رجال الجيش الكويتي هم الجنود المجهولون في الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد بسب تفشي وباء فيروس كورونا.
وتنفيذا لقرارات مجلس الوزراء والسلطات الطبية في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، قامت رئاسة الأركان العامة للجيش ممثلة بهيئة الخدمات الطبية بتجهيز مستشفى ميداني ومحجر صحي وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة في ثلاثة مواقع بمنطقة جليب الشيوخ المعزولة.
«الأنباء» أرادت تسليط الضوء على ما يقوم به رجال الجيش، فتوجهنا بالتنسيق مع مديرية التوجيه المعنوي الى المستشفى الميداني في منطقة جليب الشيوخ، والتقينا رئيس هيئة الخدمات الطبية بوزارة الدفاع ومجموعة من الضباط الذين أطلعونا على طبيعة عملهم بصورة حية دقيقة وواقعية للجهود الكبيرة والمضنية التي يقومون بها بالتعاون مع اخوانهم في وزارة الصحة.
البداية، كانت مع رئيس هيئة الخدمات الطبية في وزارة الدفاع الشيخ د.عبدالله المشعل الذي قال انه تنفيذا للتعليمات الصادرة من مجلس الوزراء بمساندة كل وزارات الدولة لجهود وزارة الصحة في مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، فقد قام نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ أحمد المنصور بإصدار تعليماته لوزارة الدفاع بشقيها العسكري والمدني لتسخير كل الجهود للحد من انتشار هذا الوباء.
وأكد أن هيئة الخدمات الطبية كانت على تواصل مستمر مع وزارة الصحة قبل ظهور الوباء بالكويت، وما كان تنفيذ الخطط الموضوعة سابقا الا تجسيدا فعليا للتعاون المشترك بين الوزارتين، فقد قامت هيئة الخدمات الطبية عند وصول الوباء للكويت بإرسال فرق طبية وتمريضية لإسناد زملائهم من وزارة الصحة في مستشفى جابر الأحمد بمنطقة الزهراء، كما تمت زيادة الطاقة الاستيعابية لقسم العناية المركزة، وإنشاء وحدة جديدة للعناية المتوسطة في مستشفى القوات المسلحة.
وقامت الهيئة بإجراء الفحوصات اللازمة وعزل كل المشتبه بإصابتهم بالفيروس، واخلاء المصابين الى وزارة الصحة عند الحاجة.
وأضاف المشعل انه استجابة لطلب وزارة الصحة، تم التنسيق بين هيئة الخدمات الطبية وقطاع هندسة المنشآت العسكرية بتجهيز عدة محاجر صحية، موزعة على مختلف المناطق، منها محجر المجمع الطبي العسكري الشمالي بمنطقة الجهراء ومخيم وزارة الدفاع بمنطقة صبحان ومحجر معسكر الإعاشة بمنطقة الجليعة، واستخدمت هذه المحاجر لعزل الحالات المشتبه بإصابتها.
وذكر ان هناك وجها آخر من أوجه الإسناد التي قامت بها هيئة الخدمات الطبية وهو إرسال بعض الكوادر الطبية والتمريضية لمحجر العبدلي والمستشفى الميداني بأرض المعارض إسنادا لزملائهم العاملين بوزارة الصحة.
وعن عودة المواطنين الكويتيين من الخارج، فقد قامت القوة الجوية التابعة للجيش الكويتي، وبالتنسيق مع هيئة الخدمات الطبية، بإعادة المواطنين الكويتيين من عسكريين ومدنيين من مدينة روما الإيطالية، والتي كانت من أكثر الدول الموبوءة، واضطلعت هيئة الخدمات الطبية بعمل الفحوصات الطبية للقادمين، ومن ثم نقلهم الى المحجر، حيث قضوا 14 يوما، وتم خروج جميع الواصلين بالسلامة بعد عمل الفحوصات اللازمة لهم.
أما بالنسبة لسكان منطقة جليب الشيوخ، فتعتبر المنطقة بكاملها محجرا مناطقيا، وقامت هيئة الخدمات الطبية بتقديم الرعاية الطبية والصحية لهم. ومن منطلق حرص السلطات الصحية في البلاد على السيطرة على انتشار الوباء في البلاد، فقد تم تجهيز ثلاثة مدارس في المنطقة لتكون محاجرا صحية، بالإضافة لتجهيز مركز الشباب ليكون مستشفى ميدانيا.
