أخيراً آلت مشيخة مدينة تونس لرئيسة قائمة حزب حركة النهضة سعاد عبدالرحيم، بعد جدل ومنافسة شديدة مع رئيس قائمة حزب نداء تونس، كمال إيدير، وكان الصراع قد بدأ على أشده منذ ظهور نتائج الانتخابات في 9 مايو الماضي؛ أي بعد ثلاثة أيام على تاريخ إجراء الانتخابات وهو 6 مايو، حيث فازت سعاد عبدالرحيم ب 22 صوتاً، وفاز منافسها بـ17 صوتاً، وقد حسمت سعاد عبدالرحيم الجدل الذي استمر نحو 3 أشهر بفوزها في التصويت يوم 3 يوليو الجاري بـ26 صوتاً مقابل 22 لمنافسها.
قيادة توافقية
وبعيد إعلان فوزها، قالت سعاد عبدالرحيم، شيخة مدينة تونس، لـ”المجتمع”: إنّ لديها القدرة على ضمان التوافق في المجلس البلدي للمدينة، وأشارت إلى أنّها ستعمل على إنجاح التجربة الديمقراطية وإرساء الحكم المحلي في تونس؛ “سنعمل ونتحالف مع نداء تونس والجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي والاتحاد المدني والقائمة المستقلة “مدينتي تونس”، وسنعمل معاً على خدمة تونس الذي لن يتم إلا بالتوافق”.
حدث تاريخي
من جهته، أكّد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني لـ”المجتمع”، أن فوز سعاد عبدالرحيم بمنصب شيخ مدينة تونس يعدّ حدثاً تاريخيّاً، وأنّ هذا الفوز يعدّ تكريماً استثنائياً للمرأة التونسية بصفة عامة ولحركة النهضة على الصعيد الحزبي، وتابع: هذا دليل على أنّ حركة النهضة تحظى بمكانة متقدمة، وهذا طبيعي بالنسبة لحزب مدنيّ ذي مرجعية إسلامية يحترم النساء ويمكنهم من المشاركة في الحياة السياسية.
وأردف: ما حققته سعاد عبدالرحيم حققته عن جدارة وعبر منافسة ديمقراطية ونزيهة، وهذا دليل على أنّ المرأة قادرة على أن تثبت نفسها بالكفاءة، واستطرد: هذا الحدث سيحظى بصدى عالميّ، على حدّ قوله.
الحياد لصالح النهضة
وكان حزب التيار الديمقراطي والجبهة الشعبية اليسارية قد امتنعا عن التصويت، وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي لـ”المجتمع”: أسباب انسحاب المستشارين البلديين للتيار الديمقراطي من جلسة التصويت على رئاسة بلدية تونس، التيّار اتّخذ موقفاً مبدئياً يكمن في عدم التصويت لحزبي النهضة والنداء وهذا مردّ انسحابه.
وعند سؤاله عن أسباب عدم وضع ورقة بيضاء بدل الانسحاب، قال غازي الشواشي: فضلنا الانسحاب ليكون موقفنا واضحاً وغير قابل للتأويلات والتخمينات، مثلما حصل ببعض البلديات التي صوت فيها التيار بأوراق بيضاء.
وهنّأ غازي الشواشي شيخة مدينة تونس سعاد عبدالرحيم: مبروك لسعاد عبدالرحيم، ليس لنا إشكال مع الأشخاص، وإنّما مع توجهات الأحزاب، ولكن مع ذلك نتقبّل النتائج خاصة وأنها جاءت بطريقة ديمقراطية.
تهنئة من داخل الحكومة
وفي سياق متصل، ھنأت وزيرة المرأة في الحكومة التونسية نزيھة العبیدي سعاد عبدالرحیم بمناسبة انتخابھا شیخة لمدينة تونس.
وكتبت العبیدي تدوينة على صفحتھا على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تمنت لھا فیھا التوفیق والنجاح في مھامھا، وأضافت: “يسعدني أن أتقدم إلى السیدة سعاد عبدالرحیم بأحر التھاني وأصدقھا إثر فوزھا في انتخابات تركیز المجلس البلدي لبلدية تونس لتكون بذلك أول امرأة في تاريخ تونس تتولى منصب شیخ المدينة، بما يعكسه ذلك من حرص على ترسیخ حقوق المرأة وتدعیم تكافؤ الفرص في النفاذ إلى مواقع القرار.. أتمنى لھا كل التوفیق والنجاح في مھامھا”.
وقد عمّت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الفرح وتبادل التهاني، لا سيما وأن فوز سعاد عبدالرحيم بمنصب مشيخة تونس كان تحدياً كبيراً، وسط معارضة بعض الجهات، كما عمدت بعض وسائل الإعلام التي تفتقد للمهنية إلى عدم نشر الخبر أو نشره باختصار مخل.
تجدر الإشارة إلى أن ممثلة حركة النهضة هي أول امرأة تشغل منصب مشيخة تونس في التاريخ، وهو رد عملي على المشككين في برنامج الحركة وتوجهاتها الحضارية المبنية على أسس الإسلام الذي أعطى للمرأة حقوقاً تعتبر سابقة في التاريخ؛ كالميراث وتولي السلطة والمشاركة في الحياة العامة، وهو ما كانت محرومة منه في أديان وحضارات أخرى.