وفاء لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، نود الإشارة إلى أن “المجتمع” تعيد نشر كلمات سموه بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك حتى عام 2018، أعدها الكاتب الإعلامي د. عصام الفليج في كتاب ضمن سلسلة “مآثر صباح الخير” (5).
الكلمة الثانية لعام 1428هـ/ 2007م:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل: 97) صــدق الله العظيــم.
الحمد لله رب العاملين حمـداً يليـق بجلاله وعظمتـه، والصلاة والسـلام علـــى مـــن بعثـــه الله رحمـــة للعاملين ســـيدنا ونبينـــا محمـــد وعلـــى آلـــه وصحبــه الغــر الميامين.
نحمـــد الله حمـــداً كثيـــراً ونشـــكره ســـبحانه وتعالـــى علـــى مـــا أنعـــم بـــه علينــا مــن جزيــل النعــم والخيرات، ونتضــرع إليــه بالدعــاء والرجــاء في هــذه الأيام والليالــي المباركة أن يتقبــل صيامنــا وقيامنــا ودعاءنــا، وأن يجعــل وطننــا الكويــت آمنــاً مطمئنــاً وســائر بــلاد المسلمين، وأن يحقــق لأمتنا الإسلامية كل مــا تنشــده مــن عــزة ورفعــة وازدهــار.
إخواني وأبناء وطنـــي..
أتحدث إليكـــم حديـــث الأخ لإخوانه وأهـــل ديرتــه وأحبائــه في لقــاء متجــدد دائمــاً علــى الخير والمحبة والتعــاون انطلاقاً مــن قولــه تعالــى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: 2)، فمــا أحوجنا أن نسـتلهم المعاني الجليلة في هـذه الآية الكريمة بما تحث عليـه مـن تعــاون وتــآزر وتعاضــد.
وإن أولـــى خطـــوات هـــذا التعـــاون الراســـخة في نفوســـنا وقلوبنـــا هـــي تجسيد محبتنـــا المتفانية للكويـــت وطنـــاً نبنيـــه ووجـــوداً عزيـــزاً علينـــا نصونـــه ونحميـــه.
إن حقـــوق وطننـــا علينـــا كثيـــرة جـــداً ولهـــا في أعناقنا أمانة علينـــا أن نصونهـــا، ومســـؤوليات جســـام نرعاهـــا بما لدينـــا مـــن عـــزم وقـــوة، ورائدنـا في ذلـك كلـه المحافظة علـى وطننـا الكويـت وصيانـة استقلاله وتدعيــم أواصر وحدتــه الوطنيــة، والعمــل علــى النهــوض بــه وتطويــره وتنميتـه، وهـذا مـا يجعلنـا نضـع مصالـح الكويـت العليـا فـوق كل اعتبـار، وأن نتحمــل معــاً مســؤولية بنــاء حاضــر الكويــت ومســتقبلها بعيــداً عــن الخلاف والاختلاف.
إخواني وأبناء وطني..
لقـــد أخذت الســـلطتان التنفيذيـــة والتشـــريعية وقتـــاً كافيـــاً في الحوار والنقـاش وحتـى في الاختلاف حـول الكثيـر مـن القوانيـن والتشـريعات، التـــي كنـــا نأمـــل إقرارها لنضـــع الكويـــت علـــى خارطـــة طريـــق النمـــو والتنميـــة المستدامة التـــي يعيـــش عصرهـــا غيرنـــا، فنحفـــظ بذلـــك الجميل لوطننـا الغالـي ونسـاهم في رفعـة شـأنه وتقدمـه بيـن الشـعوب والأمم.
مـن أجـل ذلـك دعونـا دائمـاً إلى أهمية تعزيـز التعـاون بـين السـلطتين التشـــريعية والتنفيذيـــة، وتحويل هـــذا التعـــاون بينهمـــا إلى ممارســـة تنهــض بالعمــل البرلماني والعمليــة السياســية والديمقراطيــة في بلدنــا مـن أجـل أن تتكاتـف الجهود لأداء المسؤوليات الدسـتورية التـي عاهدنـا الله ثـــم الوطـــن والشـــعب علـــى القيـــام بهـــا مـــن أجـــل خدمـــة مصالـــح الكويـت وشـعبها الكريم، وتوجيـه جهودنـا وطاقاتنـا نحـو البنـاء والتنميـة بدلاً مــن اســتنزاف الوقــت والجهود في مساجلات وحــوارات لا طائــل مــن ورائهــا.
