أكد عضو مجلس الأمة النائب حمد المطر أن المعارضة في الكويت قد تختلف في بعض الأدوات، لكنها متحدة في مواجهة الفساد، ووضع استحقاقات الشعب على سلم الأولويات، داعياً الحكومة للاستجابة لمطالب المعارضة حتى تكون حكومة إنقاذ.
جاء هذا في الحوار الذي أجرته معه «المجتمع»، الذي تطرق لعدد من القضايا المهمة على الساحة الكويتية؛ مثل التشكيل الحكومي، وتقييم تجربة التعليم عن بُعد، وأزمة أصحاب المشاريع الصغيرة، وملف العفو الخاص، وملفات الفساد، وغيرها من القضايا التي تشغل بال المواطن.
بداية، ما رأيكم في التشكيل الحكومي؟
– بالنسبة لي التشكيل لا يعني شيئاً، لأنه لا يوجد لدينا نظام برلماني حقيقي، بحيث تأتي الحكومة من رحم المجلس حسب الأغلبية البرلمانية، بل نحن في نظام كويتي عشائري، توجد انتخابات، لكن لا توجد ديمقراطية حقيقية، ونستطيع تسميتها بالخلطة ذات الخصوصية الكويتية، نعم نحن نفتخر بوجود الدستور الذي يتيح لنا هامش الحريات، لكن الكويت -بكل أسف- تأخرت في موضوع الحريات، وتأخرت في المبادرات، وتقدمنا –للأسف- في موضوع الفساد، ولذلك تقييمي للحكومة هو ماذا يفعلون؟ وكيف يتعاونون مع المجلس؟ وكيف يتعاونون مع الاستحقاقات الشعبية والنيابية، ومطالبات النواب؟ وماذا يقدمون للشعب الكويتي؟ من هنا يبدأ التقييم.
أما الأشخاص بالنسبة لي فأنا أحترمهم وأقدرهم، وعلى علاقة طيبة معهم، وأعتقد أن تقييمهم سيكون من خلال أعمالهم لا أسمائهم.
هناك من يقول: إن الحكومة نجحت في تفتيت المعارضة، هل هذا الكلام صحيح؟
– ينبغي علينا جميعاً أن تكون لدينا رسالة واضحة ضد الفساد، والمعارضة متفقة في هذا؛ فنحن قد نختلف في بعض الأدوات، لكننا متحدون في مواجهة الفساد، ووضع استحقاقات الشعب على سلم الأولويات، لذا أستطيع القول: إن الحكومة لم تنجح في تفريقنا، بل نحن الذين نجحنا في الحرص على تماسكنا، فمجموعة الـ«16»، ومجموعة الـ«7» لديهم ملفات مشتركة؛ وبالتالي المعارضة متحدة وليست متفرقة.
هل التأزيم مستمر بين الحكومة والبرلمان؟
– السؤال الذي يطرح نفسه: هل الحكومة حكومة إنقاذ أم حكومة حل؟ وسوف أجيب عن هذا السؤال: ستكون الحكومة حكومة إنقاذ إذا استجابت لمطالب المعارضة، تحديداً لبيان مجموعة الـ«16»، الذي وضع طوق النجاة ليس له، وليس للمجلس، بل للكويت، فنحن قلنا بمصالحة وطنية، وعفو خاص كريم، وحزمة من القوانين يتم إقرارها من الجلسة الأولى، هنا نستطيع القول: إن الحكومة حكومة إنقاذ.
عادت الكويت للحظر الجزئي للحد من انتشار فيروس “كورونا”، فما رأيكم في ذلك؟
– نحن بمشاهداتنا اليومية، نلاحظ زيادة أعداد المصابين بفيروس «كورونا»، والمصابون هم أهلنا وأصدقاؤنا، وأمام زيادة أعداد المصابين، هل الإجراءات التي تتم سليمة؟ أعتقد أن هناك بعض الأخطاء لا بد من تصحيحها، فليس من المعقول إغلاق النوادي، ثم فتحها بعد أسبوعين، وكذلك صالونات الحلاقة، فلا يصح أن يكون الحظر من الخامسة مساء إلى الخامسة صباحاً؛ لأنه قبل الإعلان عن الحظر كان ينبغي النظر إلى المؤسسات وإدارة حوار معها لمعرفة الأوقات المناسبة للحظر.
