قال عالم الاجتماع الفرنسي، البروفيسور رفائيل ليوجير، إن هناك قواسم مشتركة بين ما حصل لليهود وما يحدث للمسلمين اليوم، وإن الرسوم الكاريكاتورية المتطاولة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، تحتوي على العنف.
والبروفيسور ليوجير، يعرف في فرنسا بأبحاثه حول علم الاجتماع، وهو أستاذ بمعهد الدراسات السياسية في إيكس إن بروفانس، ومؤلف كتاب صادر في تركيا بعنوان “أسطورة الأسلمة.. تجربة حول الرهاب الاجتماعي”.
وأجرى مراسل الأناضول في باريس حوارًا مع ليوجير، حول موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المعادي للإسلام ونشر الرسوم الكاريكاتورية المتطاولة على النبي وإجراءات السلطات الفرنسية ضد المسلمين.
وأضاف ليوجير: “لا نستطيع أن نرى مدى عدوانية وعنف هذه الرسوم الكاريكاتورية بالنسبة إلى المسلمين. إنني أعتقد بأن هذه الرسوم تحتوي على العنف. هناك قاسم مشترك بين ما عاشه اليهود في ثلاثينيات القرن الماضي وما يحدث للمسلمين اليوم”.
وأوضح أن الرسوم الكاريكاتورية بحق النبي محمد، تشبه تلك التي رسمتها مجلات اليمين المتطرف أو المجلات الألمانية النازية بحق اليهود في ثلاثينيات القرن الماضي.
ليوجير، أكّد أن ماكرون انتخب للرئاسة ببرنامج سياسي ليبرالي ولم يتبن في البداية سياسات معادية للإسلام، مثل رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، لكن مع مرور الوقت تحولت أيديولوجيته إلى معاداة الإسلام.
وأشار إلى تشكّل بيئة شعبوية في فرنسا نتيجة السياسة التي اتبعها ماكرون في الفترة الأخيرة، حيث اتجه مع وزراء حكومته إلى تبني سياسات معادية للإسلام ومؤيدة لليمين المتطرف.
وتابع: “ماكرون يتأثر من محيطه ويريد أن يظهر شعوره بالقلق إزاء المشاكل المتعلقة بالإسلام في البلاد. وهو يحتاج إلى إظهار أن لديه مشكلة (مع الإسلام) مع اقتراب موعد الانتخابات”.
وزاد: “يتم طرح فكرة أن المسلمين يحاولون تغيير المجتمع الفرنسي أمام الرأي العام في البلاد بغية إعلان حرب ضد المسلمين. كما يتم تحويل قضايا مثل الحجاب إلى مشكلة عامة وهي لا علاقة لها بالإرهاب”.
وأوضح ليوجير أنه لا علاقة لمنظمي الهجمات الإرهابية في البلاد بالإسلام ولكن على الرغم من ذلك يُقال إن الهجمات سببها الإسلام، وماكرون يحاول الربط بين المسلمين والإرهابيين.
وأردف: “يرى ماكرون أن المسلمين المتدينين يكونون ميالين للعنف أكثر من غيرهم. هذا خطأ. للحديث عن العنف، يتم تشكيل صورة للإسلام وكأنه في حالة حرب مع المجتمع (الفرنسي). هناك قلق من أن المسلمين العرب الذين استعمرتهم فرنسا ذات يوم، سيستعمرونها حاليًا”.
إهانات ممنهجة
وأكّد العالم الفرنسي أن ماكرون يستسلم للشعبوية بدلًا من التحلي بروح المسؤولية، وهو يقوم بهذه التصرفات بسبب الانتخابات، ويشعر مع محيطه بالقلق من “أسلمة” المجتمع.
وشدّد على أن “المسلمين في فرنسا يتعرضون لإهانات ممنهجة منذ 5 سنوات رغم أنهم يريدون العيش بسلام في البلاد لكن العلمانية أصبحت أداة للشعبوية منذ عام 2003 ولغاية اليوم، وهذا أمر مقلق”.
وذكر أن الجهات التي تدافع عن الحريات الدينية في البلاد يتم استهدفها، والمرأة التي ترتدي حجابًا في فرنسا ينظر إليها على أنها إرهابية محتملة، وقد باتت الوسائل الإعلامية تبحث عن المشكلة في المسلمين دون الحديث عن المصدر الأساسي للإرهاب.
وتساءل: “إذا كنا نعيش في عالم لا حدود فيه لحرية التعبير، فهل لي الحق في إهانة الناس والطلاب؟ إذا كانت حرية التعبير غير محدودة، فإنه يجب أن أكون قادرًا على القيام بذلك لكنني لا أستطيع القيام بذلك اليوم”.
واستطرد: “لا يمكننا انتقاد اليهود نظريًا. وعندما تنتقد الصهيونية في فرنسا يقولون إنك معاد للسامية بل يمنعونك حتى من الحديث في هذا الصدد، علمًا أنه يمكن للشخص أن يكون معاديًا للصهيونية وغير معاد لليهود في نفس الوقت”.
وأضاف: “هذا أمر سياسي بحت وهو بالفعل يمثل مشكلة. يمكن انتقاد الأيديولوجيات السياسية، وإذا كانت حرية التعبير محدودة، فينبغي أن ينطبق هذا على الجميع. ويبدو أن حدود حرية التعبير لا تنطبق على المسلمين”.
وحول موقفه من إلزام السلطات الفرنسية المدرسين في الجامعات بإجراء أبحاثهم ودروسهم “وفقًا لقيم الجمهورية”، قال ليوجير إن هذا القانون يقيّد الحريات، وسيمنع الأكاديميين من قول ما يريدون.
وتابع: “هذا الأمر يصدمني بشدّة، فحريتنا في التعبير عن أنفسنا سوف تنتزع منا قريبًا”.