* بداية، نرحب بالعم عيسى الشاهين، حياكم الله في «المجتمع».
– الله يحييكم، ويبارك بجهود مجلة «المجتمع»، ودعاؤنا إلى المولى أن تستمر مسيرة الجهاد بالصدع بالحق والثبات في سبيل الدعوة المباركة، وأن يوفق الله تعالى قيادة المجلة إلى المزيد من النجاح والانتشار والتطور.
* نريد أن نتعرف منكم على حركة «المرابطون» التي تأسست أثناء الغزو العراقي لدولة الكويت.
– أفضل وأوضح مدخل للتعريف بـحركة «المرابطون» هو فهم أهداف نشأتها الخمسة، وهي: تحرير الكويت وعودة الشرعية، العمل على تثبيت الناس في أرض الكويت، تخفيف المعاناة عن أهل الكويت في الداخل، العمل على وحدة الصف الكويتي، الاستشراف لبناء كويت المستقبل في إطار العقيدة والشريعة الإسلامية.
فحركة المرابطون هي حركة مقاومة كويتية وطنية مجتمعية جامعة إسلامية، كان قرارها الأول على الإطلاق هو البقاء والمكوث في الكويت تحت أي ظروف.
* ما الذي ميَّز «المرابطون» عن تشكيلات المقاومة الأخرى؟
– ابتداء لا بد من التأكيد أن كل مَنْ رابط ومكث هو جزءٌ أصيل من المقاومة الكويتية، وشارك في تحقيق وتأكيد أن الشرعية الشعبية في الداخل مساندة ومكملة للشرعية الرسمية في الخارج، وساهم في إفشال مخطط العدو الغازي في تفريغ الكويت من الكويتيين.
وقيام جماعات وتشكيلات مقاومة عدة هو صفحة نيرة لتفاعل الشعب مع حق وواجب المقاومة، وهو تعبير عن التعاون في تحقيق الأهداف دون ضرورة وحدة التنظيم ولكل فضلٌ في مجاله وتخصصه وتميزه، وهنا يجب أن أكون واضحاً أن ذكر سمات تميز حركة «المرابطون» لا يعني بتاتاً افتقاد جماعات وتشكيلات المقاومة الأخرى لمثل هذه السمات.
وبدون تفصيل وإسهاب أذكر أهم سمات الحركة:
1 – تأسست الأفواج الأولى الرائدة في حركة «المرابطون» على منهج عقائدي وفكري موحد.
2 – تيسر التشكيل وتوفر ضمان الأمن لتكون القاعدة تنظيماً راسخاً وواسع الانتشار.
3 – اشتملت الحركة على أنشطة وتخصصات شاملة في شتى المجالات.
4 – توفرت شبكة تواصل داخلية مجربة وفاعلة.
5 – حقق المواطنون المنتمون والمتفاعلون مع الحركة في الخارج وكذلك الجمعيات واللجان والجماعات الإسلامية شبكة اتصالات عالمية.
6 – التمكن من الاتصال شبه اليومي بالحكومة الشرعية في الطائف.
7 – وفرت نقاط توزيع الأموال وتقديم الخدمات في جميع أنحاء المناطق السكنية.
8 – قدمت الحركة تقريراً مالياً ختامياً عما تم توزيعه من الأموال المقدمة من الحكومة، وذلك أثناء الضربة الجوية في فبراير 1991م مع قرب التحرير.
9 – حافظت على سلامة جهاز الاتصالات عبر الأقمار الصناعية إلى ما بعد التحرير، وكان لهذا الجهاز الدور الأكبر في العملية الإعلامية عبر العالم.
١٠- حصول قيادات عسكرية على شهادات خطية من قيادة قوات التحالف تشيد بالدور الفعّال المشارك في تحقيق التحرير.
١١- بقاء لجان وجمعيات الخدمة المجتمعية إلى يومنا هذا تحمل اسم التكافل.
