الأرقام الصادرة من منظمة الصحة العالمية تؤكد أن هناك نحو 100 مليون إنسان حول العالم يقعون في براثن الفقر المدقع، مجبرين على العيش بدخل أقل من 1.90 دولار أمريكي يومياً، لأنهم يضطرون لدفع تكاليف الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة؛ لذا كان على مؤسسات العمل الخيري دور تجاه الخدمات الصحية التي تقدم للمحتاجين وغير القادرين على تحمل تكلفة العلاج.. في هذا التقرير، نسلط الضوء على دور إحدى الجمعيات الخيرية الكويتية، وهي جمعية الرحمة العالمية في المجال الصحي.
تعد جمعية الرحمة العالمية من أبرز الجمعيات الخيرية الكويتية التي اتخذت لها إستراتيجية خاصة في تعاملها مع المشروعات المختلفة، سعت من خلالها إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة؛ حيث كان هدفها الأول متمثلاً في القضاء على الفقر من خلال المجمعات التنموية والتعليمية والمزارع الإنتاجية ودور الأيتام والمشروعات التنموية الصغيرة، كما استهدفت القضاء على الجوع من خلال رعاية الأيتام بتوفير نظام غذائي متكامل، وتسيير القوافل الإغاثية، وتمثل هدفها الثالث في الصحة الجيدة والرفاه من خلال عملها في المجال الصحي الذي نحن بصدد الحديث عنه.
ولجمعية الرحمة العالمية رؤية لتطوير القطاع الصحي من خلال إنشاء مستشفى متكامل في كل دولة من مناطق عملها، يساهم في تطوير مستوى الخدمة الصحية، حيث يخدم المستشفى الأماكن الأشد حاجة للرعاية الصحية.
وتحرص الرحمة العالمية على توفير العناية بالصحة العامة للأيتام والمحتاجين والمساهمة في القضاء على الأوبئة والأمراض، وذلك بإنشاء المؤسسات الصحية المختلفة من مستشفيات ومستوصفات ومراكز صحية وعيادات ودعم المؤسسات الصحية بالأجهزة والتجهيزات الطبية، بالإضافة إلى المستشفيات والعيادات الطبية الموجودة في مجمعات الرحمة التنموية التي تقدم رعاية صحية بجودة عالية لأيتام المجمعات، كما أنها توفر الخدمة الصحية لأهالي المنطقة المحيطة بالمجمع بتكاليف رمزية.
ويعد العمل الصحي في جمعية الرحمة العالمية من المحاور الأساسية التي تعمل من خلالها إلى جانب التعليمية والتنموية، وقد ترجمت العمل من خلال هذا المحور في مجموعة من المشروعات، بعضها يتمثل في المستشفيات التي تحتوي على معظم التخصصات كالمستشفى الدولي في هرجيسيا، ومستشفى الرحمة في جيبوتي، ومركز جراحات المخ والأعصاب والقلب ومستشفى الكويت الدولي في غزة، وغيرها من المشروعات الصحية مثل المستوصفات والعيادات والقوافل الطبية.
التميز والريادة
العمل الطبي عمل إنساني تقدمه جمعية الرحمة العالمية لمن يحتاجه، كما أن أهم ما يميزها أنها موجودة في الميدان، واستطاعت استقطاب مجموعة متميزة من المستشارين المتميزين في مستشفياتها، وبالتالي تقديم خدمات مميزة لمن لا يقدر على تكاليف العلاج والدواء.
وتسعى جمعية الرحمة العالمية للوصول إلى كافة المناطق من خلال مشروعاتها الصحية المتنوعة، فتصل إلى المناطق النائية عبر القوافل الطبية التي تقوم على تسييرها من خلال مستشفياتها المتواجدة في المناطق المختلفة، بل تسعى إلى الوصول إلى من يريد العناية الصحية بكل السبل.
وقد كان للرحمة دور بارز في القطاع الصحي في البلدان المختلفة، من خلال إنشاء 42 مستشفى، و120 مستوصفاً، و231 عيادة طبية داخل وخارج المدارس في الدول التي تعمل بها، وتوريد وتشغيل 30 سيارة إسعاف للداخل السوري، وإنشاء مقر لبرنامج غزة للصحة النفسية، وتوفير 1457 كرسياً للمعاقين، وتنفيذ 18956 عملية إزالة للمياه البيضاء، وتسيير 301 قافلة طبية، وتقديم رعاية صحية لـ8840 طفلاً من فاقدي المعيل دون سن الخامسة، وتنفيذ 1460 عملية لمكافحة العمى وأمراض العيون في اليمن.
