ينتظر ما يزيد على مليون ناخب فلسطيني جديد، غالبيتهم من الشباب، المشاركة في الانتخابات العامة (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني “برلمان منظمة التحرير”)، للمرة الأولى في حياتهم.
في حال عُقدت الانتخابات الثلاثة في مواعيدها المُقررة، قد تسنح الفرصة للشباب المشاركة إما بالاقتراع أو الترشّح.
لكن عشرات الشباب لا يبدون متحمّسين للمشاركة، بسبب انشغالهم بالهموم الاقتصادية، فضلاً عن حالة الإحباط التي تسود أوساطهم جرّاء الانقسام السياسي الداخلي منذ عام 2007، وتداعياته.
وبحسب لجنة الانتخابات المركزية، ارتفعت أعداد الناخبين المسجّلين لدى اللجنة (ممن بلغوا 17 عاماً فأكثر)، من مليون و300 ألف عام 2006، إلى ما يزيد على مليونين و200 ألف ناخب عام 2019.
ومن المقرر أن تعقد الانتخابات على 3 مراحل: التشريعية في 22 مايو، والرئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس.
وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع عام 2006، وأسفرت عن فوز حركة “حماس” بالأغلبية، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها محمود عباس.
ومنذ عام 2007، يسود انقسام بين حركتي “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة، و”فتح”، وأسفرت وساطات واتفاقات عديدة مطلع الشهر الجاري عن توافق الحركتين على شكل وتوقيت الانتخابات.
وسبق وأن توصلت الحركتان خلال السنوات الماضية إلى اتفاقات مصالحة، تشمل ضمن بنودها “إجراء الانتخابات”، لكنها اصطدمت بملفات خلافية، ما أدى إلى فشلها.
تحديات شبابية
يقول الكاتب السياسي مصطفى إبراهيم: إن فئة الشباب، التي حرمت خلال السنوات الـ15 الماضية، من المشاركة في الحياة السياسية، خاصة العملية الانتخابية، تواجه اليوم تحديات كبيرة.
وتابع أن هذه الفئة “لديها آمال وطموح في الانتخابات”.
وينتمي الآلاف من الشباب لفصائل فلسطينية مختلفة؛ ما يعني أن أصواتهم في الانتخابات قد تذهب إلى تلك الفصائل، بحسب إبراهيم.
ويوضح إبراهيم أن دعم الشباب الفلسطيني للفصائل “من شأنه أن يغيّر موازين ونتائج الانتخابات”.
ويرى أن عدم ممارسة فئة الشباب لـ”العملية الانتخابية في السنوات السابقة، أدت إلى عدم نضوج ووضوح الكثير من تفاصيلها لديهم”.
ويشير أن الشباب غير المنتمي للأحزاب (المستقل)، قد تقوده “الحماسة والرغبة في التغيير، إلى تشكيل تكتلات شبابية”، الأمر الذي يقود إلى وجود عدد من تلك التكتلات.
ويذكر أن غياب جسم (تكتل انتخابي) يوحّد فئة الشباب سيؤدي إلى تشتيت أصواتهم.
ويضيف: ربما نسمع عن كتل شبابية كثيرة، لكن ذلك لن ينجح طالما لم يستطيعوا توحيد هويتهم بكتلة واحدة تعبّر عنهم.
مواقف وآراء
دعاء الخطيب (29 عاماً)، خريجة جامعية بغزة، قالت: إنها تنظر بتفاؤل حذر إلى خطوة الانتخابات.
وتضيف أنها تشارك للمرة الأولى في حياتها بالعملية الانتخابية، في حال حصلت الانتخابات بشكل فعلي.
وتشير إلى أنها ستتوجه بالفعل لانتخاب قائمة أو تكتل شبابي مستقل “قادر على إجراء تغييرات حقيقية داخل الأراضي الفلسطينية”.
وتوضح أن “الجيل الشاب أحق في استلام دفة الحكم، وتسيير المؤسسات الرسمية، بعيداً عن نظام التعيين الذي يتم على أساسه اختيار المسؤولين؛ وهم بالعادة كبار في السن غير قريبين من الجيل الشاب ولا يعرفون تطلعاتهم أو متطلباتهم”.
بدورها، تقول عبير الغول (39 عاماً)، عضو اللجنة المركزية لحزب “الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني” (فدا) بغزة: إنها تدعم تشكيل قوائم شبابية في الانتخابات، ذات وعي ونضج سياسي، قادرة على تقديم التغيير المنشود.
وتضيف أن فلسطينيين لم يعد لديهم “الثقة بمن يحكم في الوقت الحالي، ولن يقبل بتكرار هذه التجربة”.
وتشير إلى أن الشباب الفلسطيني “مليء بالحماسة ويرغب في المشاركة بهذه العملية، لينتزع دوراً أساسياً فيها”.
من جانبه، يقول صمود بشارات (32 عاماً)، من الضفة الغربية: “نتمنى أن تكون انتخابات إيجابية، وأن تفرز قيادة جديدة تعطي الشباب حقهم وتلبي طموحاتهم”.
ويشير بشارات إلى أنه سينتخب قائمة شبابية في حال استطاع الشباب بلورة قائمة ذات مهنية ومصداقية، ولديها طموح ووعي سياسي.
ويضيف: “نحن شعب تحت الاحتلال، ولدينا عديد المشكلات بحاجة إلى من لديه الوعي الكافي للتعامل مع مثل هذه التحديات”.
ولأول مرة يشارك بشارات في عملية انتخابية في حال حدوثها، ورغم تحمسه فإنه يستبعد أن تجري، ويقول: “هذا إحساسي ما يصير انتخابات، تجربتنا السابقة لحركتي “فتح” و”حماس” تدلل على ذلك”.
ويتابع: “ما نسمعه من قيادات الحركتين أن الانتخابات مسألة إعادة ترتيب شرعية، للخروج بحكومة ومجلس تشريعي ورئاسة بشكل قانوني”.
ويردف: “العالم يريد حكومة ورئاسة بمقاييس محددة، كوننا تحت احتلال، لذلك لا أرى أن الانتخابات في هكذا ظروف تعكس نبض الشارع”.
ويدعم طارق الخضير (29 عاماً)، تشكيل قائمة شبابية لخوض الانتخابات التشريعية، قائلاً: “الشباب بإمكانه أن يحدث التغيير، ويعيد صنع القرارات والسياسيات، ورفع سقف الحريات”.
ويضيف: “الدمج بقائمة وحدة وطنية شبابية يكون جيداً أيضاً”، معبراً عن تطلعه أن يحدث الشباب مفاجأة في الانتخابات.
الشاب جواد قنداح (27عاماً)، يقول لـ”الأناضول”: إنه “يتطلع لأن يقود الشباب دفة الحكم في المرحلة القادمة”، مشيراً إلى أنه مع تشكيل قائمة شبابية، وسينتخبها.
ويضيف: “أعتقد أنه يمكننا نحن الشباب أن نخرج بالوضع الفلسطيني من عنق الزجاجة، عبر سياسة عامة تعطي الشباب دوراً ريادياً في القيادة سواء السياسية أو الاقتصادية”.