– «أحمد بن عرفان» جامعة إسلامية متكاملة تخدم المسلمين وتواكب العصر
– تسود حالة من التعايش السلمي ولا توجد مشكلات بين المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى
– شروح الحديث المتداولة الآن بالعالم العربي كالترمذي والبخاري وسنن أبي داود وموطأ مالك لعلماء الهند
– لا يوجد في الجامعات الحكومية قسم متكامل للعلوم الشرعية
تؤدي المؤسسات التعليمية الإسلامية بالهند دوراً ريادياً في تثقيف المجتمع بالثقافة الإسلامية، وتوعيته بصحيح الدين الإسلامي ووسطيته، كما تعد هذه المؤسسات بمثابة صمام الأمان للمجتمع المسلم في الهند.
ويؤكد مدير جامعة الإمام أحمد بن عرفان الشهيد في لكنو بالهند، يوسف الحسيني الندوي، في حوار معه خلال زيارته إلى الكويت أخيراً، أن رؤية الجامعة تتلخص في إعداد طلبة ملمين بكافة التخصصات ونافعين للمجتمع.
بداية، لو تعطينا نبذة عن جامعة أحمد بن عرفان.
– أنشئت جامعة أحمد بن عرفان عام 1408هـ، وكانت في بدايتها عبارة عن مدرسة ابتدائية، وقسماً لتحفيظ القرآن الكريم، وقبل إنشائها كان هناك تصور شامل لجعلها جامعة إسلامية متكاملة، تخدم الهنود المسلمين، وتواكب العصر.
ثم بدأت في التطور، إلى أن تم إنشاء المعهد الثانوي، وكلية الشريعة، ثم بدأت في التوسع، إلى أن تم افتتاح معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، ثم إنشاء المعهد العالي للدعوة، باسم الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله، الذي يعدُّ أول معهد باسم الشيخ أبو الحسن الندوي، وذلك بعد وفاته مباشرة.
وكذلك إنشاء كلية البنات، وكلية للطب يُطلق عليها كلية الطب اليوناني، ويوجد في الهند ما يقارب 200 كلية للطب اليوناني، وهي مرخصة من قبل الحكومة، ويدرس فيها بفضل الله أكثر من 250 طالباً وطالبة، وتخرج فيها أكثر من 200 طبيب وطبيبة، يخدمون الشعب الهندي، ولا يفرقون بين مسلم وهندوسي أو مسيحي وسيخي، بل يخدمون الإنسانية، وهذا ما يأمر به الإسلام.
وتم إنشاء معهد لعلوم القرآن والسنة، والمعهد العالي لخريجي الشريعة، والمعهد التقني (الدبلوم) للطلاب الذين لا يمكن لهم الاستمرار في الدراسة بكلية الشريعة، وبالتالي يكتسبون المهارات والمهن المتنوعة؛ كالحدادة، والسباكة، والكمبيوتر، والحكومة الهندية تعترف بهذا «الدبلوم»، وبذلك يجد خريجوها وظائف حكومية من خلالها.
كم عدد الطلاب المسلمين بالجامعة؟ وهل تحتضن غير المسلمين؟
– يبلغ عدد الطلاب المسلمين نحو 1500 طالب وطالبة، وهناك كلية خارج الجامعة تابعة لها في إدارتها ونظمها، ويوجد بها نحو 250 طالبة.
الجامعة تحتضن المسلمين وغيرهم كموظفين، وكذلك في كلية الطب تقبل المسلمين وغير المسلمين، فهي تقبل الطلاب الهندوس خدمة للشعب الهندي، وهذا واجبنا، أما العلوم الأخرى فلا يُقبِل عليها إلا المسلمون؛ كعلوم الشريعة، واللغة العربية.
ما انطباع الطلاب الهندوس عن هذه الجامعة بشكل عام؟
– انطباعاتهم جيدة والحمد لله، لأننا نعيش حالة من التعايش السلمي، فالمسلمون موجودون في الهند منذ أكثر من ألف عام ولا توجد مشكلات بينهم وغيرهم من الديانات الأخرى كشعوب، وإن كانت هناك مشكلات بين الحكومات المختلفة، فلا دخل للمسلمين والهندوس بها، فالكل يتعايش في سلام.