مستشفى مجمع الرحمة في جيبوتي:
مستشفى الرحمة في جيبوتي يعد الأفضل، حيث يتم ترحيل الحالات الصعبة له دوماً، وهو الوحيد الذي يحتوي على جهاز للرنين المغناطيسي على مدار 24 ساعة، وصيدلية كبيرة، وقسم للولادة، بالإضافة إلى عيادة للعيون تحتوي على أجهزة متطورة لمعالجة العديد من الأمراض، كما يقدم قسم النساء والتوليد جميع أنواع الخدمات التي تشمل الولادة بدون ألم، بالإضافة للحضانات للأطفال الخدج وغرفة للولادة القيصرية مجهزة بأجهزة متطورة، كما تم افتتاح قسم الرنين المغناطيسي، الذي يعمل على مدار الساعة، ويساهم في خدمة شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين.
المستشفى الدولي في هرجيسيا بالصومال:
مستشفى هرجيسيا الدولي بالصومال من ضمن أضخم مشروعات جمعية الرحمة العالمية، ويشتمل على العديد من التخصصات كالأنف والأذن والنساء والتوليد والعظام والجراحة والمسالك والباطني والأطفال والعيون والأسنان، بجانب قسم التحاليل الطبية، وقسم الأشعة الذي يحوي أشعة إكس وأشعة تلفزيونية (sonar) رباعي الأبعاد وجهاز أشعة مقطعية، وأيضاً صيدلية بها جميع الأدوية الحديثة، كما يوجد بالمستشفى وحدة الطوارئ والاستقبال، وجناح عمليات خلال 24 ساعة.
وتسعى جمعية الرحمة العالمية من خلال مستشفى هرجيسيا أن يكون لها دور توعوي تثقيفي، حيث إن القائمين على التدريس والتعليم في أغلب المؤسسات هم أطباء حديثو تخرج، مما ينعكس على المستوى العلمي لخريجي هذه الجامعات والمدارس، وقد شعرت جمعية الرحمة العالمية بمدى الحاجة إلى مؤسسة تعليمية تدريبية طبية تعتني بالتدريب والتعليم الطبي على أسس علمية حديثة، بكوادر مؤهلة للتعليم والتدريب، ولذلك بدأ المستشفى الدولي في هرجيسيا بالاهتمام بهذا الجانب، حيث أقام العديد من الدورات التدريبية للأطباء في صومالي لاند.
مستشفى الكويت الدولي بغزة:
تم افتتاح مستشفى الكويت التخصصي في غزة عام 2007م، ويقع في منتصف مدينة رفح جنوب القطاع، وبلغت مساحة المستشفى نحو 1200 متر مربع، كما يستوعب المستشفى 30 سريراً، وبه 10 أقسام، و13 عيادة تخصصية، يقدم المستشفى الخدمة الطبية لنحو 40 ألف مواطن على مدار العام، ويُجري أكثر من 1000 عملية جراحية سنوياً، بالإضافة لما يقرب من 1500 حالة ولادة، ويســـتفيد مـــن المشـــروع المواطنـــون الفلســـطينيون فـــي قطاع غـــزة والضفـــة الغربية.
مستوصف الساير في السودان:
يعد مستوصف محمد ناصر الساير وأولاده في السودان صرحاً صحياً متكاملاً، أنشئ على مساحة 750 متراً مربعاً، يحوي غرفة عمليات صغرى، وعملاً للفحوصات المخبرية، وقسماً للرعاية الصحية الأولية، وصيدلية، وقسماً للنساء وآخر للرجال، و4 أسرة لطوارئ الرجال ومثلها للنساء، وطبيبين اثنين، واختصاصي أطفال، وممرضات وممرضين، ويقع المستوصف على بعد 385 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم.
العيادات الطبية المتنقلة:
أطلقت جمعية الرحمة العالمية مشروع “العيادات الطبية المتنقلة” لعلاج النازحين السوريين؛ سعياً منها لتقديم الرعاية الصحية والخدمات الطبية لجميع المرضى، وتحتوي على عيادة للأطفال والنساء وأخرى للرجال، إلى جانب غرفة استقبال؛ بهدف علاج الأمراض في بدايتها قبل وصولها إلى حالات متقدمة يصعب علاجها.
واستهدفت جمعية الرحمة من هذا المشروع توفير أجور النقل على الأمهات من المخيم إلى العيادات المنتشرة على الحدود، وإجراء العمليات الصغيرة داخل العيادات المتنقلة، ويسهم هذا المشروع في الإنذار المبكر للأمراض المعدية المنتشرة في المخيمات التي يتم دراستها من خلال تلك المستوصفات المتنقلة، أما الحالات المستعصية فيتم نقلها إلى المستشفيات القريبة.