في سياق الحديث عن القروض وآثارها الاجتماعية والاقتصادية على المواطن الكويتي، كان من المهم استجلاء الرأي القانوني في الأمر؛ فكان لـ»المجتمع» هذا الحوار مع المحامي طارق الغانم؛ حيث تطرق للعديد من التساؤلات القانونية التي لا يستغني عنها المواطن.
هل يعاني المواطن الكويتي من مشكلات قانونية بسبب القروض؟
– نعم بالتأكيد، فالمشكلات القانونية التي تلاحق المواطن جراء أعباء القروض مشكلات جمة، سواء مدنياً أو على الصعيد الجزائي؛ فتبعات القرض لا تقتصر على علاقة المقترض بالبنك فحسب، وإنما تمتد إلى ما قد يبرمه من تصرفات يسعى من خلالها إلى حلحلة العبء المادي المترتب على الأقساط، ناهيك عما يتزامن مع إجراءات التنفيذ من حجوزات وأوامر ضبط ومنع سفر.
هل الشركات والبنوك ملتزمة بالأطر القانونية لمنح القروض للمواطن؟
– إلى حد ما هناك التزام، ولكن في كثير من الأحيان يكون هناك تقدير خاطئ لمبالغ الفوائد بالزيادة عن المحدد من قبل البنك المركزي، كما أن هناك ثغرة تتعلق بالرهونات العقارية التي تخول للبنك بموجب عقد الرهن حق بيع العقار وفاء للمديونية إذا ما انخفضت قيمته السوقية بالنسبة لتقدير البنك عن قيمة المديونية.
هل يحق للشركات أن تمنح قروضاً لمن لم يبلغ سن 21 عاماً، خصوصاً للطلبة في الكليات والمعاهد؟
– أرى أن الأصل العام هو عدم جواز منح قروض لمن هم دون 21 عاماً؛ نظراً لما يترتب عليه القرض من آثار قانونية.
ما حجم القضايا المرفوعة ضد المواطنين في مسألة القروض؟
– تزخر المحاكم بمطالبات قضائية تتعلق بمسألة بالقروض، وبكل صراحة هناك قضايا اجتماعية (أحوال شخصية بسبب القروض)، فالتعثر ينصرف أثره إلى كافة الجوانب الحياتية، ومن بينها المشكلات الأسرية.
قروض الزوجة للزوج أو العكس في حالة الطلاق، ما الإطار القانوني لها؟ وهل يحق للزوج أو الزوجة إرجاع القرض؟
– إن كان المقصود هو الكفالة؛ أي كفالة القرض، فلا علاقة لتلك المسألة بالعلاقة الزوجية، ويظل الكفيل ضامناً.
لا يوجد سند قانوني للمطالبة بإسقاط القروض وإنما تستند للضمانات الدستورية وحقوق المواطنة
هل المطالبة بإسقاط القروض لها سند قانوني؟
– المطالبات الحالية لا يوجد سند قانوني لها، وإنما تستند إلى الضمانات الدستورية وحقوق المواطنة.
ما يقدمه نواب مجلس الأمة من مقترحات لإسقاط القروض هل له وجه قانوني أو دستوري؟
– نعم بالتأكيد، ولها سوابق أيضاً نعلمها جميعاً.
في ظل ما تراه من قضايا وأوامر أداء على المواطنين، هل يجب تفعيل المادة (25) من الدستور الكويتي التي تنص على “تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة، وتعويض المصابين بأضرار الحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية”؟
– المشكلة ليست في تفعيل المادة (25) من الدستور، وإنما في الخلاف الذي تثيره مسألة القروض بوجه عام على الصعيد الشعبي والسياسي؛ فالمساواة بين المواطنين تقتضي منح مزايا مالية لغير المقترضين مساواة بينهم وبين من اقترض وتحملت الدولة عبء قرضه، وأيضاً هناك مسألة أخرى تتعلق بضرورة استبعاد غير المتعثرين حتى لا يختلط الحابل بالنابل، كل ذلك يتطلب دراسة تشريعية واجتماعية متأنية كي لا يُمتطى القانون من أصحاب المنافع ويصير وسيلة لتربح ضعاف النفوس.
هل يحق للمواطن المتعثر طلب إنقاذه من المحكمة وإيجاد حلول قانونية لحفظ كرامته والابتعاد عن السجن؟
– هناك وسائل عدة لجدولة القروض بإمكان المواطن التفاوض مع البنك بشأنهـا، وفي حالة التنفيذ بموجب سند تنفيذي فإن لقاضي التنفيذ بناء على طلب صاحب الشأن وفقاً لملاءته المالية أن يقسط المبلغ المحكوم به عليه.
“قانون الإفلاس للمواطن وليس للشركات”، ما المقصود بهذا الكلام؟
– مبدئياً، ينبغي أن نوضح أن الإفلاس لا ينطبق إلا على التاجر بالمعنى القانوني، أما قانون الإفلاس كموضوع فنوجزه في حق التاجر الذي اضطربت أعماله المالية وتوقف عن سداد ديونه أن يطلب إشهار إفلاس نفسه، وهو إجراء خطير وله تبعاته القانونية، ولا أعتبره حلاً لموضوع القروض.
كلمة أخيرة.
– موضوع القروض ومشكلاتها ينبغي أن تكون في منأى عن الشعبوية والسجالات التي تنتج عنها؛ فالموضوع دقيق وله آثار اقتصادية واجتماعية تجعل من اللائق تصدي أصحاب التخصص والخبرة الاقتصادية والقانونية لوضع تشريع مناسب يوازن بين العامل الاقتصادي والاعتبار الاجتماعي على حد سواء.
كما ننصح في هذا الإطار أصحاب الأعمال وكافة شرائح المواطنين أن يكون الاقتراض عند الضرورة القصوى وفي حدود القدرة المالية، ونهيب بالجميع مراعاة أن الأصل في الاتجار هو رأس المال القائم وليس الاقتراض عليه، بما من شأنه أن يؤدي إلى الهلاك والضياع للمال كله أو بعضه.