انطلاقاً من خطتها التنموية الواعدة “كويت جديدة 2035″، واستناداً إلى تراثها وموقعها الجغرافي، تسعى دولة الكويت إلى تنمية وتطوير قطاع السياحة لديها بوصفه مورداً اقتصادياً مهماً، إضافة إلى كونه إحدى الوسائل الداعمة لتحويل البلاد إلى مركز تجاري ومالي ولإبراز الوجه الحضاري لها.
وتعمل الكويت على تنمية سياحة مستدامة ترتكز على التقاليد الأصيلة والثقافة المتميزة وتعود بالفائدة على أبنائها المواطنين من خلال تأمين فرص عمل وتعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الواعد الذي يرتكز على مقومات عدة وأسس قوية.
وعند الحديث عن السياحة والترفيه والتسوق في الكويت فإنه يتبادر إلى الأذهان سوق المباركية ذات العبق التراثي الأصيل ومهرجان “هلا فبراير” والمجمعات الشهيرة وساحل الخليج العربي الذي تتناثر على طوله العديد من معالم الكويت الشهيرة.
ويطل على ساحل الخليج العربي أبراج الكويت وسوق “شرق” و”مارينا مول” والمركز العلمي والمنتزه المائي “أكوابارك” والجزيرة الخضراء كما يقع بالقرب منه أكبر مسجد في الكويت هو المسجد الكبير إلى جانب انتشار العديد من المطاعم والفنادق على طول الساحل.
مقومات السياحة
وتنتشر في أنحاء الكويت بعض الآثار والمواقع التراثية مثل بوابات الكويت وجزيرة فيلكا وقصر السيف والقصر الأحمر إلى جانب عدد من المتاحف، بالإضافة إلى محمية الشيخ صباح الأحمد الطبيعية ومحمية جابر الأحمد البحرية التي تعد من مقومات السياحة البيئية.
ويرجع تاريخ اللبنة الأولى لبناء قطاع السياحة في الكويت إلى فترة استقلالها وتحديداً بعد مرور عام واحد على إعلان الاستقلال إذ تم تأسيس شركة الفنادق الكويتية في عام 1962 وانضمت إلى منظمة السياحة العالمية في العام التالي.
وسارعت الدولة بعد ذلك إلى إقامة البنى التحتية للمشروعات السياحية ومنها مطار الكويت الدولي وشبكات الطرق المتطورة والأندية الرياضية والمسارح ودور السينما والحدائق العامة والشاليهات.
وفي فترة السبعينيات ظهر جلياً الاهتمام بالسياحة المحلية خصوصاً بعد إنشاء إدارة السياحة في وزارة الإرشاد والأنباء آنذاك (وزارة الإعلام حالياً) وتشكيل الحكومة لجنة سنوية للترويح السياحي وإقامة الفعاليات والبرامج المسلية للعائلات بالإضافة إلى استقطاب مؤتمرات واجتماعات وندوات وبطولات ومعارض متنوعة في تلك الفترة.
تاريخ القطاع
وانشغلت البلاد خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات بتعزيز الأوضاع الأمنية والاقتصادية؛ ما أدى إلى تراجع الاهتمام بالسياحة إلى أن عاد الاهتمام الحكومي بهذا القطاع في عام 2002 مع إنشاء قطاع السياحة في وزارة الإعلام ثم نقل القطاع إلى وزارة التجارة والصناعة في عام 2006.
ويهدف القطاع إلى رعاية السياحة والعمل على تشجيع وتنويع الأنشطة السياحية والاعتماد على منهج التعاون والشراكة في مختلف المؤسسات ذات الصلة بتنمية السياحة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص.
وبرز دور شركة المشروعات السياحية منذ تأسيسها في عام 1976 وحتى الآن في دعم هذا القطاع بقوة؛ إذ تشرف على مواقع سياحية ومرافق ترفيهية عدة منها أبراج الكويت والمدينة الترفيهية ومنتزه الشعب البحري والشواطئ البحرية السياحية ومجمع أحواض السباحة وصالة التزلج والجزيرة الخضراء.
كما تشرف الشركة على منتزه الخيران وشاطئ المسيلة والعقيلة ونادي الشعب ونادي رأس الأرض ونادي اليخوت وحديقة النافورة والحديقة السياحية.
وحقق القطاع الفندقي في الكويت نمواً لافتاً مع إقامة سلسلة من المشروعات الجديدة التي تضيف القيمة للمزيج القائم حالياً إذ يجري إنشاء مجموعة من الفنادق التي تتراوح تصنيفاتها بين الفخمة والمتوسطة.
وفي السنوات الأخيرة، حرصت الدولة على تقديم المزيد من الدعم لقطاع السياحة باعتباره من القطاعات الاقتصادية التي توفر الوظائف للعمالة الوطنية ولأهميته في تعزيز الهوية الكويتية وتحسين صورة البلاد عالميا وإبراز وجهها الحضاري ورفع درجة الوعي بالتراث الطبيعي والثقافي.
سياسات داعمة
وتعول الكويت على كثير من الاستثمارات ومن بينها الاستثمار في السياحة وتبني سياسات داعمة لقطاع السفر والسياحة بهدف خفض نسب البطالة وتنويع مصادر الدخل القومي وتخفيف الاعتماد على النفط.
كما تعول على تشجيع الاستثمار المحلي على إقامة المشروعات السياحية باعتبارها صناعة تعمل على تنمية الكثير من القطاعات الاقتصادية المتصلة بها إلى جانب تخفيض نسب معدلات تسرب الأموال إلى الخارج والتسويق للكويت كوجهة سياحية داخلياً وخارجياً.
وشهدت إستراتيجية النمو السياحي البعيدة الأمد في دولة الكويت زخماً مع ارتفاع أعداد المسافرين عبر المطار إلى أكثر من 10 ملايين مسافر سنوياً، وذلك تماشياً مع خطط البلاد الرامية إلى تطوير وتوسعة بنيتها التحتية الخاصة بالنقل.
وتشمل هذه الخطط مشروع توسعة مطار الكويت الدولي (مبنى الركاب 2) الهادف إلى زيادة قدرة المطار ليستوعب 25 مليون راكب إضافة إلى مشاريع أخرى واعدة مثل أنظمة النقل السريع (مترو الكويت) وشبكة السكك الحديدية وجميعها تندرج في الخطة التنموية (كويت جديدة 2035).
واستناداً إلى تلك المعطيات فقد أكدت منظمة السياحة العالمية في عام 2015 أن دولة الكويت مهيأة جدا لأن تكون مقصدا سياحيا مهما في المنطقة نظرا لما تملكه من مقومات أساسية تلائم قيام سياحة مستدامة وحقيقية فيها.
وتوقعت المنظمة أن تحقق الكويت مركزا متقدما في المنطقة في هذا المجال خلال السنوات المقبلة نظرا لقائمة الفعاليات والأنشطة والخدمات السياحية التي تملكها ومنها الفنادق والمطاعم ووسائل النقل ومرافق الترفيه والترويح والمؤتمرات الاقتصادية والطبية والعلمية وغيرها.
ووفق تقديرات حكومية فإن من المتوقع أن يوفر قطاع السياحة أكثر من 90 ألف وظيفة للشباب حتى عام 2035، وأن تكون المساهمة الإجمالية -أي الأثر المباشر وغير المباشر- للسياحة في الناتج المحلي على المدى القصير بنحو 2% مع إمكانية لرفعها إلى 4% من خلال تطوير القطاع الذي سيدفع إلى استقطاب الاستثمارات الخارجية.