توقفنا الأيام الماضية عن استكمال مقالات التطبيع؛ وذلك بسبب وفاة أمير الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، وها نحن نستأنف ونكمل ما تبقى من مقالات حول الموضوع.
وعدناكم في نهاية سطورنا السابقة أن نبدأ في هذه السطور بعرض النقولات التي نراها رغم تباعد المسافات بينها زمنياً وجغرافياً إلا أنها تنطلق من فهم واحد وتنظيم واحد لهدف واضح متفق عليه رغم تنوع الزخارف الخارجية للطرح تمويهاً وهو دليل على مدى تغلغل هذه التنظيمات اليهودية في كل مناحي المعمورة من أجل القضاء على الإسلام وأنى لها ذلك.
نبدأ في الهدف المجمل من غير التفصيل، وهذه المقولة تشكل إجمالي الهدف جملة إلغاء الأديان، وجاء ذلك القول من غير التفاصيل وذلك في المؤتمر الأعظم للماسونية عام 1923م بقولهم: “لتحقيق الماسونية العالمية يجب سحق عدونا الأزلي وهو الدين ولا بد من إزالة رجاله”، نعم.. إزالة رجاله بالتصفية والاعتقالات والتشويه، إلا أن الباطنية كانت أكثر مدببة في محاربة رجاله، وذلك ظاهر بقولهم في الأنبياء كما بيَّنه الإمام الغزالي في كتابه الرائع “فضائح الباطنية”، وبيان اتفاقهم مع قول الماسونية والعلمانية والشيوعية الملحدة جملة وتفصيلاً في الرسل والأنبياء، إلا أن الإطار الخارجي أحياناً يختلف تمويهاً؛ تقول الباطنية: “بعد أن عرفنا أن الأنبياء كلهم منمرقون ومنمسون، فإنهم يستعبدون الخلق بما يخيلونه لهم.. وقد تفاقم أمر محمد واستطارت دعوته في الأقطار.. ولا مطمع في مقاومتهم بقتال ولا سبيل إلى استنزال عما أصروا عليه إلا بمكر أو احتيال”.
مكر واحتيال وتطبيع مع اليهود وأمثالهم، وإظهار اليهود بالإنسانية الراقية والتسامح الرفيع! وها هو أيضاً الباطني البهائي يسير بنفس الطريق والمنهج الماسوني اليهودي الذي في النهاية يسطح الدين وأهله والدعوة إلى الله تعالى، مستشهداً بآيات القرآن، نسأل الله العفو والعافية، حيث أذعن معانيها للمكر والاحتيال ليضحك على الأجيال، يقول مفسراً قوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (التكوير: 1) أي: ذهب ضوؤها، أي الشريعة الإسلامية ذهب زمانها وتغيرت إلى شريعة البهاء.
ما شريعة البهاء يا ترى؟!
يقول البهاء خادم اليهود ابن الماسون: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (التكوير: 3) أي: الدساتير الحديثة ظهرت خالية من “دين الدولة الإسلام!”.
هل هي الصدفة يا ترى؟!
تقول الماسونية صانعة البهاء وأمثاله: “إن الدين علة تأخير الشعوب وعدو العقل والمدنية”!
وهذا الأمر روّجوه عن طريق العلمانية والليبرالية والقومية والدساتير الحديثة المدنية كما يزعمون، “لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين”، وقول البهاء هذا يتفق تماماً مع الماسوني الصهيوني المعتق مكاريوس في حال لو أراد أصحاب الدين والدعوة المشاركة، ومن خلال الدساتير العلمانية، يقول: “يجب إبطال التحزب تحت الأديان لنجعل العالم كله عائلة واحدة لا فرق بين أعضائها، والدين علة تأخير الشعوب وعدو العقل والمدنية، ونعمل على ما أفسدته العقائد والأديان”.
أما العلماني يوسف زيدان فيطبع مريديه بوحدة الوجود ويدعو لها رغم أنه علماني! إلا أنه يتفق مع الباطنية المتزندقة؛ هل هي الصدف يا ترى؟!
يقول زيدان متحسراً على العقلية العربية: إن العقلية العربية لا تقبل فكرة الاندماج والتداخل بين الآلهة والبشر! ويقر أن الآلهة عند غير أهل الصحراء قريبة من البشر!
هو يدعي أنه علماني لا دخل له في الدين سلباً أو إيجاباً، وهو يتفق مع الباطنية المنحرفة المتزندقة بقوله الغريب هذا الذي يزكي فيه أبو لهب وعبادة الأوثان! هل هي الصدفة يا ترى؟!
إنه التطبيع ورسم الصور الذهنية للأجيال، والتسطيح لعقول المريدين والضحك على الذقون، ووحدة الهدف والتنظيم ولا أحيد عن ذلك.
لنرَ، أيها القارئ الكريم، الاتفاق التام بين الباطنية والعلمانية بقول زيدان والماسونية.
تقول الماسونية متفقة مع الآخرين بوحدة الوجود ما ذكر في المحفل الهولندي معبراً عن عقيدتهم بقولهم: “نحن الله، الإنسان هو جنس الله، وروح الإنسان من روح الله؛ فنحن الله”! تعالى الله عما يقولون.
هل هي الصدفة، أم المنهج وروحه وأهدافه الموحدة الذي اليوم أسلوبه التطبيع وهو جزء من آليته، مع التشكيك في الدين والمشايخ تحت هامش الانبطاح والإجرام “الداعشي” إذا جاز التعبير؟!
[اجمعها مع بقية المقالات ستكون لديك معلومة متكاملة جيدة]