كذلك هناك تصاريح خروج بعدم التعرض لحاملها؛ لذا كان ينبغي قبل الإعلان عن الحظر أن تكون هناك دراسة ذات شفافية، وتراعي التقارير التي كانت تصدر من قبل عن عدد الكويتيين وعدد غير الكويتيين، وعدد الإصابات في المحافظات، لأن هذا الموضوع يخصني ككويتي، وبالتالي نستطيع التركيز على منطقة دون أخرى، وأنا كعضو مجلس أمة ليس لديَّ معلومات، نحن نسمع تصريحات من الوزارة، لكن لا يوجد مجلس!
هل طلبتم لقاء مع وزير الصحة؟
– كانت هناك جلسة خاصة، ولم أوقّع عليها ولم أحضرها، نتيجة موقف سياسي، أما الآن فمن الممكن أن نقوم بعمل استجواب للوزير، حتى نقف على الأرقام وحقيقتها.
ماذا بشأن ملف “العفو”؟
– الصحف كلها تتحدث عن سكة القطار (الإنجاز في ملف العفو)، وهناك مبادرة من الأخ العزيز الوزير عبدالله الرومي، وهناك جهود مكثفة مع جميع الكتل، نحو العفو الخاص الكريم، ونحن نعتقد أن هذه القضية ستكون الدافع للاستقرار السياسي.
بصفتكم رئيس اللجنة التعليمية والثقافية في مجلس الأمة، هل نجحت وزارة التربية في ملف التعليم عن بُعد؟
– في البداية كان هناك تخبط كبير، حيث تعاملوا مع منصة أسسها أحد الأشخاص وكانوا يعتقدون أن المسألة لا تزيد على أسبوع أو أسبوعين، ثم اتضحت الأمور واتضح أن الأزمة عالمية، ثم اضطروا للذهاب إلى «تيمز»، وتصور أن وزارة لديها عقد مع «مايكروسوفت»، كيف تتعامل مع منصة أسسها أحد الأشخاص؟! وبالتالي حدث نوع من التخبط، وبصراحة المدارس الخاصة سبقت التعليم العام، حيث مضت قدماً في المنصات، واستمرت.
هل يمكن العودة للمدارس في ظل استمرار جائحة “كورونا”؟
– نحن لدينا رؤية في هذا الملف، فأخطار الإصابة بـ»كورونا» أقل بكثير من استمرار الابتعاد عن المدارس والجامعات؛ لأن ذلك يساهم في التدهور التعليمي، وبالتالي نحن ندعو إلى العودة إلى المدارس والجامعات، فبريطانيا، على سبيل المثال، ينتظم طلابها في رياض الأطفال؛ لأنها المرحلة الأساسية التي يتشكّل فيها الأطفال، ولا ينفع معه التعليم عن بُعد، كذلك لا يستطيع الأطفال التركيز، وبالتالي أرى أن هذه القرارات تحتاج مراجعة، ونأمل في المستقبل القريب إعادة إعداد الخطة والعودة إلى التوازن، من خلال الرجوع إلى الأصل وهو الدراسة التقليدية.
نفهم من ذلك أنك ضد التعليم عن بُعد؟
– لست ضده، فنحن أمام هذه الظروف الاستثنائية، وهناك قرارات مزعجة، فالعالم كله يطبق نظام التعليم عن بُعد، وليس من المعقول أن نخالف النظام العالمي، لأننا نخاف على أولادنا كما يخافون على أولادهم، وكل المؤشرات تدل على أننا في بداية النهاية، فنحن حالياً نواجه الموجة الثانية في ظل وجود اللقاح، ونتمنى من الحكومة أن تعمل على تطعيم الكويتيين وغير الكويتيين؛ وبالتالي العودة التدريجية لعملية التعليم التقليدية، لأنه إذا كنا تعطلنا عن التعليم لمدة عام، فلا يعني أننا تأخرنا لمدة عام فقط، بل تأخرنا أكثر من ذلك بكثير، ونأمل أن يعود الوضع الطبيعي تدريجياً، إن شاء الله تعالى.
نشاطكم المتميز واضح للعيان في اللجنة التعليمية والثقافية، متى نرى جامعة كويتية ثانية؟
– القانون موجود ويحتاج إلى تطبيق، فقانون (76/ 2019) في إحدى مواده تؤول جميع المباني لجامعة الكويت سابقاً إلى جامعة «عبدالله السالم»؛ لذا فمن المفترض أن لدينا حالياً جامعة أخرى يتم تفعيلها، ولذلك فعلى وزير التعليم العالي الإسراع في التنفيذ، خصوصاً أننا أرسلنا له كل المقترحات، فنحن سبقنا الوزارة، وعقدت اللجنة التعليمية 12 اجتماعاً.