ويتكون الفريق الطبي من عناصر وطنية، بالإضافة لعناصر من البعثة العسكرية البنغلاديشية، وذلك لتسهيل عملية التعامل مع سكان تلك المنطقة.
وقال المشعل ان عدد المحجورين المشتبه بإصابتهم 352 من العمالة الموجودة في الكويت، وتم اخلاء 93، لافتا الى ان عدد المحجورين القادمين من الخارج 136 وقد خرجوا جميعا، فيما بلغ عدد المحجورين الذين تم شفاؤهم حتى هذه اللحظة 336.
دعم ومساندة جهود «الصحة»
من جانبه، اوضح العقيد الركن خالد التوحيد آمر قوة واجب المستشفى الميداني والمحاجر الصحية في جليب الشيوخ انه استجابة للتوجيهات العليا تم تشكيل قوة الواجب من قبل هيئة الخدمات الطبية في الجيش لدعم ومساندة جهود وزارة الصحة في المستشفيات الميدانية والمحاجر الصحية في منطقة جليب الشيوخ الواقعة تحت الحجر الكامل والرامية الى مقاومة انتشار فيروس كورونا وتقديم الخدمات الطبية الانسانية لسكان المنطقة.
ولفت التوحيد إلى ان هناك عدة وحدات من الجيش الكويتي شاركت في دعم وتأمين الواجب التي تقوم به الهيئة الطبية، مشيدا بالدور الكبير لهذه الوحدات في عملية مكافحة انتشار فيروس كورونا، خاصة الدور الفعال والكبير لقيادة الشرطة العسكرية التي قامت بتوفير قوة عسكرية مجهزة بالآليات والأفراد لتأمين رتل هيئة الخدمات الطبية الى منطقة جليب الشيوخ منذ اليوم الأول للواجب.
واضاف ان هناك جهات فعالة اثبتت جدارتها في هذه الأزمة ومنها قطاع هندسة المنشآت العسكرية والذي قام بتوفير ونقل وتجهيز مقرات للعاملين في مختلف المواقع داخل المنطقة وتوفير اللوحات الإرشادية للمواقع، مشيرا الى ان هناك دورا كبيرا ومهما وحيويا لقيادة الدفاع ضد اسلحة الدمار الشامل في موقع المستشفى الميداني والتي تعمل على مدار الساعة بتوفير طواقم عسكرية فنية وتختص باستخدام المواد الكيميائية والتجهيزات الخاصة بعمليات التطهير البيولوجي، حيث يقوم منتسبوها بمهمة متابعة وتعقيم سيارات الإسعاف العسكرية بعد استخدامها لنقل المرضى قبل ان يتم استخدامها من جديد لنقل الحالات بشكل آمن وسريع، لافتا الى ان هناك فريقا متواجدا مختصا بتطهير جميع أفراد الطاقم الطبي بعد مغادرتهم لمناطق علاج وحجر المرضى المشتبه بإصابتهم لضمان عدم انتقال أي عدوى محتملة للفيروس.
وأكد التوحيد انه من خلال هذه الأزمة وبتوجيهات نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ومتابعة من رئيس الأركان ونائب رئيس الأركان اثبت الجيش الكويتي جدارته ودوره المهم والحيوي بدعم جهود جهات الدولة الأخرى.
وأثنى العقيد التوحيد على الجهود الكبيرة التي تقدمها هيئة الخدمات الطبية ممثلة برئيسها الشيخ د.عبدالله المشعل والدور الأساسي والدعم المعنوي لنا لمساندة الكوادر الطبية من منتسبي وزارة الصحة.
دعم لوجيستي
بدوره، أوضح العقيد طبيب بدر الرجيب انه دائما بالتشكيلات العسكرية تكون السرايا الطبية في الصفوف الخلفية، وشاء القدر أن نكون كأطباء مقاتلين رأس الحربة في هذه الأزمة وفي الصف الأول وهو واجب نتحين الفرصة لأدائه لرد جزء من جميل الوطن علينا.
