نشرت وأذاعت وبثت وسائل إعلام تونسية، من بينها جريدة “الشروق”، وإذاعة “شمس أف إم”، وقنوات “التاسعة”، و”الحوار التونسي”، و”الزيتونة”، وغيرها، أنباء عن شراء رجل الأعمال شفيق جراية الموجود حالياً في السجن (مع متورطين آخرين في قضية أمن دولة) عدداً من أعضاء مجلس نواب الشعب، من حزب نداء تونس بقيمة 500 ألف دينار.
قضايا فساد
وذكرت تلك المصادر أن عدداً من النواب التابعين لنداء تونس، ترددوا على مكاتب التحقيق في القطب القضائي، بشارع محمد الخامس، وهم من كبار الشخصيات، ووصفت المعلومات التي حصلت عليها بأنها كانت كارثية، حيث كان المتهمون يتلقون رواتب لا تزيد على ألف دينار، وأصبحوا من أصحاب الملايين والمليارات وملاك أراضٍ وأصحاب سيارات فاخرة جداً، وأقل سيارة بـ120 مليوناً، ووصفت تلك المصادر ما جرى بأنها فضيحة بأتم معنى الكلمة.
وكشفت وسائل الإعلام التونسية أن عدد النواب حتى الآن بلغ 12 نائباً من نداء تونس تمت مشاهدتهم من قبل الصحفيين وتصويرهم من حرسهم الخاص، وأنها تمكنت من الحصول على بعض الوثائق المهمة حول التحقيقات، وذكرت أن شفيق جراية أعطى دفعة أولى من المال لأربعة نواب آخرين بقيمة نصف مليار.
وذكرت إذاعة “شمس أف إم” في برنامج “لاماتينال”، أن من بين ما قدم لشراء النواب أموالاً وشققاً سكنية كما تم حجز سيارة لدى نائب على ملك شفيق جراية.
كشف المستور
ونشرت “الشروق” في عددها الصادر يوم الأربعاء 28 نوفمبر أن عدداً مهماً من النواب مثلوا أمام قاضي التحقيق في القطب القضائي والمالي بتهم الثراء غير القانوني وعلاقاتهم “المشبوهة” برجل الأعمال المتهم بالتخابر والتآمر على أمن الدولة شفيق جراية.
وأن عدداً من النواب تعلقت بهم تهم خطيرة على غرار الفساد والثراء المشبوه وغير القانوني، هذا بالإضافة إلى البحث في مدى تورطهم مع رجل الأعمال شفيق جراية المتواجد حالياً بسجن المرناقية بتهم تتعلق بالتخابر مع جهات أجنبية والتعامل مع جيش أجنبي وقت السلم.
نشر أسماء النواب
ولا يجد المتابع صعوبة في معرفة هوية النواب المتهمين الذين نشرت بعض وسائل الإعلام أسماءهم، واصفة ذلك بأكبر ملفات الفساد الذي يتم التحقيق فيه لخطورته على الأمن القومي، وهم النائب “ط.ا.م” الذي تمكن من ربط علاقة بأحد أباطرة البنزين بجهة تطاوين المعروف باسم “م.م”، وساعده في الوصول إلى مجلس الشعب، هذا بالإضافة إلى مساعدته في التهرب من عدد من القضايا قبل أن يتم وضع اسمه ضمن قائمة المطلوبين لدى وحدات الديوانة والأمن.. ففي يونيو 2016 التقى النائب “س.ط” شفيق جراية بنزل في منطقة البحيرة الذي أعرب عن موافقته على دفع مبلغ مالي يقدر بـ500 ألف دينار لـشراء 4 نواب وحثهم على الالتحاق بكتلة نداء تونس، هذا بالإضافة إلى كراء فيلا في الميتيال فيل لتنظيم لقاءات سرية، وحسب اعترافات شاهدة عيان فإن النواب الأربعة تحصلوا على دفعة مالية تقدر بـ15 ألف دينار.