وهذه رسالة للدكتور الفاضل والزميل محمد الفارس أن يقوم بتشكيل لجنة، وإصدار مرسوم بشكل عاجل لإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات الحكومية، التي على إثرها نستطيع تفعيل الجامعة الحكومية الثانية، واسمها حسب القانون جامعة “عبدالله السالم”.
وزارتا التربية والتعليم العالي تفتقدان للقيادات الوسطى، هل تتفق مع هذا القول؟
– مع «كورونا» وتعطل الوزارات، المؤسسات الأكاديمية كلها «تصفر»! فجامعة الكويت لا يوجد فيها مدير بالأصالة، وهيئة التعليم التطبيقي لا يوجد بها مدير، ولا عمداء ولا رؤساء أقسام، والتعليم العالي كذلك، حيث يوجد فيها وكيل تعليم بالإنابة، ومدير جامعة بالإنابة، ومدير تطبيقي بالإنابة، ومعهد الأبحاث بالإنابة، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي مديرها بالإنابة، وبالتالي هذا الأمر يستدعي من الوزير أن يقوم بتشكيل لجانه ويتم اختيار الأكفأ والأفضل، وإن لم يتم ذلك سوف ندفع ثمن قراراتنا الخاطئة.
هل هناك توافق على قانون “المرئي والمسموع”؟
– نعم، يوجد توافق حكومي ونيابي، فلا هناك سجن لمغرد، ولا مجال لحبس احتياطي، وسوف يتم تطبيقه بأثر رجعي، لأن أحكام السجن، إذا صدر قانون بمصلحته يفسر ويطبق لصالح المتهم، وسوف نناقش قريباً الإعلام المرئي والمسموع، وهذا إنجاز في حد ذاته، فلا تطبيق عقوبة أو حبس احتياطي لأي مغرد، لأن لنا خصوصية في هذا الموضوع.
متى نرى الحزام الأخضر في الكويت؟
– هذه الفكرة مطروحة منذ الثمانينيات، وهناك دراسات موجودة خاصة بها، فالتلوث أنواع، ونحن -بفضل الله تعالى- قمنا بمعالجة تلوث البحر، أما تلوث البر ما زلنا نعاني منه، وهو ما يضاعف تلوث الجو.
من المعروف أن رئة العالم هي الغابات الموجودة في أمريكا الجنوبية، وبالتالي لكي نصنع رئة للكويت ينبغي أن ننفذ الحزام الأخضر، وهذا يحمي الكويت من الرمال المتحركة والساكنة، ويزيد من نسبة الأكسجين، ويساعد في تخفيض عوادم السيارات، وهذا ما يسمى بالنظام البيئي الصحيح، وللأسف الحكومة لا تضع هذه الأمور المهمة ضمن أولوياتها.
نحن لدينا حكومة، ولدينا هيئة للزراعة، وعندنا وزارة صحة، ونمتلك إمكانات هائلة، ولدينا مجلس أمة، وعندنا متخصصون في مجال البيئة، إذن لا يوجد أي عائق يمنعنا من حل هذه المشكلة.
لذا؛ على الحكومة أن تُدرج هذه المشكلة ضمن أولوياتها، أو يتم فرض ذلك عليها من قبل اللجنة البيئية، وهذا ما سيحدث، إن شاء الله تعالى.
كلجنة تعليمية بالمجلس، هل تقومون بالتنسيق مع جمعية المعلمين، وغيرها؟
– نعم لدينا تنسيق، لكن حينما اجتمعنا بقيادات تربوية تفاجأنا بأن هناك لجنة مشتركة بينهم وبين وزارة الصحة للعودة التدريجية للمدارس إلى ما بعد «كورونا»، ولم تكن في الاجتماع جمعية المعلمين، لذا حرصنا على دعوتها، وبالفعل في اليوم الثاني حضرت الاجتماع، ولن يكون هناك أي قرار سواء من اللجنة التعليمية أو مشروع بقانون، أو اقتراح بقانون، أو لجان حكومية، إلا في وجود الممثل الشعبي، سواء على مستوى التربية أو على مستوى التطبيقي ورابطة التدريس، أو على مستوى جامعة الكويت، ويمثلها جمعية أعضاء التدريس، ناهيك عن الاتحادات الطلابية، وحضور مثل هذه المؤسسات يؤدي إلى ترشيد القرار والإحساس بالمسؤولية.
