حذر محللون “إسرائيليون” من أن صعوبة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة، قد تكون وقود المواجهة العسكرية القادمة، تعقيبًا على تقرير مراقب الدولة العبرية، يوسيف شابيرا.
وقال المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” العبرية، باراك رافيد، إن “الإخفاق الإسرائيلي الأكبر أثناء العدوان على غزة كان “سياسيًا”، لافتًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تأبه بالأزمة الإنسانية والاقتصادية التي عانى منها قطاع غزة قبل حرب صيف 2014”.
وأفاد بأنه تم في اجتماع المجلس الوزاري “الإسرائيلي” المُصغر “الكابينيت” الذي عُقد في إبريل 2013، التحذير من عواقب أزمة غزة على الدولة العبرية.
وكتب رافيد: “الحكومة الإسرائيلية لم تفعل شيئًا في هذا السياق، ونتنياهو ويعالون ووزير الخارجية في حينه، أفيغدور ليبرمان، لم يعقدوا ولو اجتماعًا جديًا واحدًا للتداول في أزمة غزة“.
وأشار إلى أن الكابينيت تداول القضية (أزمة غزة)، في السياسة “الإسرائيلية” بصورة ضيقة، وكأنها قضية عسكرية وحلولها عسكرية فقط.
وأضاف: “رفض نتنياهو ويعلون إمكانية تنفيذ خطوات إسرائيلية سياسية من شأنها أن تؤدي إلى استقرار أو لتحسين الوضع في غزة، فيما وزراء الكابينيت صمتوا وصادقوا على توصيات الجيش“.
وذكر المعلق في القناة العبرية الثانية، أمنون أبراموفيتش، أن أهم استنتاج وصل إليه تقرير شابيرا تمثل في أن حكومة نتنياهو عشية عدوان 2014 لم تقدم على أية خطوة سياسية كان يمكن أن تمنع اندلاعها.
وبيّن أن التقرير أشار بشكل خاص إلى أن تل أبيب رفضت قبل عام من عدوان 2014 بحث تداعيات الأزمة الإنسانية الخانقة في قطاع غزة على اعتبار أنها تمثل عاملًا رئيسًا يمكن أن يفضي إلى نشوب الحرب.
وكشف أن حكومة الاحتلال رفضت بحث تداعيات الحصار على غزة، بالرغم من أن وزير الحرب السابق موشيه يعلون أطلع الطاقم الوزاري المصغر لشؤون الأمن على تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
وتابع: “المحافل الأمنية كانت حذرت المستوى السياسي في تل أبيب من أن تدهور الأوضاع الاقتصادية قد يدفع حماس لشن الحرب، وتقرير مراقب الدولة يؤكد بشكل غير مباشر أن إسرائيل هي التي تسببت في نشوبها“.
ولفت النظر إلى أن رفض حكومة نتنياهو التعاطي بجدية مع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة رغم تفاقمها المتواصل، يعني أن الحرب القادمة ستكون مسألة وقت.
وأشار عاموس هرئيل، في مقال له بصحيفة “هآرتس”، إلى أن الكثير من مركبات الخليط المشحون الذي جرّ إسرائيل وحماس لحرب صيف 2014، تعود لتحلق في الأجواء تمهيدًا لربيع 2017.
ولفت إلى أن تأثير الوضع الإنساني المتزايد خطورة في قطاع غزة، ومشاعر الاختناق والحصار “يمكن أن تقود إلى الانفجار من جديد“.
متابعًا: “المصاعب اليومية في قطاع غزة، تشبه قنبلة موقوتة، يمكن أن تدفع سلطة حماس لاحقًا، لصدام متجدد مع إسرائيل“.
وكتب: “في إسرائيل يعرفون جيدًا تقرير الأمم المتحدة الذي يدعي أنه حتى عام 2020 سيصبح القطاع مكانًا من المشكوك فيه أنه سيصلح لحياة البشر، وأمس الأول فقط، قال رئيس شعبة الاستخبارات هرتسي هليفي أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، بأن غزة تواجه أزمة اقتصادية صعبة“.
وأشار إلى أن مراقب الدولة هاجم في تقريره المجلس الوزاري الذي لم يفحص أصلًا بدائل سياسية للحرب عشية “الجرف الصامد”، موضحًا: “شابيرا لا يتحدث عن اتفاق سلام مع حماس، وإنما عن مقترحات تم طرحها ورفضها، لتخفيف ضائقة غزة“.
وكان مراقب الدولة في “إسرائيل” القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، قد نشر الأسبوع الماضي التقرير الخاص بالتحقيق في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة؛ صيف عام 2014.
ووجه التقرير انتقادات شديدة لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق موشيه يعالون، ورئيس الأركان السابق بيني غانتس.
ويظهر التقرير افتقار الجيش الإسرائيلي للاستعدادات اللازمة لمواجهة الأنفاق التي استخدمتها حركة حماس في الحرب، وأن ما كان يجري على الأرض مغاير لما كان يصل “الكابينيت”، وسط حالة من الانقسام الواضح بين أعضاء المجلس الوزاري حول إمكانية تنفيذ عملية برية من عدمه.
وشنّت إسرائيل بتاريخ 7 يوليو 2014، عدواناً عسكرياً على قطاع غزة دام 51 يوما متواصلا، وأسفر عن مقتل نحو 2251 فلسطيني بينهم 551 طفلا وإصابة 11 ألفا آخرين بحسب الأمم المتحدة.