وقبل الانتقال من إطار هذا السؤال، لا بد من الإشارة إلى شهادة اللواء محمد البدر، رحمه الله، الذي كان بمثابة الأب الروحي والرمز لكل من رابط من العسكريين، وكان له دور كبير في جمع الصفوف، ودفع عجلة التنسيق والتعاون مع جميع أطراف جماعات وتشكيلات المقاومة المتواجدة آنذاك في الساحة.
يقول، رحمه الله، عن دور التيار الإسلامي: «لا يوجد شك أن إخواننا المتدينين أدوا دوراً كبيراً وشجاعاً في تهدئة مشاعر الناس، وحثهم على الصبر على الكارثة واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وبسرعة أخذوا الهامش الإداري في العملية، وبدؤوا يسيطرون على الجمعيات قبل نهبها أو انتشار الفوضى فيها، وبدؤوا بتسهيل الأمور للمواطنين حتى وصلوا أخيراً إلى أن يقوموا مقام البنوك بإقراض الناس وتوصيل المؤن لهم في المنازل، وهذه الجماعات خلفيتها التنظيمية السابقة سياسية كانت أو إدارية قد ساعدت في الوصول إلى السيطرة المرجوة، والحقيقة أنهم ساعدونا كثيراً كعسكريين حتى إننا عندما نجلس لنرى الهامش الإداري كنت أقول للجماعة: دعوهم فهم أفضل منا، وإن تدخلنا نحن كعسكريين سنلخبط أمورهم».
* دور «المرابطون»، هل كان مدنياً أم عسكرياً؟
– غطت أنشطة وتحركات حركة «المرابطون» الجوانب المدنية والعسكرية، المراجعة السريعة لأسماء رموز وقادة العمل العسكري في المقاومة والتعرف على توجهاتها الفكرية وانتمائها الفكري نتأكد من التكامل الموحد بين لجان التكافل والمقاومة الشعبية الكويتية.
وحقول أعمال الجناح المدني والخدمي: إدارة المناطق السكنية والجمعيات التعاونية والمساجد والهلال الأحمر وإدارة المستشفيات وتخزين الأدوية وتوزيعها ورعاية ذوي الشهداء والأسرى والإعلام والنشرات والبيانات.
واشترك الجناح المدني مع الجناح العسكري في مجالات النفط وتوفير الغاز والوقود والكهرباء والماء والإطفاء.
واختص الجناح العسكري بثلاث مهام رئيسة؛ القيام بعمليات مسلحة ضد قوات العدو خارج نطاق المناطق السكنية المأهولة، تغذية قوات التحالف بمعلومات استخبارية ميدانية، ومهام الاتصالات.
* هل كان هناك ذراع إعلامية لـ«المرابطون»؟
– قدر الله سبحانه وتعالى للحركة أذرعاً إعلامية قوية على رأسها المساجد؛ حيث بثت منها الدعوة للرباط وشرح أسبابه ودواعيه ومآلاته المباركة، وكانت البيانات والمنشورات والأخبار توزع من داخل المساجد.
ثم الدواوين، ومنها يعاد نشر وتوزيع البيانات والمنشورات.
«نشرة يوميات الأحداث» (DEED) الراصدة للمجريات والأحداث اليومية من أخبار تحركات العدو وإجراءاته الإدارية والدموية والملاحقات للمواطنين والحالة التموينية والمعنوية للمرابطين وكافة شؤون النفط والماء والكهرباء والأدوية وغيرها، هذه النشرة من أهم وأكمل يوميات الغزو، وتصدرها الحركة وترسل إلى الحكومة الكويتية الشرعية، وإلى قيادة التحالف في الرياض، وإلى مراكز إعلامية وسياسية عالمية، وكان يتم هذا بشكل يومي بمتوسط عشر صفحات، وترسل عبر جهاز الاتصالات الفضائية الخاص بالحركة.
وقد كان للأخ د. ناصر الصانع، والأخ محمد سالم الراشد، دور مميز في نشر التقارير الإعلامية ومن ضمنها «اليوميات».