فهنـــاك ثمـــة أهداف وتطلعـــات اقتصاديـــة وتنمويـــة طموحـــة تنتظـــر تنفيذهـــا وفي مقدمتهـــا خطـــوات الإصلاح الاقتصادي والتنميـــة المستدامة وتحويل الكويـــت إلى مركـــز مالـــي وتجاري في المنطقة، وغيرهـــا مـــن المشاريع الأخرى ذات الصلـــة التـــي ستســـهم، بإذن الله تعالـــى وبعزميـــة الرجـــال، في تطويـــر الوطـــن وتنميتـــه وازدهـــاره.
وإنني لعلـــى ثقـــة تامـــة بـــأن التعـــاون بـــين الســـلطتين التشـــريعية والتنفيذيـــة ممكـــن وميســـور إذا ما ابتعدنـــا بأنفســـنا عـــن الطروحـــات المسيئة والتشـكيك في النوايـا والقـدرات وتصيـد أخطاء بعضنـا بعـضاً وتأزيم المواقف لمصلحة منافــع ذاتيــة ضيقــة ونقــل اختلافات الــرأي والرؤيـة إلى خـارج قبـة البرلمان لتكـون حديثـاً للنـاس والصحافـة علـى حــد ســواء.
إن صحافتنـا المحلية هـي محـل اعتزازنـا ونأمـل دائمـاً أن تتوخـى الدقـة فيمـا تنشـره مـن أحاديـث ومقالات، وأن تتسـم معالجتهـا لقضايـا الوطـن بالموضوعية وعـدم تأجيـج المشاعر وتعكيـر صفـو واقعنـا المحلي باسـم حريـة الصحافـة والـرأي.
إنني إذ أتحدث إليكـــم اليـــوم بما يختلـــج في نفســـي حـــول مـــا نريـــده لبلدنـا العزيـز، فإننـي أدعـو السـلطتين التشـريعية والتنفيذيـة إلى العمـل معـــاً يـــداً واحـــدة مـــن أجـــل الكويـــت لنجعـــل غدنـــا أكثـــر ازدهـــاراً مـــن حاضرنـا، وأن يزيدنـا هـذا التعـاون قـوة وصلابة؛ لأن قـوة الوطـن تقـاس بقـــدرة أفراده علـــى العمـــل وتعاونهـــم في الســـراء والضـــراء مـــن أجـــل المحافظة عليــه ورفعــة شــأنه لتظــل الكويــت دائمــاً دار أمــن وأمــان لمن يعيــش علــى أرضها الطيبــة مــن أبنائها والمقيمين عليهــا.
اللهـم أدم علينـا نعمـة وحدتنـا الوطنيـة فلا تمزقنـا الاختلافات، ونعمـة المودة والتواصــل فلا تدمرنــا الخصومات، ونعمــة الاتفاق علــى تنميــة الوطـن وازدهـاره فلا تعوقنـا الأهواء والاتجاهات.
وأدعـــو الله جلـــت قدرتـــه في هـــذه الأيام والليالـــي المباركة أن يوفقنـــا لـــكل مـــا فيـــه خيـــر وخدمـــة الوطـــن والمواطنين، وأن يســـدد خطانـــا ويجعـــل قلوبنـــا عامـــرة بالخير والمحبة للجميـــع، وأن تغمـــر نفوســـنا المحبة والتآلـــف ونحســـن الظـــن بعضنـــا ببعـــض، فكلنـــا مهمـــا اختلفـــت مســـؤولياتنا وأعمالنا أبناء وطـــن واحـــد أبناء الكويـــت التـــي نحبهـــا ونعمـــل مـــن أجلها.
“ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير”.
وآخــر دعوانــا أن الحمد لله رب العالمين، والســلام عليكــم ورحمــة الله وبركاتــه.