وأضاف انه لم تكتف قوة الواجب من هيئة الخدمات الطبية في الجيش بأداء المهام الروتينية لها، بل قدمت الدعم اللوجستي للمستشفيات والمحاجر وقت الحاجة وأسندت طوارئ وزارة الصحة بنقل المرضى وقدمت كذلك خدمات إنسانية طارئة، مؤكدا اننا على استعداد تام لأي مهمات تسند لنا أو تطلبها وزارة الصحة.
تذليل الصعوبات
من جهته، تحدث العقيد طبيب محمد النومس عن طبيعة العمل حيث يقوم باستقبال الحالات الصحية المنقولة له من داخل منطقة جليب الشيوخ كنقطة أولية لتجنب نقل الحالات خارج منطقة الجليب ويتم فحص وفرز الحالات، وبعد استقرار الحالات يتم نقلهم الى المحاجر الصحية المخصصة لها داخل المستشفى الميداني او في المواقع الاخرى وتتم مراقبة الاعراض الصحية للحالات حتى تحسنها او حتى انتهاء فترة الحجر الاساسية، وفي المقابل يتم تحويل بعض الحالات الى المستشفيات الرئيسية.
بدوره، قال المقدم طبيب فواز لافي المطيري ان قيادة قوة الواجب تقوم على مدار الساعة ممثلة بالضباط الأطباء بالاهتمام بالطواقم الطبية العسكرية المشاركة وتنظيم عملهم وتذليل الصعوبات كي ينجزوا مهمتهم على اكمل وجه بالتعاون مع الكادر الطبي من وزارة الصحة.
وذكر المطيري ان هيئة الخدمات الطبية شاركت بعدد من الأطباء والممرضين الذين يعملون على مدار الساعة، ويتم التأكد من اتباع البروتوكولات والتوصيات الطبية المعتمدة من قبل وزارة الصحة في التعامل مع الحالات الصحية التي يستقبله المستشفى الميداني في منطقة الجليب، حيث يستقبل المستشفى ويتعامل مع حالات الاشتباه بالاصابة بفيروس كورونا والحالات المؤكدة اصابتها ويتم التعامل معها جنبا الى جنب مع الاطقم الطبية التابعة لوزارة الصحة.
وذكر المطيري ان هيئة الخدمات الطبية قد قامت بتوفير عدد من الأجهزة كأجهزة قياس العلامات الحيوية للمرضى واجهزة قياس الاكسجين في الدم واجهزة علاج الطوارئ وبعض الادوية والمحاليل المستخدمة في حالات الطوارئ والأسرة الطبية والمعدات اللازمة لتجهيز غرف الفحص والعلاج والعناية المركزة في المستشفى الميداني كمساندة للتجهيزات الاساسية لوزارة الصحة.
تسهيل مهمة الطواقم الطبية
وقال المقدم طبيب احمد الدندن انه لتسهيل مهمة الطواقم الطبية في الموقع قامت قيادة الواجب بتقديم عدد من آليات النقل والتي تعمل على مدار الساعة توفير امكانية نقل المعدات والافراد لتأمين كل احتياجات المستشفى الميداني والمحاجر الصحية، كما تقوم قيادة الواجب أيضا بتوفير سيارات الاسعاف العسكرية بأنواع متعددة كالاسعاف المصفح المناسب للمناطق الوعرة واسعاف النقل الطبي واسعاف العناية المركزة وتشغيل سيارات الاسعاف العسكرية وتجهيزها بطواقم من المسعفين المدربين والمجهزين بالكامل للقيام بمهام دعم الاسعاف في موقع المستشفى الميداني وبشكل مباشر، كما تقوم قيادة الواجب بوضع وتنظيم خطة عملهم والإشراف على مهمة نقل وتحويل المرضى بين مختلف الجهات كالمستشفى الميداني والمحاجر الصحية ومستـشفى الفــروانــية ومستشفى جابر حسب الحاجة واتباعا لتوجيهات وزارة الصحة.
ولفت الدندن إلى ان نجاح جميع هذه الاجراءات كان بتعاون وتكاتف جميع الوحدات المشاركة وتسخير جميع الامكانيات في سبيل تسهيل مهمة وزارة الصحة في منطقة جليب الشيوخ مما يبرز الدور المهم للجيش الكويتي في مساندة جهات الدولة الاخرى في وقت الازمات على جميع الاصعدة الطبية والفنية والهندسية والعسكرية والادارية لخدمة لهذا الوطن.