ماذا عن شريحة أصحاب المشاريع الصغيرة، خاصة أنها موجودة في كل بيت كويتي تقريباً؟
– لدينا مشكلة تضخم في بند الرواتب بشكل مخيف، ولدينا أناس يسعون لمعالجة هذه المشكلة، ويسعون للتطوير في ظل المخاطرة بالبعد عن الراتب الثابت والمضمون، من خلال العمل في القطاع الخاص، ثم حدثت جائحة «كورونا»، والجميع تأثر بها، وخاصة العاملين في القطاع الخاص، فليس من المعقول أن تترك الحكومة هؤلاء يعانون من الخسائر، دون أن تمد لهم يد المساعدة، فهؤلاء وفروا على الحكومة الملايين، لذا لا بد من دعمهم ومساعدتهم، لأننا شاهدنا ولمسنا إبداعاتهم وتميزهم، واستجابتهم لقرارات الحكومة التي فرضت عليهم نسبة من العمالة، لذا إن لم تقم الحكومة بمساعدة هؤلاء في محنتهم، فسيحدث تكدس في الوظائف الحكومية، التي تفتقر لأي مشاريع، والبوابة الرئيسة في العمل الحكومي هي البترول، خصوصاً أن الكويت دولة نفطية وهي عبارة عن «حقل» و»ميناء»، وهذا يؤدي إلى خلل كبير.
لذا لا بد من تنويع مصادر الدخل، عبر تعزيز القطاع النفطي، وهناك مبادرات عديدة؛ كالبرميل الذهبي، والكويت عاصمة النفط في العالم، وهذه ليست مشاريع وهمية، وغير قابلة للتطبيق، بل هي مشاريع ستوفر مئات الآلاف من الوظائف خلال العقدين القادمين، فالكويت بإمكانها أن تُبدع في خلق وظائف كثيرة من وراء تعزيز القطاع النفطي وتطويره.
هناك من يدَّعي بأن نواب المجلس عقبة للتنمية، وفي تطور المشاريع، ما رأيك؟
– حينما تم التعدي على الدستور في عام 1986م، ولم يكن حينها مجلس أمة موجوداً، بعدها حدث الغزو، وفي عام 2012م، آخر مجلس عليه القيمة بسبب قوة التشريع، ومن عام 2012 إلى 2020م، كانت هناك مجالس وفيها أناس ممتازون، لكن لا توجد أغلبية، وكان نتيجة ذلك زيادة الفساد، بالأدلة والبراهين، وتمثل ذلك في الإيداعات وصندوق الجيش، وغيرها من القضايا، كل ذلك تم في عدم وجود مجلس أمة حقيقي، أو عدم وجود مجلس في الأساس، وبالتالي هذه أسطوانة مشروخة؛ لأن سبب توقف التنمية وتعطيل المشاريع يكون من جانب الحكومة؛ لأنها السلطة التنفيذية، خصوصاً أن رئيس السلطة التنفيذية يقول: إن معظم الوظائف التي تمت كانت من خلال الواسطة؛ وبالتالي إذا كانت الحال كذلك، كيف نتكلم عن التنمية؟!
مرافق المؤسسات الحكومية ترهلت، وتوقفت التنمية، وزاد الفساد، والشيء الوحيد الذي صار له مؤسسة هو الفساد، ولذلك طغى على كل المؤسسات؛ لذا لا بد من مواجهته، من خلال مجلس الأمة.
الحكومة في المنتديات الدولية تعلن عن نفسها أنها حكومة ديمقراطية، تحترم الدستور والقانون، وأن هناك برلماناً لا يتم البت في أي قانون أو قرار إلا من خلاله، مع أننا قمنا بتقديم قرارات لصالح الشعب ومصلحة الأمة، وسننظر ماذا ستفعل الحكومة تجاه تلك القرارات.
كلمة أخيرة؟
– أشكر مجلة «المجتمع» على هذا الحوار، هذا الصرح الإعلامي الإسلامي بالحلة الكويتية، وهي واحدة من المؤسسات الصحفية العريقة التي نفتخر بها، وأنا سعيد بهذا اللقاء.