عندما يُخسف القمر وتُكسف الشمس نهرول إلى الصلاة، وحينما تجدب الأرض ويحل القحط نهرع إلى الصلاة، فإذا كانت الصلاة تساهم في حل مشكلات كونية فكيف لا تحل الصلاة مشكلاتك؟!
كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر أي أصابه هم واشتد عليه أمر مهم قام إلى الصلاة، ولمّا يحتار الإنسان بين أمرين أو يحتار في أمر ما ويتردد بين القبول والرفض فشرع الإسلام صلاة الاستخارة!
واعتبر القرآن الصلاة أكبر معين، فقال تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {45}) (البقرة)، يقول ابن القيم: أوصى الله عباده بالاستعانة بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين.. ولا ننس أن الصلاة مصدر راحة نفسية وطمأنينة قلبية، ألم يقل رسولنا الكريم لمؤذنه بلال: “أرحنا بها يا بلال”؟!
روي عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته”، قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟ فقال: “لا يتم ركوعها ولا سجودها”.
هل تصدق؟
قد نكون من اللصوص الذين يُسرق من أجر صلاتهم عبر استعجالنا في صلواتنا، وتركنا للطمأنينة والخشوع، فأكثرنا اليوم – كما يقول أديبنا علي الطنطاوي – لا يصلي، وإنما يقوم ويقعد ويركع ويسجد، وهي حقيقة لا نستطيع إنكارها مع الأسف الشديد، فبعضنا يصلي فيقرأ بسرعة، تشعر أنه يقفز عن بعض الكلمات، بعضنا يسابق الإمام، وربما لولا الحياء لسلم وغادر المسجد قبل سلام إمامه! نصلي ولكن لا نطمئن في صلاتنا فنخل بالركوع والسجود، والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، وتسرح عقولنا وتمرح وتحلق بعيداً، وبالتالي نفتقد الخشوع الذي هو روح الصلاة ولبها!
أمور كثيرة لا يمكن حصرها قد تساعدنا كي نخشع في صلواتنا، منها تعظيم أمر الصلاة، وأنها صلة بين العبد وربه، وتدريب النفس على الخشوع، والتخلص من الملهيات والمزعجات التي حولك، والتنويع في السور وأدعية الركوع والسجود، فالسرحان يحدث عندما نقرأ سورة نكررها آلاف المرات، لذا العقل الواعي لا يركز، بينما لو قرأنا سوراً مختلفة في كل مرة فالتركيز سيزداد أكثر.
الخشوع رغم أن له فوائد دينية، باعتباره لب الصلاة وروحها، وليس للإنسان من صلاته إلا ما وعى بقلبه، وقد عده الله تعالى من أسباب فلاح المؤمنين فقال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2}) (المؤمنون)، فرغم فوائده الدينية فله فوائد حياتية دنيوية، فالخشوع ينمي لدى الإنسان “ملكة” حصر الذهن والتركيز، وكلنا نحتاج التركيز لحل مشكلاتنا وللتفكير في حياتنا، يقول وليم مارستن: “العقل الإنساني يصبح أداة مدهشة الكفاءة إذا ركّز تركيزاً قوياً حاداً”، فحصر الذهن بحيث تتخلص من الخواطر التي تتنازعك لتركز في موضوع ما، الخشوع يساعدك في تنميته.