المغرب في تدمير 700 موقع صهيوني، وكذلك النشطاء الأتراك دمروا 500 موقع آخر، وتصاعدت النداءات على شبكة الإنترنت، لجميع النشطاء العرب بدخول هذه المعركة الإلكترونية كجنود مفترضين لنصرة إخوانهم في لبنان وفلسطين.
وعلى سبيل المثال وجه نشطاء «نداء عاجلاً لجميع الناشطين على الإنترنت» يقولون فيه: «يحشد «الإسرائيليون» جنودهم أيضاً على النت للدفاع عنهم وتحسين صورتهم أمام العالم.. فهل سنسكت؟!.. هل سنتركهم؟!.. أدعو وأناشد كل الإخوة الذين يملكون أي لغة أجنبية بالانتشار والتسجيل في المنتديات الأجنبية وغرف الدردشة، وتعريف العالم بمذابح بني صهيون للأبرياء.. ادخلوا المنتديات، وشنوا هجوماً مضاداً، وادعوا إخواننا في كل مكان إلى شن حرب عليهم وتدمير كل مواقعهم».
من جهة أخرى يتجه موقع « حركة المقاومة الإلكترونية (حماسنا) المصري»، إلى تشكيل تجمع إلكتروني لنشطاء الإنترنت العرب، يضم ناشطين عرباً لمواجهة الاتحاد العالمي للشباب الصهيوني الذي يسيطر على النطاق الأوروبي والأمريكي، ويدعم «إسرائيل» إعلامياً.. ويقول المشرفون على موقع « حماسنا » لـ م إنهم: «يسعون إلى فضح الكيان الصهيوني عالمياً ــ وهناك احتمال الدخول في حرب إلكترونية تدميرية إن بدأ الشباب الصهيوني بهذه الحرب».
طريق إلكترونية لنصرة حماس ولبنان
الطريف أن أحد هؤلاء النشطاء العرب التقط ــ ضمن حملة المتابعة للمواقع الصهيونية وإفشال عملها ــ على أحد مواقع الإنترنت الصهيونية ــ موقع «إيش» (www. Aish.com – النار باليهودية) 54 طريقة وضعها الصهاينة، كدليل عمل لنظرائهم من بني صهيون في كل دول العالم لنصرة «إسرائيل»، ولكنه دعا النشطاء العرب للاستفادة منها و«قلب الشغل» على اليهود، والعمل عكس هذه النصائح، حيث يمكن تطويعها لنصرة فلسطين ولبنان وليس الكيان الصهيوني!.
وقد تبنى النشطاء العرب هذه النصائح بالفعل، وبدؤوا في اتباع الإرشادات والنصائح الموجهة لنصرة «إسرائيل» في حربها الحالية في لبنان، ولكن بطريقة عكسية، وتطويع ما يصلح من الـ54 طريقة لنصرة المقاومة في فلسطين ولبنان.
ويلاحظ أن القسم الأكبر من الـ54 نصيحة، التي حددها موقع «إيش» لخدمة «إسرائيل»، يرتكز عملياً على أمور سبق أن مارسها العرب والمسلمون بالفعل، مثل «مقاطعة» البضائع «الإسرائيلية» والأمريكية بدلاً من «شراء البضائع الإسرائيلية» كما يدعو موقع «إيش»، والاستفادة من دور «الإعلام» في فضح الممارسات العدوانية «الإسرائيلية».
حرب مضادة
ومن بين الـ54 نصيحة التي وجهها موقع «إيش» إلى قرائه، يمكن للعرب والمسلمين الاستفادة من 35 نصيحة بعد «عكسها»، وتدعو للحديث بصوت عالٍ لصالح «إسرائيل» في حال ملاحظة أي هجوم على الإنترنت وفي الصحف وكل مكان، ومتابعة الصحف «الإسرائيلية»، والدعاء لأجل «إسرائيل» ومقاطعة البضائع العربية، والاعتراض على الانحياز الإعلامي ضد «إسرائيل»، والتبرع «لإسرائيل» بصورة يومية، وزيارة «إسرائيل» ودعم اقتصادها…. إلى آخر الوسائل العملية التي تحقق أهدافاً كبيرة لصالح الحقوق العربية، في حال عكسناها وطبقناها لصالح القضية الفلسطينية والحقوق العربية.
أما أكثر ما يلفت الأنظار، فهو أن قسماً كبيراً من النصائح اليهودية هي نصائح دينية، تتعلق بدعوات لتعميق الجانب الديني، مثل الدعوة لتلاوة الترانيم والمزامير والدعاء «لإسرائيل»، والعمل على التوبة والخلاص من الخطايا، بجانب المشاركة في الصلوات الجماعية، وهو أمر نحن أحوج إليه منهم!<