توقع محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل معاودة الانشطة الاقتصادية في البلاد للنمو خلال العام الحالي مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) “سوف تستغرق بعض الوقت”.
وأضاف الهاشل في لقاء مع مجلة (ذا بانكر) نشر اليوم الأحد أن التدخلات المبكرة للسياسة النقدية والتحوطية والمالية في بداية الجائحة حالت دون تضرر الطاقة الانتاجية للدولة على نحو حاد ما يساعد على التعافي السريع بعد السيطرة على الجائحة.
وأوضح إن هناك “حالة من الضبابية تكتنف التوقعات الاقتصادية في الوقت الحالي” إذ مازلنا في خضم الجائحة لافتا إلى أن التفاؤل الناتج عن توفر اللقاحات وبدء حملة التطعيم في البلاد حسن من المزاج العام ورفع التوقعات بشأن الأوضاع الاقتصادية.
وبين أنه على الرغم مما نتج عن الجائحة من إغلاقات وهبوط لأسعار النفط وخفض الانتاج وأدى لتراجع الناتج المحلي لاسيما بالنصف الأول من عام 2020 إلا أننا نتوقع عودة تلك الأنشطة للنمو الإيجابي هذا العام.
وأشار المحافظ الى أن ما يدعو للتفاؤل أن التدخلات المبكرة للسياسة النقدية والتحوطية منذ بداية الجائحة حالت دون تضرر الطاقة الإنتاجية للدولة على نحو حاد وفي ذلك مبعث للأمل في التعافي السريع بعد السيطرة على الجائحة.
وأفاد أنه حتى قطاعات الأعمال التي تعتمد على الاتصال المباشر مع عملائها بدأت في التكيف مع الظروف التشغيلية المتغيرة قدر الإمكان ويمكن لنا أن نأخذ الارتفاع الملحوظ في مبيعات المطاعم عبر الإنترنت مثالا على ذلك.
وتابع أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط وهو أعلى مستوى له خلال سنة واحدة يبشر بنمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي وغير النفطي في الكويت.
وعن خطوات حماية القطاع المصرفي قال الهاشل إنه تم بالفعل بتطبيق العديد من الإجراءات الداعمة لترسيخ متانة القطاع المصرفي وسلامته بحيث يظل قادرا على تزويد قطاعات الاقتصاد الوطني بمختلف الخدمات والمنتجات المالية بكفاءة عالية دون انقطاع في هذه الظروف الضاغطة.
وأضاف أن (المركزي) بادر إلى خفض سعر الفائدة بمعدل تراكمي 25ر1 نقطة مئوية خلال مارس 2020 لينخفض بذلك من 75ر2 في المئة إلى 5ر1 في المئة وهو المستوى الأدنى تاريخيا ما أدى إلى تيسير شروط التمويل وأعباء خدمة الدين بشكل ملحوظ على كل فئات المقترضين.
وأشار إلى قيام (المركزي) أيضا بتخفيف بعض التعليمات الرقابية وأدوات سياسة التحوط الكلي لمواجهة أي معوقات في السيولة ومساعدة البنوك في هذه الظروف على أداء دورها الحيوي كوسيط مالي.
وعن نمو الائتمان أوضح أن معدل نمو الائتمان المحلي شهد في 2020 مستوى صحيا مسجلا 5ر3 في المئة مقارنة بالعام السابق لافتا إلى أن بعض القطاعات سجلت نموا مضاعفا في الائتمان ومنها القروض الاستهلاكية والخدمات العامة والزراعة والصيد.
وذكر أن من بين القطاعات الأخرى التي سجلت نموا ملحوظا قطاعات النفط الخام والغاز بنسبة 4ر8 في المئة والقروض المقسطة بنسبة 3ر6 في المئة والقروض العقارية 5ر3 في المئة.
وبين أنه وفقا لهذه الأرقام فإن معدل نمو الائتمان لم يكن جيدا فحسب وإنما كان واسع النطاق أيضا متوقعا استمرار نمو الائتمان بنفس المستوى الجيد في عام 2021 نظرا لعودة الأعمال إلى نشاطها والارتفاع المتوقع في الإنفاق الرأسمالي مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الائتمان.
وحول القروض غير المنتظمة أوضح أن جودة أصول البنوك على مستوى مجمع شهدت تراجعا طفيفا في 2020 بزيادة نسبة التعثر بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 2 في المئة لافتا إلى تأجيل أقساط القروض وتدابير السياسة النقدية الداعمة ساعدت على إبقاء معدلات التعثر عند مستويات منخفضة.
وأشار إلى أن البنوك الكويتية دخلت هذه الأزمة من مركز قوة إذ بلغ معدل تغطية القروض غير المنتظمة 271 في المئة ومعدل صافي القروض غير المنتظمة 5ر1 في المئة بنهاية عام 2019 وهو أدنى مستوى له خلال عقد من الزمن.
وأضاف الهاشل أن البنوك الكويتية في وضع مريح يمكنها من مواجهة هذه الأزمة حيث يوفر معدل تغطية القروض غير المنتظمة الحالي البالغ 222 في المئة المصدات اللازمة لمواجهة أي صدمات محتملة.
وقال إن البنوك حافظت على مستويات وفيرة من السيولة خلال الأزمة ووصل معدل تغطية السيولة ومعدل صافي التمويل المستقر إلى 2ر184 في المئة و3ر114 في المئة على الترتيب بنهاية 2020 مقارنة بالنسبة المقارنة المطلوبة عند مستوى 100 في المئة.
وبين أن نسبة السيولة الرقابية بلغت 5ر27 في المئة مقابل المستوى المطلوب 18 في المئة وزاد معدل كفاية رأس المال للبنوك خلال العام ليصل إلى 19 في المئة وهو أعلى من النسبة المقررة بموجب تعليمات بنك الكويت المركزي أو متطلبات لجنة (بازل).
وتابع أن انخفاض أسعار الفائدة مع تراجع إيرادات الفوائد يساعد على إبقاء تكاليف خدمة الدين في مستويات منخفضة ما يساعد أيضا على الانتظام واحتواء مخاطر الائتمان والسيطرة على مخصصات خسائر القروض.
وعن الخدمات المالية الرقمية ذكر الهاشل أنه منذ اندلاع جائحة (كورونا) فقد شهدت تطبيقات واستخدامات المدفوعات الرقمية طفرة غير مسبوقة وهو ما يدل عليه النمو في قيمة وعدد المعاملات من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية مقارنة بالمعاملات التي تمت من خلال أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع.
وأشار إلى أن معاملات الدفع عبر بوابة المدفوعات الإلكترونية قفزت في 2020 مقارنة ب2019 سواء من حيث قيمة تلك المعاملات التي ارتفعت بنحو 121 في المئة أو من حيث عددها الذي ارتفع بنحو 90 في المئة.
ولفت إلى أنه نتيجة لذلك فإن المعاملات عبر بوابة المدفوعات الإلكترونية تمثل حوالي 20 في المئة من المدفوعات الإجمالية التي تشمل العمليات من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية وأجهزة الصرف الآلي وأجهزة نقاط البيع وذلك من حيث القيمة الإجمالية للمعاملات وكذلك من حيث عددها.
وعن حملة (لنكن على دراية) التي اطلقها (المركزي) مؤخرا قال الهاشل إنها تهدف إلى نشر الثقافة المالية في المجتمع وزيادة الوعي لدى الجمهور بدور القطاع المصرفي وكيفية الاستفادة من الخدمات المتنوعة التي تقدمها البنوك على الوجه الأمثل.