كانت الساعة تشير إلى السابعة و25 دقيقة مساء في منطقة الكامور بالقرب من حقول النفط بالصحراء التونسية، يُؤذّن أحد المعتصمين مُعلناً حلول موعد الإفطار، فيتوزع الشباب بين الخيم لتناول ما طاب من المأكولات التراثية المشهورة في البلاد.
هي الأجواء نفسها التي تخيم على منازل أغلب التونسيين خلال رمضان، فلا شيء يشير إلى أنك في قلب الصحراء، غير تلك الخيم المنتشرة في منطقة الكامور التي تبعد 110 كلم عن مركز محافظة تطاوين (جنوب شرق)، والتي تحتضن اعتصامًا منذ أكثر من شهرين.
زهاء 300 شاب يعتصمون في تلك الخيم مطالبين بإصلاحات اجتماعية وتأمين فرص عمل.
في المخيم يُعد الشباب مائدة الإفطار التي لا تختلف كثيرًا عن موائد بقية التونسيين، حيث تحضر أغلب المأكولات المميزة مثل “البريك” (رقائق عجين محشوة) والشوربة التي لا تغيب عن مائدة رمضان.
الشاب التونسي محسن، ابن الـ25 عامًا الذّي كان منهمكًا في تحضير “البريك” في إحدى الخيم، تحدث لوكالة “الأناضول” التركية قائلًا: إن كل شيء موجود هنا، لا فرق بين ما تُعدّه العائلات في مدينة تطاوين وبين ما نُعده نحن في الصحراء، وما علينا إلا الصبر في هذا المخيم حتى تحقيق مطالبنا.
من جهته، قال رضا النصري (33 عامًا): نشكر كل أهلنا في تطاوين الذّين وفروا لنا هذه المؤونة من المأكل والمشرب.
وكذلك بالنسبة للشاب محمد القمودي، في العشرينيات من عمره فإن يوم رمضان في هذا المخيم كباقي أيّام رمضان في المنزل وسط الأهل في تطاوين.
وتابع القمودي: بل على العكس الأجواء طيبة هنا، خاصة عند ملاقاة الأصحاب والأحباب والجلوس معهم بعد الإفطار.
ويجتمع المعتصمون بعد الإفطار في وسط المخيم، يتوسطهم العلم التونسي الذي يرفرف على سارية ترتفع لنحو 12 مترًا.
ويؤكد معتصمو الكامور أنهم باقون حتى تحقيق مطالبهم.
ومن بين هؤلاء الشاب عبدالناصر الفتوري (22 سنة) الذي يعمل بائع بنزين، قام بتسخير سيارته لنقل المعتصمين بدون مقابل، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن هذا الاعتصام هو أمل محافظة تطاوين في توفير العمل لأبنائها.
ويطالب المحتجون بتأمين فرص عمل لآلاف الشباب وزيادة التنمية في المحافظة.
وتعيش محافظة تطاوين منذ أكثر من شهرين على وقع الاحتجاجات المطالبة بالتوظيف داخل حقول النفط الموجودة بالصحراء التونسية، وصلت إلى المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن؛ ما أدى إلى وفاة أحد المحتجين.
في المقابل تحذّر السلطات التونسية من تبعات تواصل الاعتصام ومن انعكاسات توقف إنتاج النفط والغاز بحقول تطاوين على الاقتصاد الوطني.
ووفق أرقام رسمية؛ فإن حقول تطاوين تساهم بـ40% من الإنتاج الوطني من النفط والـ 20% من الإنتاج الوطني للغاز.