يحذر باحثون في شؤون القدس من أن 2023 سيكون عاماً صعباً على المسجد الأقصى المبارك بسبب السياسة التي تنتهجها الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، وتوصف بأنها الأكثر تطرفاً بتاريخ الكيان الغاصب.
11 مطلباً للجماعات المتطرفة
وفي تطور أخير، بعثت جماعات الهيكل المتطرفة بداية العام الجاري برسالة إلى مفوض شرطة القدس تحدد فيها جدول أعمالها ضد المسجد الأقصى في عهد المتطرف إيتمار بن غفير الذي اقتحم باحاته، أمس الإثنين، لأول مرة منذ توليه منصب وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال الجديدة.
#فيديو | جانب من اقتحام الإرهابي بن غفير للمسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلال.#الأقصى_في_خطر pic.twitter.com/KcQgwitPd5
— قناة الأقصى الفضائية (@SerajSat) January 3, 2023
الرسالة حملت 11 مطلباً ضد “الأقصى”، وهي:
1- تمديد ساعات اقتحام المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك.
2- السماح للمستوطنين المقتحمين بأداء كامل الصلوات والطقوس التوراتية في المسجد.
3- فتح الباب للاقتحامات طيلة أيام الأسبوع، وعدم إغلاق المسجد بوجه المتطرفين يومي الجمعة والسبت.
4- السماح بإدخال ما يسمونها “الأدوات المقدسة” إلى المسجد الأقصى، وتشمل: رداء الصلاة والقبعة ولفائف التوراة وتابوت العهد والأبواق والقرابين النباتية والحيوانية.
5- تحديد موقع لكنيس يهودي داخل المسجد الأقصى.
6- إنهاء مرافقة الشرطة “الإسرائيلية” للمتطرفين خلال جولاتهم الاقتحامية.
7- السماح باقتحام المسجد من جميع الأبواب، وعدم اقتصار ذلك على باب المغاربة الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال منذ احتلال شرقي القدس عام 1967.
8- عدم إغلاق المسجد الأقصى أمام المقتحمين خلال المناسبات الإسلامية.
9- إعلان “الحق المتساوي” لجميع الأديان في “الأقصى”.
10- إلغاء سياسة الإبعاد عن “الأقصى” بحق اليهود.
11- فتح باب كنيس المحكمة التنكزية الخاضع حالياً لسيطرة وزارة الحرب أمام جميع اليهود.
وبذلك، أشار أستاذ دراسات بيت المقدس د. عبدالله معروف إلى أن جماعات “المعبد” تكون قد وضعت جدول أعمالها للفترة المقبلة بين يدي وزيرها الذي تسلم حقيبة الأمن القومي، وأفصحت من جديد وعلى لسان المستشار القانوني لمؤسستها الحاخامية المركزية عن أجنداتها الثلاث في “الأقصى”، وهي:
1- التقسيم الزماني التام.
2- التقسيم المكاني بتخصيص كنيس داخل “الأقصى”.
3- التأسيس المعنوي للهيكل بأداء كامل الطقوس التوراتية فيه وإدخال جميع “الأدوات المقدسة” التوراتية إليه.
وقال الباحث في شؤون القدس زياد أبحيص، في تعليقه على تزامن هذه الرسالة مع إعلان بن غفير نيته اقتحام “الأقصى” وفي اليوم الأول من مباشرة حكومة الاحتلال الجديدة أعمالها بقيادة نتنياهو: إن 2023 عام المعركة على “الأقصى” منذ يومه الأول، وواجبنا أن نوجه كل الطاقات إلى معركة “الأقصى”، وإلا فنحن لا نستحقه.
وأشار أبحيص إلى أن عام 2023 مرشحٌ لأن يشهد 5 مواسم اقتحام كبرى؛ أولها في الأسبوع الثالث من شهر رمضان الذي سيوافق ما بين 6-12/ 4/ 2023، ثم الخميس والجمعة 18 و19/ 5/ 2023 في الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
إحلال ديني
ونبه أبحيص إلى أن الحكومة الصهيونية الجديدة تشكل خطراً غير مسبوق على المسجد الأقصى المبارك وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مشيراً إلى أنها تضع سياسة الشرطة تجاه تلك المقدسات بيد وزير الأمن القومي الجديد إيتمار بن غفير، التلميذ المباشر للحاخام المتطرف مائير كاهانا، وتضع ما يسمى بالإدارة المدنية في الضفّة الغربية بيد زميله اللدود بتسلئيل سموتريتش الذي يتبنى مقولة ضمّ المناطق “ج” من الضفة الغربية بالكامل، وصاحب مشروع البنية التحتية الاستيطانية الشاملة للضفة الغربية إبان توليه وزارة المواصلات.
