شهدت السوق العراقية تدهوراً ملحوظاً في المبيعات جراء انخفاض أسعار الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي؛ حيث وصلت إلى حد خلو سوق الجملة من المتسوقين، وركود البضائع، خاصة وأن السوق العراقية تعتمد على البضائع المستوردة من الخارج.
وخلال الشهر الماضي، شهدت السوق العراقية ارتفاعاً تدريجياً في سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وصل إلى 130 ألف دينار مقابل 100 دولار، رغم استقراره عند 120 ألف دينار مقابل 100 دولار في مكاتب الصرافة العامة خلال العامين المنصرمين.
لكن سعر صرف الدولار الرسمي في البنك المركزي العراقي يختلف عن سعره في مكاتب الصرافة، حيث بلغ 116 ألف دينار مقابل مائة دولار، إلا أن تحديد بيع 75 مليون دولار في سوق العملة يومياً من قبل البنك المركزي، بعد أن كان يصل إلى 250 مليون دولار، ساهم في زيادة الطلب عليه.
وتعرّض العراق، وفق اللجنة المالية النيابية، لخسارة مالية وصلت إلى أكثر من أربعة مليارات دولار خلال الشهرين الأولين من هذا العام، بسبب عدم وصول إيراداته النفطية التي يعتمد عليها بنسبة أكثر من 90% إلى النسبة المخطط لها في موازنة العام 2015م، حيث لم يصل الإنتاج النفطي إلى ثلاثة ملايين برميل نفط في اليوم، واكتفى العراق بتصدير نحو مليونين ونصف المليون في اليوم منذ بداية العام الحالي.
شكاوى
ويشكو مواطنون من عدم قدرتهم مؤخراً على شراء بعض البضائع بسبب ارتفاع أسعارها في السوق.
وبيّنوا لـ”الجزيرة نت” أن البضائع التي تمس الحياة اليومية بحياة المواطن ارتفعت أسعارها، حيث وصل سعر كارت الهاتف الذي كان بسعر خمسة آلاف دينار (ما يعادل أربعة دولارات ونصف الدولار) إلى خمسة دولارات، إضافة إلى ارتفاع أسعار منتجات اللحوم والمعلبات والخضراوات والفواكه.
ركود
وعلى الجانب الآخر، يعاني تجار التجزئة من ركود بضاعتهم، مشيرين إلى أن أغلب المترددين على المحال بدؤوا يقلصون شراءهم للعديد من المواد، بسبب غلاء أسعارها.
وأضافوا أن التُجار في سوقي جميلة والشورجة ببغداد، وهما سوقا الجملة الرئيستين، رفعوا من أسعار بضائعهم بما يعادل إضافة ربع القيمة فوق القيمة السابقة، بحجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار؛ ما دعانا إلى رفع أسعار بضائعنا، وهذا أثر كثيراً على السيولة النقدية لأغلب أصحاب المحال.
من جهته، عزا الخبير الاقتصادي مناف الصائغ ارتفاع أسعار البضائع في السوق العراقية إلى اعتمادها على البضائع الخارجية، والتي يجري شراؤها بالدولار الأمريكي، وفرض الضرائب في الموازنة على استيراد بعض السلع.
أزمات مفتعلة
ويوضح الصائغ لـ”الجزيرة نت” أن انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار أدى إلى انعكاسات ملموسة على رغبة التجار باستيراد بضائعهم من الخارج، لأنه بهذه الحالة لن يكون ربحه كالسابق.
ولم يستبعد الخبير الاقتصادي وجود بعض التجار ضعاف النفوس الذين يفتعلون الأزمات لزيادة أرباحهم.
من جهته، حذر مدير مركز الإعلام الاقتصادي ضرغام محمد من استمرار المضاربين بالسوق في رفع الأسعار، استغلالاً منهم للأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يعيشها البلد، داعياً إلى وضع ضوابط للمستورد وتحديد أسعار السلع.
وأكد ضرورة زيادة الإنتاج العام والخاص في جانبي السلع والخدمات، من أجل تحقيق الوفرة المالية والعوائد المادية التي تدخل في الناتج المحلي لكل سنة؛ وبالتالي تعطي القدرة للعراق بأن تكون موارده المالية من خلال قدراته الذاتية، وليس فقط بالاعتماد على النفط.