“لا معلوم موعد التطعيم أو كيفية توزيعه، ولا يؤمن البعض بجدواه، ولا يصدق كثيرون وجود فيروسه المميت”، 3 لاءات وأزمات بانتظار لقاح فيروس كورونا الذي لم يصل السودان بعد، وسط منحنى وبائي مرتفع.
في 15 ديسمبر الماضي، أعلنت الصحة السودانية شراء 8.4 مليون جرعة لقاح مضاد لوباء كورونا، تصل في الربع الأول من عام 2021، ستخصص لتحصين القطاعات الأكثر تعرضاً للمرض ولا سيما القطاع الطبي.
ولم توضح الصحة أياً من اللقاح بالتحديد ستحصل عليه، أو طريقة الاستحواذ، أو كيفية الحصول على باقي الجرعات أو كيفية توزيعها، في توقيت لا يزال يشهد تسابق دول عربية في تطعيم مواطنيها.
والسودان الذي يزيد عدد سكانه على 40 مليون نسمة، بلغ إجمالي الإصابات فيه بفيروس كورونا، حتى 1 فبراير الجاري، 27 ألفاً و402، منها 1829 وفاة، و21 ألفاً و614 حالة تعاف.
ووفق مراسل “الأناضول”، لا تزال منتشرة بالشارع السوداني أحاديث ترفع شعار “ما تغشونا.. ما في كورونا”، وسط عدم اهتمام لافت بأخبار اللقاح المنتظر.
“الأهمية” تواجه “عدم الاقتناع”
بالنسبة إلى اختصاصية المختبرات الطبية بالخرطوم، إيمان علي، فإن الفئات القابلة للتطعيم بلقاح كورونا، هي التي تقتنع بوجود الفيروس، خاصة وأن “الأغلبية لا يصدقون وينكرون وجود الفيروس في السودان”.
ولذا فهناك “احتمال كبير عدم قبول المواطنين بالتطعيم، لاعتقادهم أن اللقاح سيصيبهم بالفيروس”، وفق حديث علي لـ”الأناضول”.
أما اختصاصي المختبرات الطبية في الخرطوم، حسن سعيد، فيرى أن هناك أهمية لوصول اللقاح سريعاً؛ للتقليل من نسبة الوباء في البلاد.
وأضاف: “لكن السودانيين عادة لا يهتمون بالتطعيم في البداية، وينتظرون التجارب عند الآخرين أولاً ومن ثم القبول باللقاح”.
وتابع: “في رأيي أن المواطن عليه أن يكون في حالة استعداد تام عندما يصل اللقاح إلى البلاد للوصول إلى نسبة عالية من الحماية”.
“الأسطورة” أو الوعي ينتصر؟
شعبياً، يقول الطالب الجامعي، محمد بشير إبراهيم: من الصعوبة بمكان قبول لقاح كورونا، لأن الفكرة جديدة على السودانيين، وهناك تخوف من اللقاح في الأوساط الشعبية.
وأوضح أن المغتربين السودانيين بالخارج أوصوا أهلهم بعدم الخضوع للتطعيم باعتباره غير مضمون، كما أن مجموعة كبيرة من المواطنين تعتبر أن المرض عبارة عن أسطورة.
وأضاف: لذلك إذا كان المواطن ليس واثقاً من المرض، فلن يكون واثقاً من اللقاح وأنا شخصياً لن أخضع للتطعيم.
لكن الطالبة، معزة أحمد، ترى أن السودانيين على درجة كبيرة من الوعي بوباء فيروس كورونا.
وقالت: إن أسراً كثيرة كانت تشكك في السابق بوجود فيروس كورونا بالسودان، لكن عندما توفي عدد من أفراد الأسرة اقتنعوا بوجود الوباء.
وأضافت معزة في حديثها لـ”الأناضول”: حتى الذين ليس لديهم إيمان بوجود فيروس كورونا، سيخضعون للتطعيم.
صعوبات
أما الكاتب السوداني، رامي محكر، فرأى أن مسألة اللقاح تنقسم إلى ثلاثة مستويات، الأولى عدم اقتناع أغلبية الشعب السوداني بوجود الفيروس، وهو عامل لعدم التعامل مع اللقاح.
ويشير محكر إلى أن المسألة الثانية تتعلق بتجار الأزمات الذين يستثمرون في الأزمات ويعرقلون وصول اللقاح إلى مستحقيه بالقنوات الرسمية، في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها السودان حالياً.
وأضاف: المسألة الثالثة تتعلق بالتخوف الموجود في العالم بشأن التعاطي مع اللقاح، وهذا يلقي بظلاله على السودان.
من جهته، يرى الكاتب السوداني، محمد المختار، أن “مسألة اللقاحات سترتبط بإشكال كبير جداً.. هذا الإشكال متعلق بجائحة أو وباء كورونا ذات نفسه”.
وأضاف محمد، في حديثه لـ”الأناضول”: “الفيروس ارتبط بكمية من المعلومات المغلوطة وغير واضحة بالنسبة إلى الناس (..) وأعتقد سيتواصل الجدل حول هذه المسألة فيما يتعلق باللقاح”.
وتابع: “التحدي الحقيقي هو توفير المعلومات للناس حتى تتضح الرؤية”.
حملات وخطوات حكومية
في المقابل، فمنذ وصول كورونا إلى السودان قبل نحو عام، ووزارة الصحة تطلق حملات توعية بشأن الإرشادات الوقائية وارتداء الكمامات وعدم المصافحة والتبليغ الفوري عن حالات الاشتباه بالإصابة بالفيروس.
غير أن السودان يعاني من أزمات متلاحقة في تردٍّ لافت في الأوضاع الصحية، مع شح واضح في أصناف الدواء، خاصة المنقذة للحياة تزامناً مع أوضاع اقتصادية صعبة، بحسب تقارير محلية.
ومنتصف ديسمبر الماضي، قالت أمل عبدالله، مدير عام إدارة الصحة العالمية: إن الوزارة اتخذت خطوات استباقية لتأمين الاستعداد المبكر لاستقبال أولى الشحنات من اللقاحات، دون ذكر موعد وصولها.
وأوضحت أن بلادها تتابع موقف اللقاح منذ أواخر أغسطس الماضي، مشيرة إلى أن التطعيم سيبدأ بالفئات الأكثر عرضة للإصابة ثم التوسع لبقية فئات المجتمع مع عدالة التوزيع الجغرافي.
ولا إحصائيات رسمية أو استطلاعات رأي بشأن من سيحسم معركة اللقاح المقبلة والمتأخرة في السودان، المتشككون والمتخوفون أم إجراءات الحكومة والوعي المتنامي سيحدد مقعداً في سباق التطعيم المنتظر.