أعلنت النائبة العامة الأوكرانية إيرينا فينيستوفا العثور على 410 جثث تعود لمدنيين في مدينة بوتشا قرب العاصمة كييف، بعد استعادة السيطرة عليها مؤخراً من قبل الجيش الأوكراني.
وأضافت، في بيان عبر “تويتر”، أمس الأحد، أن عمليات البحث والإنقاذ متواصلة في كل شبر من مناطق كييف.
وأكدت فينيستوفا مواصلة الجهود لتحديد هويات الضحايا والشهود إلى جانب جمع الأدلة والمشاهد الكافية حول الحادثة.
ويتهم الجانب الأوكراني الجنود الروس بقتل مدنيين قبل الانسحاب من المدينة، إلا أن موسكو عادةً ما تنفي مثل هذه الاتهامات.
إبادة جماعية
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي: إن الجيش الروسي عذّب وقتل العديد من المدنيين في مستوطنات بالقرب من العاصمة كييف، واصفاً ذلك بـ”الإبادة الجماعية”.
وأوضح زيلينسكي، في مقابلة مع قناة “CBS” الأمريكية، أن انسحاب القوات الروسية من بعض المناطق الأوكرانية يعد خطوة تكتيكية.
وأضاف أن الجيش الروسي يصب تركيزه حالياً على شرق أوكرانيا، ويقوم بحشود كبيرة بهدف ربط شبه جزيرة القرم مع منطقة دونباس.
وشدد الرئيس الأوكراني على ضرورة محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجميع القادة العسكريين الروس المتورطين في مقتل المدنيين بأوكرانيا.
وفي 24 فبراير الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.
وتشترط روسيا لإنهاء العملية تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف “تدخلاً في سيادتها”.
إدانة دولية
وأدان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن روسيا بسبب العثور على جثث مدنيين في مدينة بوتشا.
وذكر بلينكين، في بيان، اليوم الإثنين، أن بلاده ستستخدم كافة الأدوات المتاحة لمعاقبة المسؤولين عن مذبحة المدنيين في بوتشا، وأنهم سيوثقون العنف الحاصل هناك.
من جهته، طالب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس الأحد، بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الجثث الـ410 التي عثر عليها، قرب العاصمة الأوكرانية، كييف.
وأعرب، في بيان، عن صدمته برؤية جثث المدنيين في مدينة بوتشا الأوكرانية، داعياً إلى التحقيق في مقتل المدنيين الأوكرانيين، مطالباً بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الحادثة.
مدينة مدمرة
باتت فظائع الحرب راسخة في يوميات “بوتشا” بحيث ما تبقى من سكانها يمرون أمام الجثث من دون إلقاء نظرة إليها.
في الأيام الأخيرة، انسحبت القوات الروسية من بلدات عدة قريبة من العاصمة بعد فشل محاولتها تطويق كييف، ويغادر الجيش الروسي منطقتي كييف وتشيرنيهيف في شمال أوكرانيا بهدف تنفيذ إعادة انتشار شرقاً.
وأعلنت أوكرانيا أن بوتشا “حُررت”، إلا أن دماراً وسعاً جداً لحق بالمدينة جراء المعارك، وشهد صحافيو وكالة “فرانس برس” أبنية سكنية فقدت واجهاتها فضلاً عن عدد كبير من السيارات المدمرة.
وفي دليل على عنف المعارك التي دارت، ينتشر الركام وأعمدة الكهرباء الساقطة في هذا الشارع في بوتشا، وقد تعرضت متاجر ومقاهٍ ومنازل للحرق أو التدمير، وتبدو كل المساكن المجاورة مهجورة.
وشهدت بوتشا ومدينة إيربين المجاورة بعضاً من أشرس المعارك منذ هاجمت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير، عندما كان الجنود الروس يحاولون تطويق كييف.
وقاومت المدينتان، إلا أن الثمن كان باهظاً جداً مع فرار غالبية السكان من عمليات القصف المتواصلة والهجمات الصاروخية.
لا يزالون خائفين
وتمكنت القوات الأوكرانية من الدخول إلى بوتشا قبل يوم أو يومين فقط، الدخول إليها تعذر طوال شهر تقريباً وكانت محرومة من المساعدات.
وبدأ السبت الماضي توصيل أولى السلع الأساسية الملحة، فيما لا يتوقع دفن القتلى سريعاً.
ويوزع جنود أوكرانيون المواد الغذائية والأدوية على السكان في مؤخر شاحنة عسكرية فيما هناك جثة مغطاة بشرشف أبيض على مسافة حوالي 100 متر فقط.
ويقول يوري بيرييكو، العضو في فريق تطوعي للدفاع عن الأراضي الأوكرانية الذي يشرف على توزيع المساعدات: إن سكان بوتشا لا يزالون خائفين ومصدومين.
ويضيف: لا يمكن تصور الظروف التي مروا بها خلال هذا الشهر مع قصف مدفعي ومن دون إمدادات وأي إمكان للخروج.
الأشخاص الذين بقوا في بوتشا مسنون بغالبيتهم، وقد اجتمعت حفنة من المسنين في مركز يقدّم الطعام مجاناً في الهواء الطلق إلى جانب سيارة لادا صفراء ثقبت إطاراتها.
ويروي هؤلاء كيف أن الجنود الروس اقتحموا الشقق في الطابق الأخير من المبنى الذي يسكنوه والعائد إلى الحقبة السوفييتية ونهبوا وسألوا امرأة مسنة إن كانت تمتلك أسلحة.
وأشار هؤلاء إلى أنهم أحصوا أكثر من 70 آلية مصفحة روسية تغادر المدينة باتجاه معاكس لكييف فيما توقف القصف منذ الخميس.