النائب “م.ر.ا.خ” موظف سابق تمكن من الحصول على سيارة فاخرة، ويملك شبكة من العلاقات المشبوهة ساعدته على تكوين ثروة طائلة.
النائبة “أ.ح” كانت تمتلك سيارة لا يتجاوز سعرها 15 ألف دينار عام 2014، وأصبحت تقود سيارة رباعية الدفع بـ120 ألف دينار، وتستعمل أيضاً سيارة على ملك إحدى الشركات، كما تمكنت من تدريس أطفالها في مدرسة خاصة بمبلغ يتراوح بين 20 و22 ألف دينار، ورغم كونها موظفة حتى عام 2014 فإنها نجحت في تكوين ثروة طائلة بسبب شبكة العلاقات التي تمتلكها داخل حزبها هذا بالإضافة إلى علاقتها بأحد المهربين.
النائبة “خ.ب.ا” تم اتهامها بأنها تقوم باستدراج النواب وشرائهم لصالح رجل الأعمال “ش.ج” المتواجد حالياً في السجون مقابل الحصول على عمولتها و”تلقب ببيت مال جراية”.
النائب “س.ط” اقتنى شقة بـ300 ألف دينار، وامتلك عقارات قام بتحويل ملكيتها إلى أفراد عائلته، وتم تسجيل أحد اللقاءات بينه وبين 3 نواب آخرين في رحلة ترفيهية على متن يخت تثبت وجود شبهات فساد تتعلق بأملاكه.
من أين لك هذا؟
التهم المتعلقة بالنواب الذين تم التحقيق معهم تتعلق بالثراء الفاحش بطرق غير قانونية وتبييض أموال، خاصة أن جل الذين تمت دعوتهم إلى التحقيق كانوا موظفين ولا يملكون ثروة قبل التحاقهم بمجلس نواب الشعب، ومنهم من كان عاطلاً عن العمل وتحول إلى صاحب عقارات في العاصمة.
وهناك 3 سيارات على ملك شفيق جراية، عقارات في البحيرة وحدائق المنزه والنصر أرض فلاحية في المرسى، وحسابات بنكية مشبوهة.
استرجاع بعض الممتلكات
بعد القبض على رجل الأعمال شفيق جراية تم العثور على أسماء نواب كانوا يعتبرون من المقربين منه، وكان يسلمهم هدايا وعطايا ومنازل وسيارات، وبعد الإطاحة به تم استرجاع بعض الممتلكات على غرار حجز سيارة فخمة كانت على ملك نائب، كما تم أيضاً فتح تحقيق في عقار على ملك نائب آخر عن ولاية (محافظة) قفصة، كما تم العثور على معطيات جديدة تدين عدداً من النواب الذين كانوا يتعاملون مع شفيق جراية مباشرة أو عن طريق نائبة عن ولاية الكاف.
ليس ذلك فحسب، حيث ذكرت بعض تلك المصادر أن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر (من حزب نداء تونس) رفض رفع الحصانة عن عدد من نواب مجلس الشعب المتهمين بالتورط في فساد مالي، هذا بالإضافة إلى منع وصول ملفاتهم إلى وسائل الإعلام، ورغم المطالبة بالكشف عن أسمائهم فإنه تمسك بالرفض، لكن أسماء 12 نائباً أصبحت معروفة، فيما العدد قابل للارتفاع، علما أن أول تحقيق جرى مع شفيق جراية كان في عام 2017 وشمل 12 نائباً، في حين رفض 5 نواب الحضور، وهناك مطالب برفع الحصانة عن المتهمين، وبعضهم يتمسك بها، وعندما سئل رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال عن تهم الفساد الموجهة إليه، أجاب: “لا.. ليست تهم فساد، بل تهم رشوة”، وأصبح ذلك مثاراً في مواقع التواصل الاجتماعي.