ما أثر الجامعات الإسلامية بشكل عام على المجتمع الهندي؟
– الجامعات الإسلامية لها دور كبير وريادي في تثقيف المجتمع بالثقافة الإسلامية، وتوعية المجتمع بالدين الإسلامي ووسطيته، وتوعية المجتمع المسلم وتماسكه، بعلمائه ومؤسساته؛ التعليمية والدينية، والمحافظة على الشباب من التطرف أو الغلو والتهاون، وبفضل الله كان للعلماء دور كبير في هذا الموضوع.
فنظراً لوجود مثل هذه المؤسسات فهي بمثابة صمام الأمان للمجتمع المسلم بالهند.
ما موقف المسلمين الهنود من قضايا التعليم والتربية، ودورهم في إثراء التاريخ الإسلامي؟
– أقام مسلمو الهند في كل ناحية ومنطقة حضارة عظيمة، حيث بنوا مجامع كبيرة للعلم، ولكن بعد مجيء الاستعمار الإنجليزي، قام بتغيير الأنظمة، وعمل على إثارة الفتن بين المسلمين والهندوس، وأضر بمصالح المسلمين، وأحدث ذلك ضرراً بالمراكز التعليمية والتربوية الإسلامية.
وخاض المسلمون مع مكونات الشعب الهندي الأخرى حرب الاستقلال، وقدموا العديد من الضحايا، واستشهد آلاف العلماء والمشايخ الفضلاء على أيدي الإنجليز.
وقد اهتم المسلمون بالحفاظ على العقيدة الإسلامية والتربية والتعليم؛ فأسسوا الجامعات الإسلامية، والعصرية؛ كالجامعة «الملية»، و«دوبن»، و«ندوة العلماء»، و«مظاهر العلوم»، وكل تلك الجامعات تم إنشاؤها قبل الاستقلال، وكان علماؤها ومؤسسوها هم قادة الاستقلال.
وقد أثرى علماء هذه المؤسسات التعليمية التاريخ الإسلامي، ولم يكن علمهم قاصراً على التاريخ فقط، بل في شتى العلوم؛ كاللغة، والحديث، والتفسير.. فشروح الحديث المتداولة الآن في العالم العربي كالترمذي والبخاري وسنن أبي داود وموطأ الإمام مالك كلها من شروح علماء الهند، وصارت الهند موطن المحدثين والفقهاء منذ قرنين ونصف قرن من الزمان.
هل للهند على المستوى الرسمي دور في تطوير العلوم الإسلامية؟
– نعم، ولا شك أن هذه المؤسسات وضعت مناهج مستقلة وطورتها، ووضعت أخرى جديدة لم تكن معروفة في العالم العربي، على المستوى الرسمي، بين الجامعات، لأن أغلب الجامعات الإسلامية ليست حكومية، أو رسمية، بل هي جامعات أهلية، وبينها وبين الجامعات الحكومية معادلة الشهادات، فيُقبل الطالب -على سبيل المثال- إذا تخرّج في كلية الشريعة عندنا في الماجستير بجامعة «علي جراو» وفي الجامعة «الملية» وهكذا.
ولهذه الجامعة منهاجها الدراسي، وتم تأسيس «ندوة العلماء» حتى يكون هناك تطوير في المناهج وإعداد مناهج جديدة تناسب بيئة الهند وتأخذ صفوة تطوير المناهج بالعالم العربي وخصوصاً في مصر، وبلاد الشام.
كم عدد الجامعات الإسلامية في الهند؟
– العدد الحقيقي لا يحضرني، ولكن المشهور منها يفوق 20 جامعة أهلية إسلامية.
