1- خالد بن الوليد يهدم معبد العزى:
في الخامس والعشرين من شهر رمضان 8هـ/ 15 يناير 630م بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه لهدم الأصنام ومنها العزى، فهدم معبد “البُسّ” وقطع شجراتها الثلاث المقدسة، كما بعث عمرو بن العاص رضي الله عنه لهدم سواع، وبعث سعد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه لهدم مناة، فأدَّى كل منهم مهمته بنجاح، والعزى هي من آلهة العرب التي عبدها أهل مكة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وقد كانت العزى بيتًا بنخلة يعبدونه ويعظمونه كما يعظمون الكعبة، على ثلاث شجرات مقدسة عندهم، وفيها شيطانة، فيعبدون البيت ويطوفون به، وتكلمهم هذه الشيطانة من داخله، فتزيدهم غياً إلى غيهم، وضلالاً إلى ضلالهم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه فهدم البيت، وقطع الشجرات الثلاث، وقتل الشيطانة، وقد روى قصة هدمه عدد من العلماء وأصحاب الصحاح منهم الإمام النسائي والبيهقي وابن سعد في الطبقات الكبرى وابن كثير في البداية والنهاية، أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: “ارجع فإنك لم تصنع شيئا”، فرجع خالد فلما أبصرت به السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الجبل، وهم يقولون: يا عزى، فأتاها خالد فإذا هي امرأة عريانة، ناشرة شعرها، تحتفن التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: “تلك العزى”، وذكر الإمام علي بن برهان الدين الحلبي في كتابه “السيرة الحلبية”: “أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي حين فتح مكة خالد بن الوليد رضي الله عنه في ثلاثين فارسًا من أصحابه إلى العزى، وهو صنم كان لقريش، وكان معظمًا جدًّا، وفي لفظ: العزى نخلات، أي سمرات مجتمعة؛ لأنه كان يهدى إليها كما يهدى إلى الكعبة؛ لأن عمرو بن لحي أخبرهم أن الرب يُشَتِي (يقضي الشتاء) بالطائف عند اللات، ويُصَيف عند العزى (يقضي الصيف)، فلما وصل إلى محلها، وكان بناء على ثلاث سمرات، فقطع السمرات، وهدم ذلك البناء، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فقال له: هل رأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فارجع إليها، فرجع خالد وهو متغيظ، فجرد سيفه، فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ثائرة الرأس تحثو التراب على رأسها، فجعل السادن يصيح بها، (يقول) يا عزى عوّريه، يا عزى خبليه، فضربها خالد فقطعها نصفين وهو يقول: يا عز كفرانك لا سبحانك ** إني رأيت الله قد أهانك ـ ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم تلك العزى”، وتعد العزى طرفًا في الثالوث الإلهي الذي يجمعها مع اللات ومناة، وتأتي في المرتبة الثانية بعد اللات ثم مناة؛ وكانوا يعتقدون أيضا أنها من بنات الله فكانت قبيلة قريش وقبيلة كنانة تخصها بالعبادة ويعبدها أيضاً كل من والاهم(1).
2- معركة عين جالوت:
في الخامس والعشرين من رمضان عام 658هـ/ 9 سبتمبر 1260م، انتصر المسلمون بقيادة المجاهد سيف الدين قطز في المعركة الخالدة عين جالوت، حيث قهرت الجيوش المصرية التتار الذين قتلوا ملايين البشر من المسلمين وغيرهم، وقضوا على الخليفة ودولة الخلافة وعاصمتها بغداد في عام 656هـ – 1258م، فبعدما سحق التتار كل الإمارات الإسلامية من الصين في أقصى الشرق مرورًا بوسط آسيا وإيران والعراق والشام، فلم يتبقَّ لهم في حصادهم البشري إلا مصر، التي لو سقطت حينها لأمكن للتتار أن يرتعوا في القارة الأوربية، فضلاً عن إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي، لا يردهم في ذلك رادٌّ، وبكل صلف وغرور، وبعدما احتل التتار بمعاونة الصليبيين وبعض الخونة ممن ينتسبون للإسلام اسمًا – بلادَ الشام، أرسلوا رسالة فيها من التهديد والوعيد إلى سلطان مصر قطز، يخبروه فيها بضرورة تسليم مصر بكل هدوء حتى لا تكون كمثيلاتها من البلدان الأخرى، ولكن المجاهد المؤمن لا يغتر بمثل هذه التُّرَّهات، ومن ثَمَّ أمر بقطع رءوس الرسل المغول وتعليقها في أبواب القاهرة؛ لطمأنة عموم الناس، وبثّ الأمل والثقة فيهم، وعلى الفور أمر قطز بجمع الجيوش بمعونة من كبار العلماء كالعالم المجاهد سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام رحمه الله، فسارت القوات الإسلامية صوب الشام لملاقاة التتار، ولم تنتظر مصيرها في بلدها كالبلاد الأخرى، “وبلغ ذلك كتبغا نائب هولاكو على الشام، فجمع مَن بالشام مِن التتر، وسار إلى قتال المسلمين ومعه صاحب الصبيبة السعيد بن العزيز بن العادل بن أيوب، والتقوا في الغور يوم الجمعة 25 رمضان عام 658هـ الموافق 9سبتمبر 1260م، فانهزمت التتر هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين، وقُتل مقدمهم كتبغا واستؤسر ابنه، وتعلق من سلم منهم برؤوس الجبال وتبعهم المسلمون فأفنوهم، وهرب من سلم إلى الشرق، وجرد قطز بيبرس البندقداري في أثرهم، فتبعهم إلى أطراف البلاد، وكان أيضًا في صحبة التتر الأشرف موسى صاحب حمص ففارقهم وأمّنه قطز، وأقرّه على حمص، وأما صاحب الصبيبة فأُحْضِرَ أسيرًا بين يدي قطز، فضربت عنقه لما اعتمد من السفك والفسق، وأحسن قطز إلى المنصور صاحب حماة، وزاده على حماة وبارين المعرَّةَ، وكانت بيد الحلبيين من سنة 635هـ، وأخذ سَلَمِيَّة منه وأعطاها أمير العرب، وأتم المظفر قطز السير بالعساكر وصحبه المنصور صاحب حماة إلى دمشق، وتضاعف شكر العالم لله تعالى على هذا النصر العظيم من بعد اليأس من النصرة على التتر؛ لاستيلائهم على معظم بلاد الإسلام، ولأنهم ما قصدوا إقليمًا إلَّا فتحوه، ولا عسكرًا إلا هزموه، ويوم دخوله دمشق شنق جماعة من المنتسبين إلى التتر، منهم حسين الطبردار مُوقِع الملك الناصر في أيدي التتر”(2)، وبهذا النصر الساحق، التأم شمل المسلمين في مصر والشام والحجاز تحت قيادة الدولة المملوكية، ولم تقم للتتار قومة بعدها، وذلك بفضل الإيمان الراسخ والثقة في الله تعالى، وكان ذلك النصر من الانتصارات الباهرة في شهر رمضان المبارك(3).
___________________________________
(1) “السيرة الحلبية” – الإمام علي بن برهان الدين الحلبي – “البداية والنهاية” – الإمام ابن كثير – “الأصنام” – لابن الكلبي.
(2) تاريخ ابن الوردي (2/ 201).
(3) بتصرف من موقع “قصة الإسلام”.