ولفت إلى أن الاتفاقات المشكّلة لهذه الحكومة حملت مقترحات لعدة قوانين، مثل قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين المدانين بقتل صهاينة، وقانون تعزيز الاستيطان وإدخال كامل البؤر الاستيطانية إلى شبكات المياه والكهرباء، والتعزيز الخاص للاستيطان في الخليل، وقانون سحب الجنسية والإبعاد من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 في حال أقدم أي منهم على عمل أمني ضدّ الاحتلال.
من جانبها، حذرت مؤسسة القدس الدولية من أن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى هذه المرة يختلف عن أي اقتحامٍ سابق له، فهو إعلان سيادة وهيمنة على “الأقصى”، ورسالة بأن زماناً جديداً قد افتُتح تسيطر فيه الصهيونية الدينية على المسجد الأقصى المبارك، لتطلق يد متطرفيها فيه بالتقسيم الزماني والمكاني وأداء الطقوس التوراتية فيه، على طريق الإحلال الديني الذي تطمح من خلاله إلى إزالة المسجد الأقصى من الوجود.
وقالت المؤسسة، في بيان لها: إن إعلان بن غفير الذي جاء في اليوم ذاته الذي تلقّى فيه رسالة من “جماعات المعبد” المتطرفة تشمل 11 مطلباً ضد “الأقصى”، بينها تخصيص كنيس داخله والسماح بكامل الطقوس التوراتية وما يسمى الأدوات المقدسة وتمديد ساعات الاقتحام، يؤكد تكامل الأدوار بين الوزير وهذه الجماعات التي ينتمي إليها عضوياً، التي شكلت قاعدته الانتخابية التي حملته للفوز في الانتخابات.
وشددت على أن المسجد الأقصى مسجد إسلامي بمشيئة إلهية خالصة، وبتجربة حضارية فريدة على مدار 14 قرناً من زمن الحكم الإسلامي لـ”الأقصى”، وليس لبن غفير ولا لشارون من قبله ولا لأي إنسان على وجه الأرض أن يُبدِّل في هذه الحقيقة الراسخة.
سياسة إفراغ “الأقصى”
وأوضح الباحث في الشأن المقدسي علي إبراهيم أنّ ما حقّقه الاحتلال على مستوى العدوان على “الأقصى” في عام 2022 سيشكل قاعدة تنطلق منها حكومة الاحتلال التي توصف بأنها الأكثر يمينية وتطرفًا، ما يجعل 2023 عامًا صعبًا وخطيرًا.
وقال إبراهيم: إنه بناء على دور “جماعات المعبد” في الحياة السياسية “الإسرائيلية”، ووصول أحد أبرز أوجهها، وهو إيتمار بن غفير، إلى وزارة الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، فإنّ شهية هذه الجماعات ستزداد لتحقيق قفزة جديدة في أعداد مقتحمي المسجد “الأقصى”، وترسيخ الأعياد اليهودية مواسم للاستفراد بالمسجد، وأداء الطقوس اليهودية العلنية، إضافة إلى استمرار ترسيخ “أولوية” الأعياد اليهودية، عندما تتزامن مع الأعياد الإسلامية.
وأكد أنّ سلطات الاحتلال ستمضي في سياسة إفراغ الأقصى بالتزامن مع هذه الأعياد، عبر ممارسة المزيد من الضغط على المرابطين عبر الاعتقال والإبعاد المتكرر، وتقليل وصول المصلين من خارج القدس المحتلة، وخاصة من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وأشار إلى أن ذلك سيعطي مزيداً من التطمينات لـ”جماعات المعبد” المتطرفة، وتحقيق ما تسعى إليه من حيث حجم الصلوات اليهودية التي تؤدى في “الأقصى”، أو من حيث “تدعيم” جسر باب المغاربة ما سيسمح بإدخال مزيد من المستوطنين للمشاركة في الاقتحامات.
وفي 29 ديسمبر الماضي، أعلن نتنياهو عن حكومته المكونة من 31 وزيرًا، من بينهم 16 وزيرًا يؤيدون فكرة “المعبد” ويتبنّون مطالب “جماعات المعبد” المتعلقة بالعدوان على الأقصى؛ وكان إيتمار بن غفير، الذي استلم وزارة الأمن القومي، تعهّد في مرحلة المحادثات لتشكيل الحكومة بالعمل على تغيير الوضع القائم حاليًا بشأن صلاة المستوطنين اليهود في “الأقصى”، وتنبئ تشكيلة الحكومة بأنّ المرحلة القادمة ستكون شديدة الخطورة فيما خصّ المسجد الأقصى، والقدس عمومًا.