ما رؤيتكم المستقبلية تجاه تطوير التعليم الإسلامي؟
– تتمثل رؤية الجامعة في خدمة مسلمي الهند، بحيث يتخرج في هذه الجامعة رجل متكامل الجوانب، يكون ملماً بالكثير من العلوم، والضروريات التي قد يحتاجها في حياته؛ بحيث إذا تخرج فلا بد أن يكون نافعاً للمجتمع الذي يعيش فيه.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم في العمل الجامعي؟
– أكبر التحديات تتمثل في الاعتراف الرسمي من قبل الحكومة، فهي تعترف بالمؤسسات كترخيص، والدستور الهندي يعطي الحق لمن يريد أن ينشئ مؤسسة سواء أكان مسلماً أو نصرانياً أو سيخياً أو هندوسياً أو بوذياً، فلهم أن ينشئوا من المؤسسات ما شاؤوا، ولكن إذا لم تكن الجامعات الأهلية موافقة لنظام الدراسة بالجامعات الحكومية في أنظمتها وهياكلها؛ فلا تمنحها الرخصة.
مثلاً؛ الدراسات الشرعية بالكليات العصرية والحكومية ضعيفة، وهي عبارة عن قسم صغير، ولا يوجد بالجامعات الحكومية قسم متكامل لعلوم الشريعة، وهذا يكون عائقاً ليس للجامعة فحسب، بل للخريجين أيضاً، حيث يعانون نوعاً ما في العثور على وظائف بالمناصب الحكومية، أو الشركات؛ لأن المؤسسات الحكومية لا تعترف بهذه الشهادات؛ لذا يضطرون إلى إكمال دراساتهم في الماجستير والدكتوراه بالجامعات الحكومية حتى يحصلوا على شهاداتها.
ما أبرز النجاحات التي تحققت منذ تأسيس الجامعة؟
– أبرز النجاحات هي الدفعات التي تخرجت في الجامعة، وأكثرهم التحقوا بالوظائف والأعمال المختلفة، ولا نعلم طالباً تخرج فيها ولم يجد عملاً، ووجدنا آثارهم في مجال التربية والتعليم والاقتصاد والتجارة والصناعة، والحمد لله الجهود التي بُذلت أعطت ثماراً يانعة، وهذا ما نعتبره أكبر نجاح لهذه المؤسسة.
كيف هي العلاقات الاقتصادية بين الكويت والهند؟
– يمكن اختصارها فيما تم نشره في وسائل الإعلام المقروءة، وهو أن حجم التبادل التجاري بين الهند والكويت نحو 8.5 مليار دولار، ويرجع ذلك إلى أن العلاقات بين الدولتين قديمة ومتأصلة، ولكن ينبغي أن تزداد قوة واستثماراً بين الطرفين، حيث إن الهند تعتبر قوة صاعدة، وقد قرأت أن أحد البنوك البريطانية قدم تقريراً مفاده أن الصين ستحتل المرتبة الأولى اقتصادياً بالعالم، ثم تليها الهند، والهنود بجميع طوائفهم وأديانهم وأعراقهم تعودوا على التعايش السلمي فيما بينهم، كما أن نسبة الشباب بالمجتمع الهندي تعتبر الأكبر بالعالم في دولة واحدة، والشباب هم قوة العمل والإنتاج، وهم عماد الأمم.
وماذا عن التبادل الثقافي بين الكويت والهند؟
– التبادل الثقافي بين البلدين موجود، ونأمل أن يتطور مستقبلاً، والإكثار من الزيارات الطلابية والمؤسسات الثقافية والمعرفية بين البلدين، خصوصاً أنه يوجد عندنا جامعات عريقة.
هل لوسائل الإعلام دور في إبراز مثل هذه الجامعات؟
– يركز الإعلام على السياسة أكثر من غيرها، فالسياسة هي التي تحكم الإعلام، والإعلام هو الذي يحكم السياسة، ونحن بعيدون عن السياسة.
لذا.. لم يعد الإعلام يبرز الجانب الإيجابي في المجتمعات، وللأسف لا يركز إلا على الحوادث والحروب والكوارث وما إلى ذلك، وهذا ما ساعد في تغيير عقلية المجتمعات.