كشفت مصادر مطلعة عن إجراء القيادة المصرية تفاهمات سياسية مع حزبي الدستور والمصري الديمقراطي على وجه التحديد قبل إلقاء خطاب الولاية الثانية للمشير عبدالفتاح السيسي بعد حلف اليمين الدستورية أمام مجلس النواب.
غير معلنة
السيسي وجه، السبت الماضي، خطاباً إلى الشعب المصري، عقب أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان، وعد فيه بمرحلة سياسية جديدة وصفها بمرحلة “التنمية السياسية”، قائلاً: “إن مصر العظيمة الكبيرة تسعنا جميعاً بكل تنوعاتنا وبكل ثرائنا الحضاري وإيماناً مني بأن كل اختلاف هو قوة مضافة إلينا وإلى أمتنا، فإنني أؤكد لكم أن قبول الآخر وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا سيكون شاغلي الأكبر لتحقيق التوافق والسلام المجتمعي وتحقيق تنمية سياسية حقيقية بجانب ما حققناه من تنمية اقتصادية، ولن أستثني من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلاً لفرض إرادته وسطوته، وغير ذلك فمصر للجميع وأنا رئيس لكل المصريين من اتفق معي أو من اختلف”.
المصادر، من جانبها، كشفت في تصريح خاص لـ”المجتمع” عن أن جهة سيادية أجرت تفاهمات سياسة مع حزبي الدستور والمصري الديمقراطي على شكل تواجدهم في الفترة المقبلة وتشكيل توزان سياسي في المشهد مقابل السماح لهم بهامش حرية في العمل الحزبي، مشيرة إلى أن القبض على عناصر ليبرالية ويسارية في الفترة الأخيرة صب في تمرير هذه التفاهمات دون ضجيج حولها بحسب عبارات المصادر، غير أنها ترى أن القبض له أهداف أخرى، لكنها توافقت في نفس التوقيت مع رغبة طرفي الاتفاق في تمريره في سرية.
المصادر لفتت الانتباه إلى أن قائمة العفو الرئاسي الأخيرة التي صدرت في مايو الماضي شملت اسم إسلام مرعي، القيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وأمين التنظيم المركزي بالحزب، في إشارة إلى وجوده ضمن التفاهمات.
مؤشرات أخرى
يتزامن حديث المصادر مع توقيع العميد محمد سمير، المتحدث العسكري السابق، استمارة انضمامه لعضوية حزب الوفد الليبرالي، وتم تعيينه مساعداً لرئيس الحزب لشؤون الشباب دون سابق خبرة سياسية، في إجراء لافت وصفه مراقبون محسوبون على النظام السياسي بأنه يأتي في سياق تفعيل الحياة السياسية، فيما يرى مراقبون آخرون بأنه اختراق جديد للأحزاب بهدف السيطرة عليها وإعدادها للانتخابات المقبلة.
رائحة التفاهمات واضحة كذلك في اندماج حزب مستقبل وطن وجمعية “كلنا معاك من أجل مصر” في كيان حزبي واحد يحمل مؤقتاً اسم حزب “مستقبل وطن” في 26 مايو الماضي، وهو ما أربك بحسب وصف بوابة “أخبار اليوم” الحكومية الرسمية، حسابات وتحركات بقية الأحزاب السياسية، وكذا الحسابات داخل مجلس النواب خاصة فيما يتعلق بالأغلبية البرلمانية، حيث أصبح الحزب الجديد صاحب أكثر عدد من المقاعد الحزبية بما يقرب من 210 مقاعد، وهو ما يمثل 40% من نواب البرلمان، وذلك بعد انضمام 150 نائباً مستقلاً من مؤسسي جمعية “كلنا معاك من أجل مصر”، وما يقرب من 10 مستقلين آخرين، و50 نائباً من حزب المصريين الأحرار، وهو ما وضع ائتلاف دعم مصر في موقف حرج، بعد أن باتت تحركاتهم لتأسيس حزب يستحوذ على الأغلبية داخل البرلمان مستحيلة، وتنذر التكتلات السياسية الجديدة بنهاية وتلاشى فكرة الائتلاف قريباً، وهو الائتلاف الذي دعم السيسي في الولاية الأولى، لكن يبدو فيما يرى البعض أنه تم تجديد الفريق السياسي الداعم من خلال الأغلبية الجديدة التي قد تشكل ظهيراً للسيسي، بحسب ما راج في الأوساط السياسية.
في السياق نفسه، أعلن خالد داود، رئيس حزب الدستور، استقالته في مايو الماضي بعد صراع طويل داخلي من منصبه كرئيس للحزب، وذلك في إطار ما أسماه “الجهود القائمة لإنهاء الخلافات الداخلية والسعي لعقد انتخابات جديدة يشارك فيها الجميع للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات”، لكنه تحدث في بيان استقالته عن عمله في ظل ظروف شديدة الصعوبة، وأجواء سياسية لا ترحب بوجود أحزاب معارضة من الأساس، وهو ما يعتبر تأكيداً على التفاهمات، خاصة أن الصراعات ممتدة، غير أن توقيت الاستقالة يتوازى مع التحركات التي خاضها النظام المصري مع الأحزاب لخلق تواجد سياسي يملأ الفراغ الحالي.