عبر عدد من الخبراء عن تخوفهم من الخطوة التي تقوم بها إثيوبيا، المتعلقة بتعلية البناء في الممر الأوسط من “سد النهضة” تمهيداً للملء الثالث؛ وهو ما يهدد دول المصب، ويؤكد اعتزام أديس أبابا بتنفيذ خططها المتعلقة بالسد دون اكتراث لاعتراضات دول المصب.
ودعا الخبراء، في تصريحاتهم لـ”المجتمع”، إلى ضرورة اتخاذ خطوات فعالة وجادة من جانب دول المصب لوقف هذه الخطوات التي تهدد حياة شعوبها، مطالبين باستعمال القوة في هذا الصدد إذا فشلت كل الأساليب السياسية أو اللجوء المحافل الدولية لتدارك الأمر قبل أن تكون المهمة مستحيلة لاحقاً، متهمين من يتأخر أو يتواطأ في اتخاذ هذه الخطوات بالخيانة العظمى.
وكان أستاذ الموارد المائية عباس شراقي قال، مؤخراً، في تصريحات صحفية: إن إثيوبيا بدأت مجددًا رفع البناء في الممر الأوسط لسد النهضة استعدادًا لملء جديد، وهو ما أكده وزير الري الأسبق محمد نصر علام، مؤكداً أن موقف دول المصب ليس كافياً تجاه الممارسات الإثيوبية التي تخدع القاهرة والخرطوم برسائل اطمئنان غير صادقة.
لا بديل عن الحل العسكري
في هذا السياق، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري: لم تعد الحلول السياسية مجدية، وعليه يجب مطالعة ما تخطط له إثيوبيا من أساليب مختلفة، وهنا يمكن القول: إنه لا بديل عن القوة، والخلاف هنا في نوع القوة والمستهدف منها وليس في المبدأ نفسه؛ فإما أن يتم استخدام القوة العسكرية المباشرة في تدمير قدرة السد الرئيس بتربيناته بقصف جوي كثيف وثقيل، وإما استخدام هذه القوة في تدمير سد السرج لمنع إثيوبيا من التخزين، وإما أن يتم استخدام القوات الخاصة كعملية مخابراتية لتدمير التوربينات أو تفجير نقاط ضعيفة في منطقة السد الرئيس أو سد السرج لإخراج أحدهما من الخدمة.
ويضيف خضري، في حديثه لـ”المجتمع”: وطرح أي حل غير ذلك من اتفاقيات سياسية أو حلول دبلوماسية؛ فهو تفريط في حقوق مصر والمصريين، وهذا فقط إذا افترضنا سفه النظام المصري وعدم تقديره للأمور، أما إذا كانت عملية طرح الحلول السياسية أو الدبلوماسية عن عمد لإعطاء إثيوبيا فرصة ملء السد؛ فهي خيانة عظمى يجب أن يحاكم عليها من يقوم بها طال الأمد أم قصر.
وأنهى كلامه بالقول: الملاحظ أن النظام بدأ الأزمة بالتوقيع على “اتفاق المبادئ”، الذي أعطى قبلة الحياة لهذا المشروع وسهل له التمويل، وهناك حالة من التعتيم واللف والدوران على هذه القضية المصيرية التي تهدد مصر والمصريين، بما يوحي بوجود اتفاقات غير منشورة بين النظام والبنك الدولي المالك الحقيقي للسد بالشراكة مع بعض الشركات متعددة الجنسيات، ومن الواضح أن هؤلاء يعلمون يقيناً خوف النظام من نشر تلك الاتفاقات.
المحكمة الأفريقية
من جانبه، قال خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير: إن موقف دول المصب واضح للعيان بالموافقة على بناء السد بكل تفاصيله ومراحله وحتى الرسوم لا جديد بشأن ذلك، لافتاً إلى عدم وجود أي تناقض مع الموقف الإثيوبي، وما تم الاتفاق عليه، وبناء السد يتم بخطوات محسوبة ومعلومة من قبل؛ وهو ما وافقت عليه دول المصب في أمريكا، في فبراير 2020م.
وأضاف أبو الخير لـ”المجتمع”: الحل هو اللجوء للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لإصدار حكم بوقف العمل في السد، ولكن دول المصب لن تلجأ لذلك أبداً لأنهم متورطون في هذه الجريمة وموافقون عليها، وتلك جريمة خيانة عظمى يجب المحاكمة عليها.
التطمينات غير كافية
أما وزير الري الأسبق محمد علام فكتب، على حسابه بـ”فيسبوك”، قائلاً: يتحدث البعض في مصر من علماء ومراقبين عن التعلية القائمة لسد النكبة، ويحذرون من رد فعل سلبي لمصر إذا تم تخزين جديد (ثالث) للمياه أمام للسد، كلام كتير ولكنه في رأيي ليس في الإطار ولا التوجه المفيد، وذلك بالرغم من أن التعلية محدودة، والتخزين أيضاً سيكون محدوداً، وسبب محدودية التعلية هو الوضع الاقتصادي الصعب عالمياً، وشديد السوء في إثيوبيا، هذا غير موجات المجاعة وسوء الأحوال بعد الحرب الأهلية الطاحنة هناك، ذلك بالإضافة إلى محاولة استدراج مصر تدريجياً، وسط بلاهة عالمية مفتعلة؛ لتكون أمام الأمر الواقع، وهناك ردود إثيوبية مقصودة بأنه لن يكون هناك إضرار بمصر أو السودان من السد والتخزين، ويعطون البرهان بأنه ليس هناك نقص في المياه في أي من البلدين، وردود الفعل الرسمية للدولتين، في رأيي، ليست كافية في هذه القضية المصيرية.