* هل تم التنسيق مع الحكومة الشرعية في الطائف أثناء الغزو؟
– ابتداءً كان التنسيق والتعاون مكتملين مع ممثلي الشرعية في الداخل، وقد أحسنوا التعامل مع مختلف الجماعات والتشكيلات، ولم يتدخلوا في السياسات والأساليب الخاصة لكل منها، وكانوا مصدراً رئيساً للإسناد المالي وللتوزيع على المواطنين في مناطقهم.
إن التعامل المهني الرفيع مع ممثلي الشرعية في الداخل وتنامي الثقة المتبادلة والاطلاع عن كثب على جهود الحركة وفاعليتها في الميدان ساهم في تكوين جسور قوية.
* ما دور «المرابطون» في المؤتمر الشعبي بجدة في أكتوبر 1990م؟
– كان تمثيل «المرابطون» في مؤتمر جدة الشعبي قوياً وواضحاً من خلال المنتمين للتيار الإسلامي وخاصة رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي العم عبدالله العلي المطوع، رحمه الله، إضافة إلى الإخوة الشيخ عبدالواحد أمان، والشيخ يوسف الحجي، يرحمه الله، ود. عبدالله سليمان العتيقي، والشيخ أحمد القطان، ود. علي الزميع، والشيخ عبدالله عبدالكريم العزاز، والشيخ أحمد الدبوس، والنائب مبارك الدويلة، ود. ناصر الصانع، ود. إسماعيل الشطي، رئيس تحرير «جريدة المرابطون»، ود. أحمد الهولي، ود. بدر الناشي، والأستاذ عبدالمحسن العثمان، ود. عثمان الخضر، وأ. عبدالقادر العجيل، وأ. إياد الشارخ، وأ. مساعد الظفيري، ود. ناصر العنزي، وأ. عبدالوهاب الحوطي.. وآخرين كثر من الإخوة الذين لا تحضرني أسماؤهم الكريمة.
وقد كان للعم بو بدر، يرحمه الله، موقف حاسم وقوي حول الخلاف الذي دبَّ في المؤتمر وحسم الخلاف، وهنا نذكر كلمته التي تسطر بالذهب التي ناشد بها الأطراف المختلفة: «إذا قمنا مختلفين من هذه الجلسة سنزيد من تشريد أهلنا داخل الكويت فضلاً عن أن معرفتهم باختلافنا وعدم اتفاقنا سيسيء إلينا إساءة بالغة»، كما عمل العم بو بدر مع وزير العدل آنذاك على تعديل بعض مواضيع وعبارات في كلمة السيد عبدالعزيز الصقر، يرحمه الله، التي ألقاها في المؤتمر.
وقد ألقى د. ناصر الصانع البيان الختامي للمؤتمر الذي تضمن القرارات الخمسة، وقد كان ختام البيان: «نعاهد الله أن يكون التحرير غايتنا والعودة هدفنا، والأمير قائدنا، والجهاد سبيلنا، والوحدة الوطنية سلاحنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا».
كما ألقى د. إسماعيل الشطي كلمة الداخل التي عرض فيها حال المرابطين ما بين الصمود والمقاومة والوحدة الوطنية والتمسك بالشرعية والأمل بالنصر القريب.
* كيف ساهمت «المرابطون» في تحقيق وحدة الصف ضد الغزو؟
– أعتقد أن التواصل النشط بين أبناء الحركة قبل الغزو مع مختلف مكونات المجتمع قد يسَّر من تكوين تلاحم بارز بين هذه المكونات في فترة الغزو، وقد حرصت الحركة تمام الحرص على هذا التلاحم من خلال المشاركة في مختلف لجان التكافل والعديد من الأعمال الخدمية للمواطنين كإدارة الجمعيات التعاونية، وكان مبدأ الحركة في إنشاء لجان التكافل أن يشترك معنا أكبر عدد من غير المنتمين متى ما توفرت الكفاءة والأمانة.