لم يكن الشيخ أحمد القطان، يرحمه الله تعالى، شخصية عادية؛ بل كان مدرسة دعوية تخرجت على يديه أجيال؛ فقد كان صاحب قضية عادلة وواضحة؛ وهي إحياء فريضة الجهاد في وقت غاب الجهاد فيه، وأصبحت الأمة غثاء كغثاء السيل، وعلا فيها الوهن والركون للدنيا، ولذا لم يكن رحيله عادياً؛ بل كان رزءاً كبيراً ومصاباً عظيماً للأمة كلها وللدعوة والدعاة.
كان، يرحمه الله، داعية من طراز فريد، استخدم كل الوسائل لتبليغ الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فمرة تراه خطيباً، وأخرى محاضراً، وثالثة كاتباً وأديباً، ورابعة مربياً يشارك الشباب في مخيماتهم وأنديتهم وينصح لهم وينشد معهم الأناشيد، وخامسة مصلحاً اجتماعياً.. كان غارقاً في بحر الدعوة إلى الله تعالى.
لقد وضع الشيخ القطان بصماته في كل المجالات، لكنه تميز بالدفاع عن المسجد الأقصى الذي سخَّر منبره له؛ حتى أُطلق عليه «خطيب مسجد الدفاع عن الأقصى»، فاستطاع على مدى أكثر من 40 عاماً أن يشعل جذوة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.
وقد شاء الله عز وجل أن يُقبض الشيخ قبل عدة أيام من إصدار هذا العدد من مجلة «المجتمع»، لكننا آلينا على أنفسنا إلا أن نفرد الصفحات الأولى من العدد لإلقاء الضوء على حياة الشيخ الجليل؛ وفاءً له وتقديراً لجهوده، مدركين في الوقت نفسه أن هذا جهد المقل؛ فشخصية مثل الشيخ القطان جديرة بأن تحبر فيها الكتب والمصنفات التي تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد.
ونحن إذ نستشعر تقصيرنا تجاه الشيخ الراحل؛ نجد العزاء فيما سطره محبوه حول العالم على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي جاءت بصورة عفوية معبرة عن هذه المشاعر الدفاقة تجاه فقيد الأمة؛ إحياء لتراثه الدعوي والتربوي والشرعي.
وإذا كان الشيخ القطان، يرحمه الله، انتقل إلى رحاب ربه عز وجل؛ فقد بقيت القضايا التي تبناها، وبقي إرثه الدعوي من خطب ومقالات وكتب ومواد إعلامية كثيرة.
رحم الله الداعية والشيخ والمربي والخطيب أحمد القطان، وغفر له، وجزاه عن الأمة خير الجزاء، وأخلفنا فيه خيراً.